تواصل » صحف ومجلات

(عسيري) يرصد لـ(حقوق الإنسان بجنيف) شهادات التعذيب بالسجون السعودية

في 2015/09/21

شؤون خليجية -

طالب الناشط الحقوقي السعودي، يحيى عسيري- رئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان، السلطات السعودية بتشكيل لجنة مستقلة تمامًا تتخصص وتتفرغ للتحقيق في شكاوى التعذيب، على أن تكون مستقلة عن السلطة بشكل كامل، وتعمل وفق المادة ١٣ من الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب، ناقلًا عدد من شهادات من تعرضوا للتعذيب جاءت على لسانهم في التقرير الشهير للدكتور محسن العواجي الداعية السعودي والناشط السياسي، عن التعذيب في سجون المباحث السعودية.

وشدد "عسيري"، خلال مداخلته عبر "سكايب" في الندوة التي عقدت، اليوم الخميس، بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف تحت عنوان "التعذيب في السعودية"، على أن ضحايا التعذيب وذويهم يجب أن يحصلوا على تعويضات عادلة ومجزية، وفقًا للمادة ١٤ من الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب.

وطالب الناشط الحقوقي، في كلمته التي لم يتمكن من استكمالها لانقطاع الإنترنت، وحصل "شؤون خليجية" على نصها، المملكة السعودية بالتوقع والمصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وذلك لوضع آلية تسمح بزيارات الهيئات الدولية والمحلية المستقلة للسجون، ومراقبة إذا كان التعذيب لا يزال قائمًا.

ودعا السلطات السعودية إلى السماح لمنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات غير الحكومية لدخول السجون والحديث مع السجناء بانفراد وحرية، مشيرًا إلى أن السلطات السعودية يجب أن تسمح لمنظمات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية بالعمل بحرية واستقلال في الداخل السعودي.

وأكد "عسيري" على أن إجراء كهذا يعيد الضمانة إلى أولئك الذين يخافون الحديث عن معاناتهم لزمن طويل، أن يعودوا ويتحدثوا عن التعذيب بجرأة، وذلك من شأنه إنهاء المعاناة.

وشدد على أن المحاكم أمامها واجب المعاملة الخاصة لأولئك الذين يخضعون للمحاكمة، للتأكد من عدم وجود أدنى الاحتمالات أن تكون أقوالهم التي يدلون بها في المحاكم قد انتزعت قسرًا تحت أي شكل من أشكال التعذيب، وكل اعترافات تحت التعذيب يجب ألا تستخدم مطلقًا، وذلك وفق المادة ١٥ من الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب.

وقال "عسيري": "لكي نفهم الوضع في السعودية بشكل جيد فإنه يجب علينا العودة إلى العام ٢٠٠٠، وذلك كون حالة فريدة من نوعها كان لها أثر كبير وطويل الأجل لفهم الوضع، ولمعرفة لماذا لا يستطيع من تعرضوا للتعذيب الحديث عن ذلك".

وأضاف: "في العام ٢٠٠٠ كان الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حينها، طلب من الدكتور محسن العواجي تقريرًا عن التعذيب في السجون السعودية، مدعيًا عدم معرفته بما يجري، فعمل الدكتور على كتابة تقرير سري عرف فيما بعد بتقرير العواجي، ووعد الأمير نايف بحماية الشهود ومعاقبة المتورطين، ولكن كان من الصعب جدًا على الشهود التصديق والاطمئنان للوعود والمضي قدمًا للإدلاء بشهادتهم".

وتابع "عسيري": "تقدم عشرون شاهدًا فقط للمشاركة في التقرير والإدلاء بشهاداتهم مكتوبة بخط أيديهم، وكان هذا التقرير فرصة فريدة لمن تعرضوا للتعذيب للإدلاء بشهاداتهم عن التعذيب الذي عانوه، وذلك بتعهد بحمايتهم من وزير الداخلية نفسه".

ونقل بعض الأمثلة من التقرير من شهادات الشهود، علمًا بأن كل شخص منهم تعرض للتعذيب لفترات طويلة جدًا، وصل بعضهم إلى 10 سنوات، ولكن هذه مجرد أمثلة:

- الشاهد الأول كان طالبًا في المملكة المتحدة، وعند سفره للسعودية في إجازة العيد تم اعتقاله من المطار، واتهم بنقص الولاء، وذلك كونه يسكن في بريطانيا مع أحد أقاربه الذي عرف لاحقًٍا أنه جزء من المعارضة، تعرض الشاهد للجلد بالعصي وأسلاك النحاس الغليظة حتى رأى لحمه يتقطع ويتناثر على الأرض، حرم من النوم لمدد وصلت ١٦ يومًا متواصلة، وذلك بتعليقه في السقف حتى أصيب بالهلوسة. تم نزع ملابسه وكان الضباط يطفئون سجائرهم في جسده، وتم تعليقه بقدميه في الزنزانة وتعرض للتحرش من الضباط مرات متكررة.

وفي أثناء التعذيب وعندما هدد الشاهد بأنه سيشتكي إلى وزير الداخلية كان الرد مباشرة بسخرية، أن الأوامر بتعذيبه صدرت من الأمير نايف نفسه، وأن الأمير سوف يقوم بترقية الضابط لو علم أنه اغتصبه.

- الشاهد الثاني تم تعذيبه أمام زوجته بعد أن تم استدعاؤها لترى التعذيب، وهدده الضباط باغتصاب زوجته إذا لم يعترف بمسؤوليته عن تفجيرات العليا، وتحت التهديد باغتصاب زوجته أقر على نفسه بأنه مسؤول عن التفجير. ولاحقًٍا اعتقلت السلطات وأعلنت عن من قام بالعملية، والذين لم يكن له علاقة بهم، ثم تم الإفراج عنه.

- الشاهد الثالث علق بقدمه في سقف السجن باستخدام الكلبشات، وبسبب وزنه كسرت الكلبشة وسقط على الأرض فانهال الضباط عليه ضربًا بتهمة كسر الكلبشة، حتى فقد وعيه وتم نقله إلى المستشفى.

- الشاهد الرابع كان يصعق كهربائيًا أمام زوجته، وتم ضربه لمدة ثلاث ساعات بلا توقف من قبل ١٥ ضابطًا يتناوبون على ضربه.

- الشاهد الرابع أحضروا له شخصًا وقالوا إنه طبيب ونساء وولادة، وذلك ليقوم بوضع العصي في الشاهد الرابع.

وقال "عسيري": "إن تقرير العواجي كان فريد من نوعه، بسبب أن الشهود تجرأوا على ذكر تلك المآسي، بسبب الضمان الذي أعطي لهم، وهذا ما لم يحدث لاحقًا".

وأضاف: لكن الذي حصل بعد التحقيق هو التالي:

- الضباط الذين تورطوا في التعذيب تم كف أيديهم عن العمل مع استمرار مرتباتهم، وبعد زمن عادوا إلى أعمالهم وتمت ترقيتهم! لا نعلم ما الذي حصل للشهود، ومن الواضح أنهم لم يعودوا للحديث مرة أخرى، ولا نعلم لماذا؟".

وأكد أن تأثير ذلك هو أنه لم يعد أحد من الضحايا يجرؤ على الحديث عن بشاعة ما عانى منه من تعذيب على يد السلطة بصراحة، ليس من شهود عام ٢٠٠٠ فقط بل حتى اليوم، كل الجرائم في السعودية يتم إخفاؤها، وهناك خوف رهيب للحديث عن المعاناة والتعذيب خوفًا من العودة للتعذيب.

وتساءل "عسيري": "إذا كانت السلطات السعودية ومازالت لا تعلم عن التعذيب، فلماذا توجد أماكن وغرف وكذلك معدات مخصصة للتعذيب إذا لم يكن ذلك التعذيب ممنهجًا لدى السلطات السعودية؟"، مستطردًا: "هذا الوضع يجب أن يتوقف حالًا".