فاطمة البكيلي- المدينة-
بعد حادثة رافعة الحرم، كان نِصَاب المُخْلِص «من القدح في الذمة» كنِصَاب المُقصِّر تمامًا، فهَذا مِثل ذَاك.. وكذلك لم تسلم دولتنا المعطاءة هي الأخرى من سهام النقد والاتهام بالتقصير، وكان التعميم مُتصدِّرًا المشهد برمّته.
لم يطّلع أولئك ولم يصل إلى عِلمهم عن منظومة المُخلصين بحق وحقيق، والذين كانوا ومازالوا يقفون صفًا واحدًا.. هؤلاء يُخطِّطون وأولئك يُنفِّذون وآخرون يُتابعون ويَرصدون.
فهل يعني إن حدث وتفلّت أحدهم، أو خالف وأخلَّ بأمانة المسؤولية.. أن تزر وازرة وزر أخرى!؟.
المخطئ يتحمّل تبعات خطئه، والعقاب من جنس العمل.
وبما أن الخطأ هذه المرة كان مختلفًا كليًّا، والخلل كان بائنًا بينونة كبرى، ولجسامة الضررالذي خلّفه الحادث، جاء البيان الصادر من الديوان الملكي، والخاص بالعقوبات والقرارات الصارمة، وكذلك التعويضات، رسالة واضحة وقوية وتحذيرًا لكافة المسؤولين عن تنفيذ المشروعات التي تشهدها البلاد عامة.
إن القائد الذي يجعل من القيادة طريقًا للبذل والتسخير المُطلق صوب مسار متوازٍ من الغايات والأهداف المشتركة، يضع نصب أعيننا قاعدة راسخة.. وهي أن خدمة ضيوف الرحمن والمعتمرين ليست تكسُّبًا ولا تلميعًا لواجهة أو تبييضًا للوجوه، بل هي ثابت دينيّ وأخلاقي بالدرجة الأولى، يتعدَّى أثرها أي غاية شخصية أو سياسية أو اقتصادية، ولا مجال فيها لا للمجاملة أو المداهنة أو التراخي، وأن مثل هكذا شرف لا يُؤدي متطلباته الجسيمة على هذا الوجه إلا من ملَّكه الله سمة القيادة الباذلة بتمامها وكمالها دون شرطٍ أو قيد.
خلاصة القول وتمامه.. طوبى لقائدٍ جعل مصالح العامة غاية، والقيادة وسيلة، وأقبل بكُلِّيتِهِ يشارك هنا ويتفاعل هناك، نائيًا بنفسه عن الركون إلى ما يصل إلى سمعه، معتمدًا على ما تراه عيناه دون زيفٍ أو مزايدة أو تدليس.
كان الله في عون مَن إذا تقاذفتهم المكائد والصعاب من كل حدبٍ وصوب، جعلوا من الصبر دثارًا، والحكمة تاجًا ونبراسًا.
كان الله في عون مَن سَعَى جِاهدًا؛ ليس لمنفعة خاصة، إنما خدمةً للدين والوطن والمسلمين كافة.
كان الله في عون المخلصين المُؤثِّرين على أرض الوطن، وكافة المسؤولين عن خدمة ضيوف الرحمن، بدءًا بالقيادة الرشيدة، وانتهاءً بأصغر موظف في كتيبة التكاتف والتضافر المشهود لها بالتأثير، الذي يضع بصمته فوق أي مُهمّة ينجزها.
كان الله في عونهم.. فالأمانة تقتضي كمال الوفاء، والحمل ثقيل، وهُم أهل له بإذن الله، وهم يُدركون أيضًا أن في عظم المسؤولية المُلقاة على عاتقهم شرف ما بعده شرف.. فشرّفهم الله وشرّفنا بهم من فضله.