تواصل » صحف ومجلات

الإمارات تفرض كلمتها على مستقبل اليمن.. وموقف السعودية يثير التساؤلات

في 2015/09/21

شؤون خليجية -

تمتلك دولة الإمارات اليد العليا في اليمن وسط حقائق متصاعدة تكشف يومًا يعد يوم أن إدارتها للملف الأمني في اليمن ومعركة تحرير صنعاء بثقل مشاركة قواتها البرية يدفعها بقوة لإدارة ملفات أخرى أكثر خطورة تتعلق بطريقة إدارة الدولة والعلاقة مع مكوناتها السياسية والشعبية وطريقة تقاسم السلطة في المدن المحررة والشخصيات المرشحة للمناصب القيادية فيها.

وبعد تأكيد أنباء تدخل الإمارات لإقالة القيادي الإصلاحي نايف البكري من منصب محافظ عدن، وتغلغلها في إدارة العمليات القتالية الآن في مأرب ثم صنعاء يؤكد ابتداء اتجاهها لإقصاء قيادات حزب الإصلاح المحسوب على الإخوان المسلمين من السلطة، ما يؤشر على إجهاض مبكر وهضم لحقوق القيادات الشعبية ومكتسباتهم، ويثير مخاوف بشأن تقديم تنازلات للمتمردين الحوثيين "الشيعة المسلحة" والمخلوع عبد الله صالح في المفاوضات القادمة أو إدارة المفاوضات وفق الشروط والمصالح الإماراتية بعد أن أثبتت التجربة سريان القرار الإماراتي ولو بعد حين حيث سبق وأبدت اعتراضها على تولي البكري من الأصل وفي أقرب فرصة تم استبعاده وتهميشه.

استئصال قيادات الإصلاح

وكانت قد أجبرت دولة الإمارات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على الإطاحة بمحافظ عدن نايف البكري، بسبب انتمائه لحزب الإصلاح الممثل للإخوان المسلمين في اليمن، على الرغم من الإجماع الذي يحظى به البكري بين أبناء المدينة وفصائلها المقاومة، وقرر هادي إقالة البكري من منصبه محافظا لمدينة عدن، وتعيينه وزيرا للشباب والرياضة.

وبحسب مصدر حكومة يمني مطلع فإن "هادي أبلغ البكري أن الإمارات طلبت منه استبعاده من منصبه عدة مرات"، وأكد أن الرئيس طرح على بكري القيام بزيارة أبو ظبي والتباحث مع المسؤولين فيها لإقناعهم بأنه شريك جيد للعمل داخل عدن، خاصة بعد انفراد الإمارات بملف المدينة الأمني والاستخباري والاقتصادي، ولكن الإماراتيين رفضوا ذلك الطرح.

وكشف رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" فتحي بلرزق في صفحته على "فيس بوك" أنه يعارض قرار استبدال البكري لأسباب كثيرة، ومنها "أنه الأنسب حتى الآن لمدينة عدن، وأن البدائل المعروضة حاليا لا ترتقي إلى ربع جهد البكري وعطائه"، حسب قوله.

وقال "بلرزق": "ما فهمته من الأطراف التي تحدثت لي هو أن بقاء الكثير من قيادات الإصلاح على رأس السلطة المحلية والإدارات الحكومية في عدن عرقل عمل الإمارات، وأربك المشهد، والأطراف الفاعلة كانت تنتظر من البكري أن يغير وجه السلطة المحلية بشكل كامل، بحيث لا تضطر الأطراف العربية إلى التعامل مع الإخوان أو الشخصيات المنتمية لحزب صالح وغيره".

بحاح والحوثي وأبو ظبي

فيما تنذر التدخلات الإماراتية في اختيار قادة المقاومة وعزلهم بتفكك الجبهة الداخلية حيث أعلنت المقاومة الشعبية في عدن في بيان لها وقوفها إلى جانب محافظ عدن، وشددت فيه على دعمها الكامل للبكري، ووصفته برجل المرحلة، محذرة من "أي قرارات غير مسؤولة قد تدخل البلاد في صراعات لا تحمد عواقبها".

وتعيد المواقف الإماراتية إلى الأذهان عداءها الشديد لجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب المنبثقة عنها بما يكشف عن استئصال مبكر لقياداتها قد ينعكس على شكل الدولة والانتخابات المقبلة، وسط مخاوف من ترجيح الإمارات كفة خالد بحاح في مقابل الرئيس عبدربه هادي حيث يبدو الأول أكثر تجاوبا مع تطلعاتها في اليمن والتي تشترك مع الحوثيين في الانتقام والاستئصال للإسلاميين ومحاولة تقسيم اليمن لشمالي وجنوبي والتلكؤ في تحرير صنعاء.

هيمنة عسكرية

سيطرة وهيمنة الإمارات على قرارات التحالف والحكومة اليمنية ليس مفاجئا بل كان متوقعا عقب تسلمها لأهم الملفات الأمنية والعمليات القتالية وبعد تكبدها خسائر بشرية كبيرة حيث أن أغلب القوات العربية البرية المشاركة هي من الإمارات، مع دورها البارز في مجال الإغاثة وتشغيل المطارات.

تصاعد الدور الإماراتي في اليمن عسكريا مع ما كشفته مصادر المقاومة الشعبية في عدن من وصول جنود من قوات التحالف لفرض الأمن في المدينة وضواحيها، وإعلان أن هذه الخطوة لبسط سيطرة الشرعية على كامل محافظة عدن، في خطوات متسارعة لتحرير المدن اليمنية الباقية من قبضة ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس اليمني السابق علي صالح، وأكدت المصادر أن إنزالاً قامت به قوات التحالف في ميناء البريقة، قرب مصفاة عدن، ضم 3000 جندي من التحالف، وأن غالبيتهم من الإمارات، إضافة إلى جنود خليجيين آخرين.

وتوقع مراقبون وجود خلافات أو صعوبة في التعامل بين القوات الإماراتية وقوات المقاومة الشعبية بقيادة نايف البكري محافظ عدن بسبب انتماءه لحزب الإصلاح، إلا أن الإمارات اعترضت على توليه ثم تم إقصاؤه رغم تأكيده الاستمرار في صفوف المقاومة وسط مخاوف من حدوث شق في صفوفها مع تمسك المقاومة الشعبية بمكانة ودور البكري.

لم تعد الإمارات تهمين فقط على أهم محافظة تم تحريرها والتي تعد مركز لتحرير باقي المدن والعاصمة صنعاء بل تهمين على معركة تحرير العاصمة عسكريا وإداريا وعدديا ففي قاعدة التحالف صافر والتي تبعد نحو 150 كيلومترا إلى الشرق من العاصمة صنعاء يعمل جنود من الإمارات في زي عسكري مموه مع أبناء القبائل اليمنية.

وقال اللواء الإماراتي علي سيف الكعبي للصحفيين إن لبلاده 4 آلاف رجل في اليمن ونفى أي وجود على الأرض لقوات من قطر أو مصر، وأضاف إن التحالف يصنع مسارين إلى صنعاء التي تمثل الوجهة النهائية.

وينطلق أحد المسارين من عدن ومدينة تعز بالجنوب الغربي بينما سيبدأ الآخر من مأرب إلى محافظة الجوف بالشمال ومنها إلى صنعاء، فيما يقول دبلوماسيون إن المشاركة المباشرة لقوات برية من الإمارات إلى جانب قوات يمنية تدربت في السعودية وزُودت بأسلحة ثقيلة متطورة سمح للتحالف باستعادة عدن بعد أشهر من الجمود.

وأشار الكعبي إلى أن رجاله يحركهم جزئيا دافع الثأر بعد خسائر وقعت في الآونة الأخيرة بينها هجوم شنه الحوثيون في الرابع من سبتمبر الجاري قتل فيه 52 جنديا إماراتيا إلى جانب آخرين من قوات التحالف.

وكانت قد وصلت إلى منطقة صافر بمحافظة مأرب ، شرق اليمن، ما يقارب 5 آلاف جندي يمني وخليجي معززين بعتاد عسكري ثقيل يتضمن منظومة صواريخ متطورة ومروحيات أباتشي، وتكشف تصريحات "الكعبي" أن بينهم 4000 جندي إماراتي بما يعني تحمل أبو ظبي الكلفة البشرية الأكبر في جميع المعارك القادمة، ومن يملك القوة العسكرية يفرض دوما قراره السياسي على مائدة التفاوض مع خصوم تربطهم علاقات قديمة وثيقة بالإمارات.

 ويرى مراقبون أن القوات البرية التابعة للتحالف بقيادة السعودية، و"الجيش الوطني والمقاومة الشعبية" في اليمن اقتربت اليوم الأربعاء من أطراف مدينة خولان، التي تبعد نحو 60 كيلومترا من العاصمة صنعاء، بعد سيطرتها على مواقع إستراتيجية مهمة في محافظتي مأرب والجوف، مدعومة بطائرات الأباتشي، وتزامن ذلك مع غارات عنيفة شنتها طائرات التحالف مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء وأدت إلى انفجارات شديدة هزت أرجاء العاصمة.

ومع تحضيرات معركة صنعاء واختلاط العسكري بالسياسي هل ستهيمن الإمارات على مستقبل اليمن ولو ومن وراء ستار، وأين دور السعودية والتي بدأت صفحة جديدة مع الإسلاميين قدرت فيها جهدهم، فهل يعيد التاريخ نفسه بإجهاض دور الشعب اليمني ومكوناته الفاعلة قبل وبعد الحرب التي تسبب فيها تآمر خليجي وسعودي على ثورته؟