د. حسن عبدالله عباس- الرأي-
أبشع ما في الامر أن يكون الأمل الذي تُعول عليه هو الهلاك الذي ينتظرك. منظر الطلبة وهم في عراك داخل الحرم الجامعي ليس سوى حلقة اضافية في مسلسل فشل هذا البلد.
شباب الجامعة يُفترض أنهم أمل المجتمع، فهم قادة المستقبل وهم عماد الدولة وعليهم أن يتحملوا مسؤولية البلد. شباب الجامعة هم النُخبة الاكاديمية ومثقفوا هذا المجتمع، وعليهم ستعتمد الدولة كونهم سيكونون رؤساء الشركات والوزراء والنواب في المجلس والسفراء ورؤساء الأقسام والكادر الوظيفي الاعلى بشكل عام.
لكن ما أن تنظر إلى تهاوي العِقل ومشاهد «البوكسات والطراقات»، حتى تعلم المستوى الخطير الذي ينتظرنا! كنا نتأمل خيراً ونُعشّم أنفسنا الأمل بأن ما نعيشه اليوم من نكسات وكآبات مجرد سحابة صيف سيمحوها هواء عليل، ونسيم شباب المستقبل وسيتكاتفون ليرتقوا إلى مصاف الدول الارقى والاهم. لكن هذه المناظر التي باتت تتكرر في كل عام توحي بِنُذُر الشؤم والخوف!
لا أريد أن أرمي الكرة بأكملها على فئة الشباب لأن الموضوع أعقد وأثقل من أن يتحمله الشباب لوحدهم. المشكلة بالاساس اجتماعية وسياسية ويتحملها الجميع، وأنا اوجه اللوم بشكل أساسي للحكومة ولإدارة الجامعة إلى جانب المعارضة السياسية السيئة التي نشرت ثقافة الكراهية الدينية والعنصرية البغيضة. صحيح أن للاقليم وعالمنا المحيط دورا كبيرا، لكنني فقط اريد أن أوجه دائرة اللوم إلى الاطراف التي هي بمتناول أيدينا وبامكاننا أن نعالجها. فلا سلطة لنا على الاقليم، لكننا بالتأكيد قادرين على السيطرة والتحكم في ظروفنا الداخلية والخاصة.
أتذكر أنني قرأت مرات ومرات عن الدراسات واللقاءات والتقارير الصحافية حول العنف الطلابي. مثلا التقارير الصحافية التي تنشرها تقريبا الصحف اليومية قبل كل انتخابات طلابية في بداية العام الدراسي، إلى جانب دراسات تخصصية مختلفة حول العنف الطلابي كالتي اعدها رئيس قسم البحوث والدراسات في إدارة الارشاد الاكاديمي بعمادة شؤون الطلبة في جامعة الكويت الإستاذ طارق دشتي للوقوف على أسباب العنف الطلابي خلال فترة الانتخابات في الفصل الاول من كل عام ونشرتها جريدة آفاق الجامعية (عدد 1046)، أو غيرها من الدراسات الاجتماعية الكثيرة سواء التي ينشرها علماء الاجتماع كبحث الدكتورة نبيلة الكندري (استاذة الاجتماع في جامعة الكويت) أو التقارير التي تصدرها الجهات الرقابية والأمنية الاخرى بالبلد كدراسة نشرتها وزارة الدولة لشؤون الشباب بعنوان «التقرير الموجز لفريق عمل دراسة ظاهرة العنف لدى الشباب بدولة الكويت» وأعده فريق عمل من تخصصات وجهات حكومية عدة (اكاديميون وضباط على درجة عالية من الرتب في الداخلية وغيرههما).
فكل هذه الدراسات تتفق على أن للمشكلة طرفين رئيسيين: فعلى جانب تقع المسؤولية على الجهات الأمنية والرقابية، وعلى الجانب الآخر الناس أو الطلبة في حالتنا. فالجهات الرقابية تفتقد للوعي اللازم تجاه ما يجري في البلد، كما أنها تفتقر للكثير من الجهات والمكاتب التخصصية لمعالجة آفات العنف في المجتمع كالشرطة المجتمعية ومكاتب الاخصائيين الاجتماعيين واستشاريي العنف المجتمعي. ومن جانب آخر استهتار الناس والطلبة بمسؤولياتهم وعدم احترامهم لحقوق الآخرين وغياب الوعي الكافي بالقوانين واللوائح واحترام الرأي الآخر. فمع تكرار مأساة ضياع هيبة الدولة وقيمة الإنسان بهذه التصرفات المتكررة في كل عام، سنظل نتكلم وسنحضر مشاهد جديدة ومتجددة في كل عام في الجامعة وفي البرلمان فوليد الطبطبائي كان يوما ما في الجامعة!