علي أحمد البغلي- القبس-
فاجأت الحكومة، ممثلة بمحاميها إدارة الفتوى والتشريع، المحكمة الدستورية والحضور والمراقبين في الدعوى الدستورية المقامة من أحد المواطنين الشباب الواعين لإعلان عدم دستورية ما يسمى بقانون «منع الاختلاط»، وهو قانون غير منطقي وغير عملي، استغرب الكثير من عدم رده من قبل الحكومة عند إقراره عام 1996، خصوصاً أن الوزارة كان يرأسها وزير ليبرالي حتى النخاع، أحمد الربعي رحمه الله، ولكن لكل زمن ظروفه..
ووقتها كانت الأصولية في قمة عنفوانها وجبروتها.. فرضيت الحكومة على مضض بالقانون، الذي أثبت فشله الأكثر من ذريع وعلى أكثر من صعيد..
فالطلبة من الجنسين نراهم يلتقون في الساحات والباصات والمكتبات والندوات ومواقف السيارات.. فلماذا المنع في الفصول الدراسية أو قاعات المحاضرات، والتي من المفترض أن تكون كمحراب المتعبد.. وليست مكاناً لمن في نفسه مرض؟! والطلاب والطالبات الخريجون سيختلطون مع بعض في أغلب أماكن العمل ما عدا بعض الأعمال والوظائف (كالتدريس في مدارس وزارة التربية والتعليم).. وقانون الفصل الجائر ترتب عليه تأخير تخرج الآلاف من الطلاب والطالبات، لعدم التوازن بين أعدادهم، وعدم وجود أساتذة لتدريس فصل للإناث وفصل للذكور! والفصل العنصري الذي جاء به ذلك القانون أخر الانتهاء من إنشاء جامعة الشدادية العتيدة ما يجاوز الـ20 عاماً لأنها جامعة مزدوجة! كل كلية وكل فصل واحد للإناث.. وآخر للذكور! والجامعة على ذلك بلغت مساحتها نفس مساحة مدينة الكويت داخل الأسوار (8 كيلومترات مربعة) كما أخبرني أحد المهندسين المشرفين على إنشائها! وقانون الفصل طال حتى الجامعات الخاصة، مما زاد تكلفة التعليم فيها على أولياء الأمور وليس على الإخوان أو السلف الذين فرضوا فكرهم على كل أفراد المجتمع!
أتت تلك الدعوى الدستورية على طبق من ذهب للحكومة، كان المفترض بها أن تقف مكتوفة الأيدي، ولا تبدي أي رأي انتظاراً لرأي المحكمة الدستورية في مدى دستورية ذلك القانون من عدمه.. لكن أن تصبح الحكومة ملكية أكثر من الملك وتدافع عن ذلك القانون المكلف الجائر الفاشل بضراوة، فهو أمر يحمل أكثر من علامة استفهام، ويجعلنا نضرب أخماسا في أسداس، بأن حكومتنا الرشيدة ما زالت ضعيفة أمام القوى الأصولية، التي تلقت مؤخراً صدمات وضربات لم يأكلها «حرامي في مولد»، أو «حمار في مطلع»! ما عدا حكومتنا الرشيدة التي ما زالت فرائصها ترتعد منها.. وتضرب لها تعظيم سلام كلما قابلتها!