تواصل » صحف ومجلات

إلى فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد

في 2015/09/22

علي سعد الموسى- الوطن-

تحية وبعد: فقد قرأت لفضيلتكم من قبل فتوى قتل ميكي ماوس وحرمة تماثيل الثلج الذي يمر على هذه الصحراء لساعات شاردة مع كل سنة كبيسة. ثم قرأت أيضاً لفضيلتكم بحر الأسبوع الماضي فتوى تحريم التحليل الرياضي بوصفه "مضيعة للوقت فيما لا ينفع"، وهذا يا فضيلة الشيخ ما أيقظ في داخلي محاسبة تفاصيل جدول حياتي اليومي، وصرت أخشى أن يومي يذهب فيما لا ينفع. أفتونا يا صاحب الفضيلة: أنا مثلا أنام في اليوم الواحد لعشر ساعات بالتوزيع ما بين فترتين، بينما يقول علماء الطب إن من في سني وعمري لا يحتاج لأكثر من سبع ساعات من النوم في اليوم الواحد، فهل "الثلاث" الزائدة تقع في باب الحرام بوصفها "مضيعة للوقت فيما لا ينفع". أنا يا فضيلة الشيخ أقضي ليالي الشتاء الطويلة هارباً في عزلة إلى "قوز الجن" وهو للتعريف، تلة عملاقة من الرمال التي أرسم عليها أحلاماً، فلا أستيقظ في الصباح إلا وقد جرفت الريح كل ما رسمت، سؤالي: هل ينطبق على الرمل ذات فتوى الثلج؟ صاحب الفضيلة: خذ مثلا أنني في الليالي الثلاث الأخيرة، أعيد، وللمرة الثالثة، قراءة رواية "عرس الزين" للطيب صالح، فهل من مضيعة الوقت التي تدخل في باب الحرام أنني أعيد قراءتها للمرة الثالثة، وفوق هذا فالرواية تتحدث عن طقوس واجتماعيات قرية سودانية لا علاقة لها بحياة قريتي الأصل في سراة عبيدة، فهل يدخل هذا في باب "مضيعة للوقت فيما لا ينفع"؟ صاحب الفضيلة: لقد ابتلاني الله ـ عز وجل ـ بأن أكون مشجعاً أهلاوياً وسأعترف لكم، متعصباً يتابع كل الدقائق والتفاصيل، وهنا يبرز السؤال الضخم يا صاحب الفضيلة: أنا أنتظر هذا "الأهلي" منذ أكثر من ثلاثين سنة ليفوز ببطولة الدوري، وأضعت في هذا الانتظار آلاف الساعات الطوووويلة ولم أفقد الأمل، فهل هذه السنوات الثلاثون في باب الحرام لأنها "مضيعة للوقت فيما لا ينفع". وللعلم، أنا لا أسخر أبداً، يا صاحب الفضيلة لأن الأهلي أهم من ميكي ماوس ومن تمثال الثلج، وأنا متأكد بعد متابعة سلسلة فتاواكم أن "الأهلي" أكبر مضيعة للوقت. أفتونا يا فضيلة الشيخ، صاحب الفضيلة: أنا شخص لا عمل لديه في الحياة سوى أن ينام ويقرأ ويكتب. مدمن للنوم والقراءة ومع هذا تكمن مشكلتي في أن الله خلق اليوم الواحد بأربع وعشرين ساعة، أسرق منها ساعتين فقط للهروب إلى "بشكتي وحرافيشي" للضحك والترويح والتسلية حتى إن زوجتي الغالية جداً جداً جداً تتسلل إلى كل تفاصيل حياتي، وتشك أنني أقضيها مع زوجة مسيار، ويشهد الله أنني المخلص البريء النظيف من أي نزوة.. فهل تقع هاتان الساعتان في باب الحرام لأنها "مضيعة للوقت فيما لا ينفع"؟