د. طاهرة اللواتية - عمان اليوم-
أجرى المركز الوطني للإحصاء والمعلومات استطلاعا في دورته الثالثة شمل قرابة ثمانية آلاف شاب من فئات الباحثين عن عمل والمشتغلين في القطاعين الحكومي والخاص، نشرته جريدة عمان قبل عدة أيام. وقد أظهر في نتائجه أن كل أربعة من خمسة باحثين عن عمل يرون أن فرص العمل المتاحة تتأثر بسبب الأيدي العاملة الوافدة، وذلك في مقابل ثلاثة من كل خمسة من المشتغلين. وهي نسب عالية جدا تشير إلى أن الوافد لا يزال يسرح ويمرح في السوق العماني. وما قيمة التحويلات المالية إلى الخارج التي بلغت أكثر من 4 مليارات ريال عماني للعام 2014 إلا دليل على ان كل جهد وزارة القوى العاملة المنصب على تقليل أعداد الوافدين الهاربين والوافدين من ضعاف الدخل، لم يكن له دور يذكر في مقابل زيادة المبالغ التي حولت إلى الخارج. إن لوبيات الوافدين المسيطرين على أجزاء من الاقتصاد العماني سواء عبر مراكزهم الوظيفية في الشركات الكبيرة أو هيمنتهم على تجارة الجملة والمفرق والعقارات هو ما صنع ويصنع المليارات المحولة، وهو مربط الفرس. ويؤكد الاستطلاع انخفاض نسبة رضا الشباب عن دور الدولة في توفير فرص العمل من 38% إلى 36% في عام 2014 بالنسبة لطلبة التعليم العالي، وترتفع نسبة عدم الرضا إلى 73% بين الباحثين عن عمل. أما بين المشتغلين فترتفع إلى 82% وهي مؤشرات تؤكد عدم الرضا عن دور وزارة القوى العاملة في توفير فرص عمل للشباب، فوزارة القوى العاملة لم تتخذ بعد خطوات حاسمة وحازمة لإحلال العمانيين في المراكز الوظيفية العليا، ووظائف الأخصائيين التي يشغلها الوافد الأسيوي بقوة ، وتزداد نسبه فيها كل عام بالنظر إلى زيادة المبالغ المحولة إلى الخارج. فقد قفز المبلغ خلال عام واحد من ثلاثة مليارات إلى أربعة مليارات ريال عماني. إن نسبة الرضا الوظيفي للشباب العماني في القطاع الخاص هي 64% وهي نسبة متدنية جدا مقارنة بزميله في القطاع الحكومي، الذي تبلغ نسبة الرضا عنده 89%. لذا فإن شكوى الشباب المشتغلين في القطاع الخاص ستستمر رغم توحيد الإجازات بين القطاعين، فعدم الرضا متأت من الراتب غير الجيد بسبب المركز الوظيفي غير الجيد، وظروف العمل الصعبة، وطبيعة العمل، وضعف الحوافز، والمعاملة غير الجيدة من الرؤساء. ولا يفوتني أن أذكر أن الواتساب عندي والايميل يمتلآن بشكاوى العمانيين العاملين في القطاع الخاص، فالبعض يذكر بألم شديد كيف تحول إلى سائق شخصي للمدير الآسيوي المتعجرف، وأصبح أسيرا لنزوات أبنائه ومضايقاتهم، وسوء سلوكهم دون احترام لعمره ، فهو سائق في الشركة، لكن المدير الفذ يستخدمه لأداء أعمال بيته وأبنائه وخدمتهم. وذكر شباب آخرون أنهم معينون في القطاع الخاص لكن دون عمل أو مسؤوليات أو صلاحيات.
ويؤكد الاستطلاع أن 72% من المشتغلين يفكرون في إقامة مشروعهم الخاص و47% من الباحثين عن عمل. وهي نسب عالية جدا، ومتفائلة بإنشاء هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق رفد. لكن السوق المحلي فيه الكثير من التعقيدات والتحديات بسبب امتداد سيطرة الآسيوي ولوبياته إلى السوق العماني، فالدخول إلى السوق والبقاء فيه والنجاح يحتاج إلى تنظيف السوق من سيطرة الوافدين وألاعيبهم وامتدادهم على رقعته أكثر كل صباح، وخاصة أنها سوق ضيقة بسبب ضعف عدد السكان. ويظهر الاستطلاع التوجه إلى التقاعد المبكر لدى المشتغلين وبلغ 72%،ولدى الباحثين عمل بنسبة 46%. وهو يعني أيضا الرغبة في الدخول إلى السوق العماني بعد التقاعد المبكر،وهي توجهات نحتاجها كي يقل الضغط على الوظائف وتنشيط السوق بالعمانيين، لكن تهيئة السوق وتنظيفها مهم جدا كي يتاح لهم المجال، فلا يندمون على قرارهم ويعودون للبحث عن عمل.