سوسن الشاعر- الوطن -
لمواجهة التحديات الاقتصادية القادمة نحتاج إلى السير بمسارين متلازمين، الأول هو تقليص المصاريف أما الثاني فهو زيادة الإيرادات، نحتاج أن نضع التصورات والسيناريوهات للاثنين معاً وبنفس الحماس وبنفس الوتيرة، أما ما نسمعه طوال الوقت في الحديث عن التحديات في الفترة القادمة فيقتصر على مسار واحد وهو مسار تقليص النفقات، أما الثاني فإلى الآن وحتى اللحظة لا وجود له في تصريحاتنا أو لمحة له في ملامح توجهاتنا الاقتصادية حتى حين الحديث عن الحكومة المصغرة فإن التصريحات تبدو وكأن الهدف الوحيد منها هو تقليص النفقات.
منذ بدء مناقشة برنامج الحكومة في السلطة التشريعية وتلاها مناقشة الميزانية لم نسمع من الحكومة الكثير عن المسار الثاني أي تنمية الموارد في حين حفلت التصريحات بخطوات عن المسار الأول، رفع الدعم سواء عن اللحوم أو عن الكهرباء أو البنزين كما يشاع كلها قرارات تصب ضمن مسار تخفيف المصروفات، الحكومة المصغرة هي كذلك قرار ضمن مسار تقليص النفقات والمصروفات وحتى هذه لم نعرف بعد فعاليات هذه الإجراءات والخطوات كقياس رقمي، أما زيادة الواردات أي المسار الثاني فهذا الذي لا نسمع منه إلا عنوانين ولا نعرف مدى فاعليتهما، رفع الرسوم وتنويع مصادر الدخل.
والحكومة في برنامجها رفضت إعطاء مؤشرات قياس ورفضت إعطاء شرح لمبادراتها واكتفت بفقرة صغيرة في برنامجها حول زيادة الرسوم وزيادة مساهمة قطاع السياحة في الإيرادات إنما دون تفاصيل ودون مؤشرات قياس واضحة.
كي نمرر حزمة القرارات الصعبة الخاصة بتقليص المصروفات التي تسوق لها من الآن يلزمنا أن نروج لتوقعاتنا ومؤشرات قياسنا في مسار زيادة الإيرادات معه لنحقق التوازن المطلوب ونشرح بالتفصيل كيفية انعكاس هذه المؤشرات على دخل المواطن.
إن كنا لا نملك هذا «الباكيج» ذي المسارين (مسار الإيرادات ومسار المصروفات) ونعتمد فقط على نجاحنا في مسار واحد أي في تقليص المصروفات دون أن يكون لدينا تصور واضح ومحدد حول كم وكيف زيادة الإيرادات فنحن في ورطة!!
في المسار الخاص بالإيرادات لا بد أن يكون لدى الحكومة دراسات موسعة تقدم للسلطة التشريعية وتقدم للرأي العام تضع تصوراً مفصلاً للسنوات الخمس القادمة تعرف فيها إلى أين نتجه في خططنا التعليمية والتدريبية ونعرف أين نتجه في منظومتنا التشريعية ونعرف أين نتجه في إجراءاتنا وتدابيرنا التي ستطبق تشريعاتنا الجديدة، لنعرف أي سنفتح وأين سنغلق السوق ونعرف أين نوجه الاستثمار ونعرف بشكل أقرب إلى الاعتماد الصحيح كم ستزيد هذه الإيرادات ومن أين وكم نسبتها في الدخل العام؟
ما يجري الآن هو أن مساهمة نشاط كل البحرينيين والمقيمين في الإيرادات لا يزيد على 10% فاعتمادنا كله على بيع البترول تقريباً مائة في المائة.
المفارقة أن التحويلات النقدية للعمالة الأجنبية تستنزف من البحرين 2 مليار دينار سنوياً (يعني في فلوس في نشاط تجاري).
المفارقة هناك وظائف تخلق سنوياً براتب مجزٍ إنما 90% منها للأجانب يعني في فلوس في نشاط.
البحرين في النهاية لا تشكو من قلة الفرص وقلة الموارد، البحرين تشكو من ضياعها وإهدارها وتحدي الحكومة القادم هو زيادة نسبة الإيرادات غير النفطية من 10% على الأقل إلى 30% خلال السنتين القادمتين فهل هذا مستحيل؟!!