ناهد باشطح- الجزيرة-
فاصلة: «الظلام لا يقدر أن يطرد الظلام. النور وحده هو القادر على ذلك، والكراهية لا تقدر أن تطرد الكراهية، المحبة وحدها القادرة على ذلك» -مارتن لوثر كينج-
لكي يتضح لنا أهمية معرفة أسباب انجذاب بعض شبابنا إلى حياة داعش والالتحاق بها يجدر بنا فهم الأسباب التي تدفع الأوروبيين الشباب للالتحاق بداعش حتى لا نلقي بثقل التحليل على التشدد الديني كعامل مؤثر.
في هولندا أجرت الشرطة الهولندية دراسة واسعة حول الهولنديين الملتحقين بتنظيم داعش، ووجدت أن 60 بالمائة، من جملة 140 حالة تمت دراستها من الشباب، يعانون اضطرابات نفسية وسلوكية.
وبينت الدراسة أن أغلب هؤلاء الشباب يسكنون في مناطق فقيرة ومهمشة، وينحدرون من أسر تعاني مشاكل مادية واجتماعية، مثل الفقر والطلاق والتفكك الأسري، وبعضهم لا يملك مأوى، ما يجعل اتخاذ القرار بالذهاب إلى سوريا سهلا.
الدراسة حديثة أجريت في 2014 ،وقال التقرير إن أغلب الهولنديين الذين سافروا إلى سوريا يحملون الجنسية المزدوجة، ولديهم مشاكل في الوسط العائلي.
الحالة الذهنية للشباب الذي قرر الالتحاق بداعش في الدراسة ليست مستقرة، والأوضاع الاجتماعية التي يعيشها أيضا جعلتهم ينعزلون عن مجتمعهم، ويبحثون عن عالم آخر مختلف، وهو ما يطلق عليه علماء النفس (الأسرة البديلة)، لذلك حينما نركز على العوامل الخارجية لتحليل أزمة بعض شبابنا الذي التحق بداعش نتغافل عن قضية مهمة في رأيي وهي السلامة النفسية للشاب وانفصاله عن أسرته ومجتمعه للبحث عن أسرة بديلة.
كل المجتمعات ينضم الشباب إلى داعش من الجنسين ويستوي في ذلك مسلم ومسيحي وبلا ديانة ،لأن الدين ليس عاملا مؤثرا مقارنة بالقناعات الناتجة عن الخلل في نفسية الشاب ووسطه الأسري.
في داعش وجد الشباب شيئا لم يجدوه في أسرهم ومجتمعاتهم.
وإذا شئنا الحديث تحديدا عن مجتمعنا فالداعشي والداعشية وجدوا ذواتهم في الالتحاق بداعش.
أن يكون مستوى الذات لديك متدني فهذا يعني أنك في دائرة من عدم احترام ذاتك والبحث عما يجعل منك بطلا في نظر نفسك والآخرين.
انفصال الشباب عن أسرهم وعدم اندماجهم في مجتمعهم يشكل أحد الأسباب المهمة للالتحاق بتنظيم يعدهم بحياة أفضل ويمنحهم الانتماء الذي يبحثون عنه.
الشباب الذين التحقوا بداعش اختاروا حياتهم ومماتهم لكن علينا بالفعل الاهتمام بتوفير مكان آمن لشبابنا في الأسرة والمجتمع حماية لهم...كيف ومتى هذا هو دور المؤسسات المجتمعية التربوية والاجتماعية والإعلامية. الشباب يحتاج إلى أن يشعر بذاته في الأسرة والمجتمع ليعيش آمنا ولا يهدد أمن سواه.