محمد الظفيري- الشرق-
من يتأمل بحال دراسة أيمن الظواهري وأسامة بن لادن يجد أن الأول خرّيج كلية طب، بينما الثاني خرّيج اقتصاد، ولو نفكر بنفس العقلية السقيمة التي يفكر بها منتقدو المناهج الدراسية في المملكة لقلنا بكل بساطة وسذاجة لا نظير لها بأن العلم الحديث هو المسؤول الأول عن الإرهاب، ويجب علينا التخلي عن العلوم التقنية الحديثة، وأن نهجر الغرب، ولا نقبل منه أي شيء، وهكذا دواليك من العبارات الجاهزة وثقافة البروجباندا التي حرص على ترديدها بعض المنتقدين للمملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا ومناهج دراسية.
ما دفعني لهذه المقدمة هو حال الإرهابي الداعشي المعتوه الذي فعل جريمته الشنعاء في منطقة الشملي، ولو قلنا بسذاجة بالغة بأن هذا الفعل الذي ارتكبه هذا الإرهابي هو نتاج طبيعي لمناهج هذه البلاد ومنتج اجتماعي أفرزته ثقافة الشعب، فما حال الضحايا الذين قتلهم هذا المتطرف، وما حال العساكر الذين يطاردون المتطرفين للقضاء عليهم، وما حال خطباء المساجد الذين ينددون بهذه الأفعال الإجرامية، وما حال أولياء الأمور الذين يحرصون على أبنائهم الصغار من أن لا يكونوا لقمة سائغة بيد هؤلاء المجرمين، فهؤلاء جميعًا من أيّ البلاد؟ وفي أيّ المدارس درسوا وتعلّموا؟ ومن أي المناهج التعليمية نهلوا علومهم؟، حتمًا، لقد درسوا في مدارس البلاد وتحصّلوا على مناهجها الدراسية فيها، هذه المناهج التعليمية التي أخرجت قيادات ومسؤولين، وأنتجت كوادر وطنية في التعليم والطب والسياسة والعلوم الشرعية والتربية والاجتماع والإعلام، ومنهم من اعتلى أرفع المناصب الإدارية والقيادية في البلاد، وصولاً لقادة وملوك هذه البلاد التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، ورعاية شؤون الحجيج، وغيرهما من المهام الجسام التي لا ينكرها إلا جاحد، ولا يغفل عن أهميتها وبروزها إلا حاقد، معلوم الحقد والجحود.
الغريب في الأمر أن أغلب المنتسبين لجماعات الإرهاب كداعش ومن لف لفّها ممن ينشرون الفساد، ويقتلون العباد ليسوا سعوديين، بل أكثرهم من خارج أقطار شبه الجزيرة العربية، لكن الإعلام يوجّه سهامه على المملكة، وهو يريد من هذا التوجيه النيل من قيادتها الوطنية، والعمل على تشويه سمعة شعبها العربي المسلم الوريث المباشر لجيل الرسول -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام، والرجال الذين وقفوا معهم وساعدوهم لنشر تعاليم هذا الدين الحنيف في مشارق الأرض ومغاربها، علاوة على ذلك يسعى هذا الإعلام المشوّه إلى النيل من ثقافتنا ومناهجنا بحجة الإرهاب، وهي حجة واهية، لأن أكثر المنزويين في جماعات التطرف إما قادمون من خارج الوطن العربي، أو تناسلوا إلى مستنقعات الإرهاب والتطرف من بلدان بعيدة عن شعوب ودول هذه المنطقة، وهذا دليل -إن كنا نفكر بنفس الطريقة التي يفكر بها سوانا- نقول بأن هذا الفعل هو نتاج لثقافة تلك المجتمعات ومحصّلة طبيعية لمناهجها الدراسية التي غذّت التطرف وعملت على بلورة الإرهاب الذي بعثر الأوراق في المنطقة، وخلط الحابل في النابل.
لن نقول كما يقولون، لأن هذا التطرف هو نتاج لأزمات نفسية وعقول مهترئة عشّش في أدمغتها الإجرام، وتربّت نفوسها على القتل، لهذا استخفت بالدماء، وسهل علينا القتل بذرائع شتى، فوجدت في تبني بعض قضايا الدين أيسر طريقة لتبرير هذه الأعمال، مستغلة الانفتاح الإعلامي والمعلوماتي الواسعين للتغرير بضعفاء العقول، واستقطاب أكبر عدد من ضعفاء النفوس المتوحلة أرواحهم ونفوسهم بالجرائم وسفك الدماء.