سالمة الموشي- الوطن-
تقوم المملكة بخدمة الحجاج بكل ما تملك من إمكانات وأكثر، تقوم به تكليفا وتشريفا وليس لأجل أهداف سياسية أو طائفية، بل تقدمه لكل الحجاج من كل مكان في العالم دون منّة أو مطلب، وهذا في حد ذاته لأمر عظيم، وجدير بكل مغرض ومرجف أن يستوعبه وألا ينساق وراء ردة الفعل لفئة أو جماعة لها منطلقات وأهداف لا تخفى علينا.
إن اختزال حوادث إلهية تحدث في كل مكان أقل بكثير من التجمع الأكبر للحجاج كل عام لهو أمر فيه غايات ومآرب لمن يستغلون الأحداث ليوظفوها في الإرجاف ولتجييش العواطف الدينية لهدف أقل ما يمكن وصفه بأنه تحيز وسذاجة في الاعتقاد.
لم تكن حادثة حجاج منى إلا حدثا مؤلما طال الجميع قيادة وشعبا، ولا يمكن لمن يعرف عن قرب حجم الإمكانات والمشاريع الضخمة التي تقوم بها الدولة في منى وباقي المشاعر المقدسة إلا أن يقول الحق بأن أعمالا ضخمة وتسهيلات كبرى وتوسعات وخدمات لا تقارن بأية خدمات في مكان آخر من العالم.
لا شك أن بلادنا في هذه المرحلة تتعرض لحملة تشويه كبرى، ومن المؤسف أن نجد من الداخل من يعزز لهم ويبث أفكارا مبطنة تريد بهذا البلد شرا، ومن المؤسف أن يأتي هذا الأمر من جماعات وأفراد ينتمون لهذا لبلد ويعيشون في ظله وخيره وأمانه، وحين تتكشف أنياب الآخرين وتظلم، وتحرض، نجدهم ينضمون لهم ويكيلون بمكيالهم، وهذا أسوأ ما تكشفه الأحداث حين تحدث.
الذين يقومون ببث الإرجاف وبث قصص مختلقة حول حادثة منى يعلمون أنهم يكذبون على أنفسهم وعلى متابعيهم سواء كانوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر إعلام الصحف الصفراء. وأن مثالا واحدا عن حجم العمل الجبار الكبير الذي تقوم به المملكة لخدمة الحجاج كفيل بكشف ضيق أفقهم وسوء تقديرهم. يحدث أنها تقوم بخدمة ملايين الحجاج في مكان واحد وفي وقت واحد، وهو ما تعجز عنه دول كبرى على مستوى أعداد أقل بكثير مما يشهده الحج كل عام. والتاريخ سجل خسارات بشرية في تجمعات أقل بكثير مما في الحج، ففي إيران حدث أن مات 500 شخص في ملعب يتسع لعشرين ألف مشجع فقط وأصيب 700 ومثله مات ألف شخص في حادثة الجسر في إيران.
هذه الأحداث تحدث بأي مكان وليس من المنطق أن نقول إن من قاموا على بناء الملعب خططوا لقتل المشجعين، أو إن من قاموا بتصميم الجسر تقصدوا قتل المارين به. من المهم أن نميز الصادق من الكاذب، والأمين من المخادع، حتى لا نرى الباطل حقا والكذب صدقا، وفي خِضَمّ ذلك كله سيكون العقل مغيّبا.