تواصل » صحف ومجلات

مختصون يحذرون من تحرش العمالة بالأطفال ويطالبون بتأهيلهم

في 2015/10/03

اليوم-

حذر مختصون من تجاهل اولياء الامور للأبناء الاطفال لما يمكن ان يتعرضوا له من عملية التحرش من قبل (العمالة) وما يمكن ان يصيبهم حيث يعرف التحرش بالأطفال بقيام شخص بالغ "عامل أو عاملة" بالتعرض إلى الطفل بالتحرش سواء اللمس والتقبيل أو الكشف عن الجسد أو الاتصال الجسدي أو تعليمه عادات أو ألفاظا جنسية، بالإغراء أو التهديد أو الاستغفال، وهو ما جعل كثيرا من اولياء الامور في قلق كبير خصوصا ممن لديهم عمالة.

واوضح المدير التنفيذي لمركز جلوي لتنمية الطفل بالمنطقة الشرقية د. احمد بن حمد البو علي ان هناك قلقا وهاجسا يطارد الأمهات يومياً وهن يودِّعن أطفالهن للذهاب إلى المدرسة صباحاً أو عند استقبالهم مساء؛ فأسئلتهن ونظرات الشك في كل غريب يقترب تكون بمنزلة جدار حماية يعتقدن أنه يكفي لأن يحمي أطفالهن من "التحرش الجنسي".. ولكن الحقيقة التي لا تدركها الكثيرات منهن أن هذا الوحش قد يتربص بأطفالهن بين جدران المنازل وأحياناً في أماكن لا يمكن توقعها.

وقال البوعلي: انا هنا لست معمِّما لكن أتكلم عن الكثير منهم وان كان بعض السائقين فيه الخير ومحبا لبلادنا ومقدرا لأهل البيت وحافظا لعورتهم لكن يعتبر الكثير من الأهالي أن الخطر الأكبر الذي يقع على أطفالهم يكون مصدره العمالة الوافدة، وهو قلق مبرَّر؛ فالمتابع للواقع ولأخبار الصحف يجد أن العديد من جرائم "التحرش الجنسي" مصدرها بعض العمالة التي تتربص بالأطفال في أماكن عدة، قد تبدأ بـ"البقالة" المجاورة للمنزل ولا تنتهي بالأسواق التجارية الكبرى، فالتحرُّش من قِبل العمالة أمر خطير، ويقع، ولكنه في الوقت نفسه مسكوت عنه من قِبل بعض الأهالي، موضحا ان العمالة المنزلية تمارس كافة أشكال العنف ضد الأطفال، وخاصة المعاقين الذين لا يستطيعون رد أي اعتداء عليهم، وهو ما أكدته دراسة حديثة أصدرها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر بعنوان "الإساءة والعنف ضد الأطفال" في 2013، والتي كشفت عن ممارسة العمالة المنزلية كافة أشكال العنف ضد الأطفال، والتي يأتي على رأسها العنف النفسي المتمثل في الصراخ والتخويف.

وذكر البوعلي ان المشكلة تكمن في تهديد الخدم للأبناء بعدم البوح لأهلهم وهو ما يجعلهم يخافون ولا يشتكون، مؤكدا أن الطفل الذي يعتدي عليهم تظهر عليه علامات تدل على وقوع هذا الشخص في مشكلة ما، ويجب على الأهل مراقبة أبنائهم وفي حال إن ظهرت عليهم علامات مثل، الاضطراب والقلق، وانخفاض التحصيل الدراسي للولد أو الفتاة، أو تصرفه بسلوك مضطرب، وميله إلى النوم، أو إذا كان فيه توتر غير مبرر، أو عنده اكتئاب، أو يرفض المذاكرة، أو يتصرف بعدوانية، أو يتعمد التهرب من الأم والأب أو النظر إليهم، ولا شك في أن غياب الوعي أو الإهمال من قِبل الأهل قد يجعلان من الطفل فريسة سهلة مشيرا إلى أن ترك الأطفال دون رقابة في بعض الأحيان أو خروجهم مع السائق امر ليس مبررا.

وبين البوعلي أن غياب الإحصائيات الحقيقية والواقعية يُصعِّب على الباحث في هذا المجال العثور على أرقام حقيقية، إلا أن آخر الإحصائيات المنشورة أظهرت ان نسبة تحرش الخدم والغرباء إلى 30% تقريباً أكانوا ذكوراً أو إناثاً وان نسبة التحرش الجنسي بالاطفال في المملكة تبلغ 22،5%، حيث يتعرض طفل من كل أربعة اطفال للتحرش، مبينا ان90% من يتعرضون للتحرش الجنسي يكون الاعتداء من الاشخاص المعروفين للطفل وعائلته سواء كان أحد أفراد العائلة او اصدقاء العائلة الذين يكونون محل ثقة الطفل، مشيراً الى ان الاحصاءات الصادرة عن وزارة الداخلية تشير الى ان منطقة الرياض تحتل المرتبة الاولى فيما يتعلق بإيذاء الاطفال في المملكة، بنسبة 47% وبعدها محافظة جدة 14% والثالثة الطائف 10% واخيرا الدمام 7%.

ولفت البوعلي إلى أن الاحصاءات تشير الى ان 90% من حالات ايذاء الاطفال نتيجة عن سوء معاملة الام والاب المنفصلين، بالاضافة لذلك فان 94% من امهات الاطفال المتسولين لا يعملن و88% من امهات الاطفال المتسولين اميات مقابل 9% يحملن الشهادة الابتدائية، لافتا الى ان 70% من الاطفال المتسولين اعترفوا بأن امتهان التسول بتشجيع الامهات"، مبينا ان 69% من الاطفال المتسولين في مدينة الرياض من السعوديين و68% من الاطفال البائعين عند اشارات المرور الضوئية غير سعوديين و56،6% من الاطفال المتسولين من الاناث، كما ان 70% من الايتام يتعرضون للإيذاء النفسي وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة 95 بالمائة من مشاكل السائقين مع الأسر كـ (التحرش بالأولاد وغيرها) ناتجة عن الثقة المفرطة بهم من قبل الأسرة وترك الأولاد معهم دون رقابة أو محرم.. في وقت تؤكد الإحصائيات أن الأسر التي لا تسمح لأفرادها بمرافقة السائق دون رقابة أو محرم – أو التي تشترط وجود زوجة السائق إلى جانبه – تبدو بعيدة عن المشاكل.

وقال البوعلي: أوضحت الإحصائيات أن عدد السائقين الأجانب (هنا) يتجاوز 300 ألف سائق وإن الإقبال على استقدامهم يزداد يوما بعد يوم في ظل التوسع العمراني وانتشار التعليم ودخول المرأة في ميدان العمل، كما أظهرت أن معظم سائقي العائلات وجدوا أصلا لتلبية احتياجات أفراد الأسرة في ظل انشغال الأب أو الأم أو كليهما وكشفت دراسة أعدها قسم علم النفس في كلية التربية في جامعة الملك سعود بالرياض أن نسبة التحرش بالأطفال مرتفعة وأن الحالات التي يتم الإبلاغ عنها لا تكاد تذكر مقارنة بالحالات الحقيقية فضلا عن سكوت الأطفال في الكثير من الحالات إما بسبب الخوف أو لأي سبب آخر ما يجعل المشكلة تتفاقم.

وَمِمَّا لا شك فيه أن التحرش بالأطفال يسبب آلاماً كبيرة لهم، بل ويؤثر فيهم، حيث إن معظم حالات التحرّش الجنسي تنتهي بأمراض وعقد نفسية لدى الطفل، وله أبعاد خطيرة على النمو النفسي الانفعالي والجنسي في مرحلة البلوغ، ويسبب عقداً نفسية وأمراضا بالغة الخطورة مستقبلاً، وأن معظم حالات التحرّش الجنسي تنتهي بأمراض وعقد نفسية لدى الطفل، في حين يلجأ ضحايا ممن وقع عليهم التحرّش إلى الانتحار، أو إيذاء النفس هرباً من واقعهم.

للأسف الشديد صار عمل المرأة والرجل عند البعض أفضل وأهم من تربية أطفالهما ورعايتهما ومتابعتهما، وغابت الرقابة الأسرية، وصار هناك عدم اهتمام من قبل بعض الأمهات بأطفالهن.

وطالب الدكتور البوعلي الآباء والأمهات بضرورة الاقتراب من أطفالهم واحتوائهم وفتح قنوات الحوار والمناقشة معهم، بتخصيص يوم في الأسبوع على الأقل تجتمع فيه العائلة، لطرح كل القضايا للنقاش، مشددةً على أهمية تثقيف الأطفال وتوعيتهم بأخطار التقرب إلى الغرباء، وإبلاغ الوالدين عن ذلك، وإن حدث يجب معالجة من يتعرضون للتحرش والاعتداء والوقوف معهم مباشرة حتى يخرجوا من حلقة الخوف والهلع والضعف الذي انتابهم من أثر ما تعرضوا له من ظلم وغيره، مشددا على ضرورة وضع خطوط حمراء للأبناء في تعاملهم مع العمالة المنزلية، وحسن اختيار العمالة المنزلية التي تشمل الخدم والسائقين ومراجعة تاريخهم العملي والجنائي وتأهيلهم اجتماعيًا وأخلاقيًا قبل إلحاقهم بالعمل وتوضيح لهم عقوبة اي عمل مخل بالأمن بعد وصولهم وقبل دخولهم للعمل.

وعرف رئيس قسم الاستشارات بمركز التنمية الأسرية بالأحساء الدكتور تركي عبدالرحمن الخليفة تحرش العمالة بالأطفال قيام شخص بالغ "عامل أو عاملة " بالتعرض إلى الطفل بالتحرش سواء باللمس والتقبيل أو الكشف عن الجسد أو الاتصال الجسدي أو تعليمه عادات أو ألفاظا جنسية، بالإغراء أو التهديد أو الاستغفال، مبينا أن التحرش حالات فردية لكنها ليست ظاهرة، وهذا يعود لحساسية الموضوع وعدم معرفة التعامل في مثل هذه الحالات.

وأشار الخليفة لأسباب التحرش والتي ترجع لضعف مراقبة الله والبعد عنه سبحانه من قبل العمال، هروب الوالدين من المسؤولية ونقلها إلى العامل أو العاملة، والتوسع في إعطاء المهام والأدوار الوالدية للعامل أو العاملة وزيادة الثقة في العامل أو العاملة، إضافة لقضاء الأطفال الوقت الكبير مع العامل أو العاملة وعدم وجود نظام أسري يتكفل بحماية ومنع التحرش بالأطفال وضعف تربية الأطفال على التصرف في حالة تعرضهم للتحرش، وتهاون الوالدين في لباس الأطفال وعدم تربيتهم على الستر والحشمة، السماح للأطفال بكثرة التردد على العامل أو العاملة، الانفتاح الإعلامي ووجود المثيرات الجنسية المتاحة.

أما عن الآثار النفسية فأشار الخليفة الى أن منها الاضطرابات النفسية التي تؤثر على شخصية الطفل واللجوء إلى الانطواء والشعور بالدونية وضعف الثقة بالذات واكتساب سلوكيات سلبية، كالعدوانية والوقوع في الشذوذ الجنسي ومن الآثار أيضا الجنوح نحو إيذاء الآخرين، واضطراب النطق أحياناً وأمراض في المناطق التناسلية أو في الرأس أو صعوبة في المشي والتسرب والهروب من المنزل أو المدرسة.

واقترح الخليفة كعلاج للتحرش قيام الوالدين بالدور الحقيقي وعدم الاعتماد على العامل أو العاملة في الاهتمام بالأطفال والقرب من الطفل وإعطائه الأمان النفسي، وتوعيته بالتصرف السليم حين تعرضه للتحرش أو الابتزاز بالصراخ ثم الهروب، ووضع نظام حازم في الأسرة في التعامل مع العامل أو العاملة مؤكدا على ضرورة تربية الطفل على الحشمة والستر في اللباس وعمل برامج توعوية إعلامية ومدرسية حول التعامل مع التحرش.

وكشف الأخصائي النفسي فيصل آل عجيان أن تحرش العمالة لا يتجاوز ثلاثة بالمائة من عامة الناس مبررا ذلك بان العمال أضعف من أن يقوموا بالتحرش حيث ان التحرش غالبا يحدث من أناس ذوي سلطة على الطفل والغالب أن يكونوا من المحارم أو مدرسا او أصدقاء العائلة وممن يستطيع قضاء وقت طويل مع الطفل، مبينا أن آثار التحرش النفسية على الطفل تستمر لوقت طويل تتعدى العشرين سنة أحيانا، موضحا أن المتحرشين غالبا ما يختارون الأطفال من عمر 10 إلى 13 سنة وذلك لاعتبار الأهل بأن هذا الطفل قد تعدى مرحلة الرقابة، فيترك من غير رقيب في الغالب مما يؤدي للمتحرش الانفراد بالطفل والتحرش به ويشكل هذا العمر ما نسبته90 بالمائة من حالات التحرش المختلفة، مؤكدا أن المتحرش لا يتحرش مباشرة إنما ينتقل من التحرش اللفظي إلى الدرجة الثانية من التحرش بعد أن يطمئن من ردة الفعل.

وبين ال عجيان أن الآثار الجسدية تظهر على الطفل وتستمر لثلاثة أيام إلى اسبوع فهنا لابد من الأهل الانتباه لأطفالهم واللجوء للقانون لمحاكمة المذنب، أما الآثار النفسية فتحتاج لوقت طويل حتى تزول وربما تبقى مع الضحية طوال العمر وربما الأماكن او المناسبات تكون رابطا قويا تذكرها بألمها، وهذا الألم يؤدي أحيانا للانتحار وفي بعض الحالات لإيذاء الجسد وتشويهه ومنهم من يشعر بالدونية والاكتئاب وعدم الثقة بمن حولها.

وتطرق آل عجيان لبعض الحالات التي وردت له في عيادته منها رفض احدى الفتيات الزواج بعد إلحاح من ذويها لذلك ومعرفة السبب اضطرت للجوء لعيادة نفسية لتحل مشكلتها برفض الزواج، حيث أصبحت لا تثق بالرجال إضافة لخوفها وألمها مما حدث لها في صغرها، مشيرا الى ان الحالات الأخرى شكوى احدى الأمهات بأن ابنها يقوم بحلق شعره كاملا ومحاولة تقبيح شكله وبعد خضوعه لجلسات العلاج تبين انه قد تعرض للتحرش في صغره مما جعله يلجأ لتشويه نفسه.

واشار آل عجيان الى أن الحالات تتعدد وتختلف آثارها حيث تصل لبعضها للانتحار للتخلص من معاناة الألم والشعور بالذل والإهانة، موجها لومه على المجتمع والذين يتعاملون مع الضحية بالسخرية دون علمهم ما يخلفه ذلك على نفسيته، حين علمهم بما حدث له في صغره حيث اضطر اب أن يترك منطقته ليعيش في مكان آخر مع ابنه والذي تعرض للتحرش ولم يرحمه أصدقاؤه ومَن حوله من السخرية والانتقاد، كما أن المجتمع يمكن الجاني من تكرار فعلته لأن المجني عليه سيضطر للتكتم خشية ما يلاقيه من نظرة دونية. مطالبا الأهالي بالاستماع لأبنائهم والاقتراب منهم حتى لا يخفوا ما يتعرضون له من تحرش، وبالتالي معاقبة الجاني لأن غالبية المتحرش بهم لم يتمكنوا من التحدث عما أصابهم وقتها من دافع الخوف وعدم الأمان من الأهل، وأن يقوم كل من تعرض للتحرش بمراجعة العيادات النفسية والتي تضمن له السرية والنصيحة العلمية وتمكنه من التخلص من جزء كبير من ألمه، كما يؤكد على المتحرش بهم على أهمية عدم لوم النفس وأن يحاولوا تخطي هذه المرحلة ويعيشوا حياتهم سواء كانوا ذكورا أم إناثا ولا يعتبروا هذه المشكلة نهاية المطاف فالحياة امامهم تمنحهم الكثير والأفضل.