شؤون خليجية -
بعد إعلان وزير شؤون المجلس الوطني رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات «أنور قرقاش»، أن عدد الناخبين الإماراتيين الذين شاركوا في انتخابات المجلس الوطني في تصويت الخارج والتصويت المبكر، الذي استمر ثلاثة أيام، وانتخابات أمس الرئيسية، قد بلغ 35 % من أصل 224 ألفًا هم أعضاء الهيئة الانتخابية التي عينها حكام الإمارات لاختيار نصف أعضاء المجلس الوطني البالغ عددهم 20 عضوًا من أصل 40 عضواً.
ووفقاً لهذه النتائج تعد النسبة الحقيقية لمن اقترعوا في هذه الانتخابات من عموم الناخبين الإماراتيين، الذين تقدر أعدادهم بنحو نصف مليون ناخب، نحو 17 % فقط!، ذلك نظرًا لحرمان أكثر من 50 % من المواطنين الإماراتيين الذين بلغوا سن (21) المؤهلين قانونًا لمباشرة حقوقهم السياسية.
مطالبات باستقالة اللجنة الوطنية للانتخابات
طالب مستشار حاكم أبو ظبي وأستاذ العلوم السياسية عبد الخالق عبد الله، اللجنة الوطنية للانتخابات بالاستقالة بعد النسبة المتواضعة للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني 2015، والتي لم تتجاوز 35 %.
وقال "عبد الله"، في تغريدة له بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "رغم الجهد المشكور للجنة المشرفة على الانتخابات، لكن نسبة المشاركة غير مقبولة للسنة الثانية، وعلى اللجنة أن تتحمل المسؤولية وتقدم استقالتها غدًا".
وأضاف أن نسبة المشاركة 35 % في انتخابات المجلس الوطني 2015 مقبولة، حيث النسبة 28 % عام 2011 وكانت 74 % عام 2006. ويظل السؤال لماذا جاءت النسبة متواضعة؟!
وتعجب "عبد الله" قائلاً: "فرغم شعار #صوت_للإمارات، والجهد الحكومي الضخم المشكور، والحشد الإعلامي، والشحن التوتيري، امتنع 65 % ممن يحق لهم التصويت عن المشاركة بانتخابات 2015"، وأضاف أن: "التصويت واجب وطني وحق انتخابي، والمؤسف أن 65% لم يمارسوا هذا الحق ولم يلبوا نداء #صوت_للإمارات، ولم يشاركوا في ما سمي بالعرس الانتخابي.. لماذا؟".
كما تساءل: "هل سبب عزوف 65 % عن المشاركة في انتخابات 2015 فني أم سياسي أم مجتمعي أم غياب السخونة من الحملات، أم الوصاية الشديدة على أجواء الانتخابات؟".
وطالب بمجلس كامل الصلاحيات، قائلًا: "وحان الوقت أن يصبح مجلسنا الوطني مجلسًا بكامل الصلاحيات التشريعية، ويعمل على زيادة أعضائه إلى 80 عضوًا، ويكون عضو المجلس متفرغًا تفرغًا كاملًا. وأشار إلى "أنه حان الوقت لرفع الوصاية عن شعب الإمارات وإنهاء نهج التدريج، الذي إذا استمر فإن أحفاد أحفادنا لن تتاح لهم فرصة التصويت لمجلس بكامل الصلاحيات".
وحذر مستشار حاكم أبو ظبي من أنه: "إذا استمر هذا النهج التدريجي الذي لا نعرف سقفه الزمني، فلن تصل الإمارات لتحقيق ما جاء في الدستور من إعداد الشعب لحياة برلمانية قبل عام 2115". مشددًا على أن النسبة أهم بكثير من العدد المطلق للمشاركين، ففي عام 2005 شارك 5 آلاف من أصل 6600، وعام 2015 شارك 79 ألفًا من اصل 224 ألفاً.
وتحسر الدكتور عبد الخالق عبد الله قائلًا: "والله حرام إن شعار انتخابات مجلس 2015 #صوت_للإمارات ثم يمتنع 65 % من تقدير المعنى العميق للشعار. الخطأ ليس في الناخب، بل في الشعار الرنان". مؤكدًا أن الجو الانتخابي كان كئيبًا بحكم الوصاية المشددة التي تفقد الحملات الانتخابية السخونة، ولا تستقطب الاهتمام المجتمعي.
من جانبهم حذر ناشطون إماراتيون من أن يتم مقارنة نسبة المشاركين في هذه الانتخابات بانتخابات 2011. فقد بلغت نسبة المقترعين نحو 27% من أعداد الهيئة الانتخابية، في حين وصلت نسبتهم في هذه الانتخابات نحو 35 %، لأن عدد الهيئة الانتخابية في انتخابات 2011 كان أقل من 130 ألف ناخب، مقارنة بهذه الانتخابات الذين بلغ عددهم 224 ألف ناخب، وهو ما يعني عمليًا عدم إقبال من جانب الإماراتيين للانتخابات، رغم زيادة عدد الهيئة الانتخابية بنحو 66 %.
ويرى مراقبون أن المطالبة باستقالة اللجنة المقصود بها أيضًا تغيير نهج الانتخابات برمته، خاصة أنه لم يسبق لمسؤول في الدولة أن سجل سابقة تاريخية وقدم استقالته لفشله في سياسة ما أو موقف ما.
وكان «قرقاش» قد برر انخفاض عدد المرشحين بأن من تقدم للترشح من هو مؤهل ونوعي، وأن المعيار الحقيقي لنجاح الانتخابات هو المشاركة فيها من جانب الناخبين.
وبعد هذه النتائج سواء على صعيد 35 % من عدد الهيئة الانتخابية، أو نسبة 17 % من عموم الناخبين الإماراتيين، فإن خبراء في الانتخابات يؤكدون أن جميع الدعاية السياسية والجهود التي بذلتها لجنة الانتخابات لم تفلح في إقناع الشعب الإماراتي بالمشاركة في الانتخابات، كونه لا يزال يفقد الثقة في مجريات وإجراءات وتدابير تنظيم الانتخابات، ويطرح الكثير من التساؤلات حول جديتها وسط قيود تفرضها السلطة التنفيذية على المجلس وعزله عن ممارسة سلطات تشريعية ورقابية، معتبرة أنه السبب الذي دفع ناشطين إماراتيين إلى رفع عريضة في 2011 تطالب بتطوير تجربة المجلس الوطني، والسماح لجميع المواطنين بالترشح والانتخاب، وهو ما يعني أن الشعب الإماراتي يقف خلف العريضة والمطالب التي تضمنتها، كما يرى ناشطون.
الصحف الإماراتية تطبل للنتائج المخزية
وكالعادة استمرت الصحف الإماراتية بممارسة دور التطبيل في (العرس الديمقراطي) المزعوم، الذي غاب عنه الإماراتيون ولم يحضره سوى 35% فقط وهي النتيجة التي شكلت صدمة سارت بغير ما تشتهي سفن الحكومة الإماراتية .
وبالغت الصحف في تلميع ما أسموه "العرس الديمقراطي" مجمعين على مانشيت واحد اليوم الأحد يحمل معنى (فازت الإمارات ولم يخسر أحد)، «المجلس الوطني».. خطوات حثيثة تكرس الديمقراطية، وفي عنوان آخر: المشهد الانتخابي.. الوطن يفوز، وعنوان ثالث: الديمقراطية المتأصلة في الإمارات!
وتجنبت الصحف النقاش في أسباب هذا الضعف وهذا الفشل بإقناع الهيئات الانتخابية بالمشاركة والذهاب للصناديق. وقالت صحيفة الخليج في افتتاحيتها: فازت دولة الإمارات أمس في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015 في دورتها الثالثة، بوصول عدد المنتخبين نسبة تاريخية، فيما سجلت إمارة رأس الخيمة الانتصار الوحيد للسيدات في الانتخابات بفوز ناعمة عبدالله سعيد الشرهان.
من جانبها قالت صحيفة البيان في افتتاحيتها: أمام مجلس وطني جديد، جاء يوم الانتخابات البارحة ليثبت أن هذه التجربة مهمة جداً، وقد أقبل عليها المواطنون، في خطوة من خطوات التمكين السياسي .
أما صحيفة الرؤية فقالت: هي مرحلة جديدة من العمل الديمقراطي في دولة الإمارات.. مرحلة يفترض أن تستفيد من التجربتين السابقتين، وتؤسس لما بعدها من مراحل.
رئيس تحرير صحيفة الاتحاد محمد الحمادي قال في مقالته الافتتاحية: إن الملاحظة الرئيسة في هذه الانتخابات أن أغلب الفائزين من الشباب، والملاحظة الأخرى أن المرأة لا تزال حظوظها بالفوز محدودة، فلم تفز غير امرأة واحدة.. لقد كنا نتمنى أن تكون نسبة المشاركة أعلى، وأن يكون عدد النساء الفائزات أكبر، لكن هذه هي الديمقراطية، وعلينا تقبل نتائجها واحترام قرارات واختيارات الناخبين فيها.
فيما استمر الكاتب جمال الدويري في صحيفة الخليج بترديد ذات الأيقونة (لم يخسر أحد)، قائلًا: حقيقة لم يخسر أحد، ولن يخسر أحد، حتى المرشح الذي انتقل إلى جوار ربه فجر أمس عبدالعزيز الشحي، رحمه الله، كسب هو الآخر فرحة أشقائه وشعبه، طالما الهدف هو الوطن ورفعته والإعلاء من شأنه.
مسرحية هزلية
فيما عبر عدد كبير من النشطاء عن انزعاجهم من هذه المسرحية الهزلية التي تمت الدعاية لها والصرف عليها بشكل مبالغ فيه، لمجلس فاقد للصلاحيات بالأساس، يتم تعيين معظم أعضائه، حيث قال الكاتب والناشط جاسم راشد الشامسي: "المسؤول فاقد الوطنية من يشارك في إخراج تلك المسرحية، والمغفّل من الشعب من يمثّل في تلك المسرحية..!".
وأضاف "الشامسي" عبر حسابه الرسمي بتويتر: "#انتخابات المجلس الوطني في #الإمارات جعجعة بلا طحن!..". متابعًا: "ما تم تحقيقه في #انتخابات المجلس الوطني الاتحادي وقضية #معتقلي الإمارات يشير إلى أن أجهزة الأمن هي الأقدر والأصلح لإدارة الوطن!".