شؤون خليجية -
منذ اللحظة الأولى في حكم قائد الانقلاب العسكري المصري عبد الفتاح السيسي، وهو يظهر موقفا متباينا تجاه الأزمة السورية لما تعلنه المملكة العربية السعودية. ومؤخرا اتسعت هوة الخلاف بين الكفيل السعودي والجنرال المصري الذي ذهب ليرتمي في أحضان موسكو وطهران، وأعاد فتح السفارة السورية بالقاهرة، ولم يستضف وفد المعارضة السورية في القمة العربية الأخير بشرم الشيخ، بالرغم من اعتراف جامعة الدول العربية السابق بهم ممثلا شرعيا للمقعد السوري.
كما صعد النظام المصري من تحركاته مؤخرا، لتنضم مصر لما يسمى المحور الرباعي الجديد الذي يدعم الحل السياسي للأزمة السورية باستمرار الأسد لفترة انتقالية، حيث يضم المحور كل من مصر والإمارات والأردن بزعامة روسيا التي تقف بجانب الأسد منذ اللحظة الأولى.. حتى تأتي الضربة القاسمة – بحسب ما يتوقع مراقبون – في الخلاف المصري السعودي حول الملف الروسي عندما تعلن مصر رسميا على لسان وزير خارجيتها ترحيبها بالضربات الروسية العسكرية على سوريا في ظل تنديد دولي .
يأتي هذا في الوقت الذي تؤكد فيه السعودية على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، مرارًا وتكرارًا أن "الأسد انتهى"، وأنه من الأفضل أن يرحل عبر "عملية سلمية"، حتى لا يتم إرغامه على الرحيل عبر "هزيمة عسكرية"، كما بدأ الحديث الآن عن ضرورة تفعيل فكرة التحالف السني الذي يضم كل من السعودية وتركيا وقطر في مواجهة التحالف الروسي الإيراني في سوريا والذي انضمت له مؤخرا مصر والإمارات والأردن. فهل نفذ الرز الخليجي؟ وهل ستسمح السعودية لكفيلها بالانضمام للمحور المعادي لها؟
خلاف يظهر للعلن وبشكل رسمي
وبعد أن كان الترحيب بوجود الأسد، والاتجاه ناحية روسيا وإيران.. يتم الإشارة له خلال بعض الصحف والأقلام والتقارير.. بات يأخذ شكلا رسميا معلنا في الآونة الأخيرة .. كان أبرزها عندما أبدى نظام الانقلاب بمصر، أمس السبت، تأييدا للغارات الجوية التي تشنها روسيا في سوريا، قائلا على لسان وزير خارجيتها إنها "ستساهم في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه"، وذلك على الرغم من الانتقادات الغربية للتدخل الروسي وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلفائها.
الصحافة المصرية ترحب بالتدخل الروسي :
وقبيل هذا الإعلان الرسمي.. أبدت صحف مصرية كبرى ترحيبا بالضربات الروسية في سوريا ، أبرزها الأهرام، مدعية أنه يستهدف إنقاذها من مصير العراق، والحفاظ على سوريا موحدة، بينما ينظر له الرأي العام بالمنطقة العربية والإسلامية على أنه احتلال مباشر لدولة عربية وإسلامية.
كما وصف خالد كساب، أحد الصحفيين المصريين المقربين من الانقلاب "بوتين" بأنه "جيمس بوند الرؤساء"!، وأعاد نشر مقاله له في جريدة "المقال"، أشار فيه إلى تدخل "بوتين" في سوريا، خلص إلى القول: "الآن يضيف بوتين إلى سجله الحافل ميزة أخرى بعد أن أصبح الرجل الذي "شقلب" حسابات منطقة الشرق الأوسط، وفك لجام الدب الروسي، ليدعه ينطلق في طريقه إلى سوريا، حيث الحمار الأمريكي "يرفص" هناك، في مشهد أقرب إلى تلك المشاهد التي تبتدئ بها الحروب العالمية الضخمة، ليجعلنا نتساءل في قلق: ترى.. هل نكون الجيل الذي يشهد الحرب العالمية الثالثة؟".
هجوم على السعودية
يأتي هذا الترحيب بتحركات روسيا ورئيسها في الوقت الذي عكفت فيه بعض الأقلام المصرية المقربة من الانقلاب على مهاجمة السعودية وتحميلها مسؤولية "الدم" في سوريا ، وكان أبرزهم الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى الذي اتهم أكثر من مرة الشهر الماضي السعودية بأنها صانعة "الإرهاب الإسلامي"، زاعما أن "الدم السوري يسيل بسبب الدعم السعودي للوحشية"، وداعيا مصر إلى أن تتخذ موقفا من هذا "الدعم"، على حد قوله.
واتهم عيسى السعودية بأنها "مولت بالمليارات منظمات وجمعيات خيرية ودعوية وإغاثية كانت هي قلب الإرهاب في العالم كله، وهي الآن تدعم المعارضة المسلحة التي تحولت إلى "جبهة النصرة"، وهي ممثلة تنظيم القاعدة في سوريا والجماعات الإسلامية التي اندمجت في داعش الوحشية"، بحسب مزاعمه
تحالف السيسي وبوتين:
وسبق أن توقع الشهر الماضي الإعلامي السعودي عصام أحمد مدير، الباحث في مقارنات الأديان وأحد تلامذة الداعية الإسلامي المعروف أحمد ديدات، أن هناك تحالفًا حربيًا جديدًا في سوريا، منوهًا بأنه يضم الرئيس السوري بشار الأسد وقائد الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي، لافتا إلى أن هدفه تهجير وإبادة المسلمين من سوريا.
وعبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، نشر "مدير" صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلق عليها قائلا: "بعد اعتراف بوتين بوجود مستشارين روس في جيش بشار.. الآن أخبار وصور عن مقاتلات حربية روسية وعناصر من قواتها في الشام". وأضاف: "الآن لدينا تحالف حربي جديد في سوريا يضم بشار والسيسي في سروال الصليبي بوتين لاغتصاب الشام باسم مكافحة داعش وهي الغطاء لتهجير وإبادة المسلمين".
وتابع "مدير" :" ها هو قد حصل كما حذرنا من جهة بريطانيا أيضا وفي الوقت الذي خشينا: حرب صليبية بالوكالة لبشار وبالتفويض السيسي .. فتدبر"
وبالفعل يحاول قائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي الارتماء في أحضان موسكو منذ توليه الحكم في مصر، من أجل أن يستفيد بأكبر قدر ممكن من الأزمة السورية، فلا يمانع في دعم روسيا أو بقاء بشار في مقابل الحصول على صفقات جديدة ودعم عسكري أكبر .
هل تسمح السعودية لحليفتها بالوقوف في المعسكر الروسي ؟
أجاب الإعلامي السعودي الكبير والمقرب من دوائر صنع القرار بالمملكة جمال خاشقجي، أمس على هذا السؤال في مقاله بصحيفة "الحياة" ، بعنوان "هل هناك ما هو أسوأ"، قال فيه إن السعودية لن تسمح لحليفتها "مصر" أن تدعم الخصم الروسي " ، وقال : "السعودية ستقاوم المشروع الروسي الإيراني المشترك في سوريا لحماية نظام الأسد؛ عبر تحركها دبلوماسيا لتشكيل موقف عربي رافض للتدخل الروسي ويؤسس لموقف دولي، ثم تصعّد في دعمها المقاومة".
وتابع خاشقجي: "تشكيل موقف عربي سيختبر صدق بعض من تحالفاتها كانت تتمنى لو لم تضطر إلى اختباره، مصر مثلا متحمسة للعدوان الروسي، إعلامها لا يخفي ذلك، ولكن لا يمكن صدور قرار من الجامعة العربية دون مصر، ولن تقبل السعودية أن تقف حليفتها بدعم غير مسبوق مع الخصم الروسي". موضحا أنه "بينما كان أنصار بشار في بيروت والقاهرة وطهران يكايدون الرياض بعبارات مراهقة احتفاء بالانتصار الروسي القادم في سورية، كما يتوقعون، رفع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بكل ثقة حدّة خطابه، فاستخدم الثلاثاء الماضي في نيويورك، وعلى هامش جلسات الأمم المتحدة السنوية، عبارة (عمل عسكري) كأحد خيارين لإسقاط الرئيس السوري، الذي ترى السعودية أنه لا يمكن إحلال السلام هناك بوجوده".