حميد بن فاضل الشبلي- عمان اليوم-
تعاني البلديات على المستوى المحلي، وكذلك في كثير من دول العالم الأخرى، من مشاكل وعوائق عديدة تحيل من السيطرة التامة على ردع كل المخالفين للأنظمة واللوائح الخاصة بتطبيق التعليمات والاشتراطات الصحية للمطاعم والمقاهي والمخابز والمؤسسات المعنية بإعداد وتجهيز الطعام للمستهلك.
في الحقيقة حاولت أن استطلع آراء بعض الإخوة العاملين في أقسام الرقابة الغذائية بالبلديات والتعرف عن قرب لأهم الصعوبات التي يواجهونها في عملية مراقبة الغذاء، وهنا أقصد المخابز والمقاهي والمطاعم التي تقوم بإعداد الوجبات الغذائية للمستهلك المحلي بشكل يومي، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب العمل الإداري المناط إلى هؤلاء المفتشين والمراقبين، كما أن أعداد المنشآت التجارية في ازدياد كبير سنويا يقابله عدد قليل في التوظيف الخاص بمهنة التفتيش والمراقبة الغذائية، إضافة الى ذلك هناك تشعب واسع في عمل هؤلاء المختصين، فمع عمليات التفتيش للمطاعم والمخابز والمقاهي ومحلات بيع المواد الغذائية وأسواق الخضروات الفواكه يقوم هؤلاء أيضا بعملية متابعة العقود والتراخيص والتفتيش على المنشآت الصناعية وكذلك المهنية، أضف إلى ذلك التفتيش على المسالخ ومحلات بيع وذبح اللحوم والدواجن، ومواقع الزرائب وبيع الأغنام، كما انه توجد أعمال أخرى عديدة لا يسمح الوقت لذكرها في هذا المقال، هي كذلك من مهام هؤلاء الكوادر التي يفترض أن تتفرغ لمتابعة سلامة الأغذية.
لذلك ومع هذه الظروف الخارجة عن إرادة العاملين، يتطلب علينا البحث عن وسائل أخرى تساعد في عملية المتابعة والمراقبة، وكذلك إيجاد طرق وحلول تحمي المستهلك من إهمال بعض المؤسسات التي تقوم بتجهيز الغذاء غير الصحي، ومن أهم الحلول التي استمعت إليها من الوسط الاجتماعي، هو تركيب كاميرات مراقبة داخل هذه المؤسسات، ثم يمكن للمفتشين التحقق من أن هذه المؤسسة ملتزمة في تطبيق الاشتراطات الصحية، وهناك مقترح آخر جميل استمعت له من قبل أحد الإخوة العاملين بهذه البلديات، والذي يخطط في تطبيقه بالمرحلة القادمة من خلال مساهمة المواطن مع الجهات المختصة في عملية الرقابة الغذائية، وتدور الفكرة حول وضع البلديات لوائح إرشادية بكل لوازم الاشتراطات الصحية الواجب توفرها في المطاعم والمقاهي، ثم المستهلك يقوم بتقييم المكان بنفسه هل تتوافر به تلك الاشتراطات الموضحة بتلك اللوائح، وهنا يقوم المستهلك من التحقق في الاشتراطات الواجب توافرها عند كل موقع بالمؤسسة. فإن وجد تلك الاشتراطات مطبقة ومتوفرة سوف يدرك أن هذه المؤسسة ملتزمة بتعليمات وإرشادات البلدية، أما إذا وجد غير ذلك فإنه سوف يدرك أن هذا المكان غير نظيف وبالتالي سيمتنع عن تناول أي وجبة فيه، ويمكن له أن يتواصل مع البلدية أو حتى هيئة حماية المستهلك لاطلاعهم عن وجود أي مخالفة واضحة للعيان في تلك المؤسسة، وهذه الفكرة سوف تجبر أصحاب المؤسسات أن يكونوا ملتزمين بتوفير الاشتراطات الصحية في كل وقت خوفا من أن يتم الإبلاغ على أي تقصير لديهم، وبالتالي ثقافة العامل سوف تتغير في تلك المؤسسة، كما أن ثقافة المستهلك أيضا سوف تكون اكثر حرصا في التحقق من سلامة غذائه.
وختاما نتمنى من المعنيين في البلديات في المرحلة الراهنة، أن يعملوا على توفير كوادر بشرية متخصصة في رقابة الغذاء وبأعداد تتناسب مع عدد المؤسسات، كما نتمنى أن نرى في القريب العاجل تحول الحكومة في إيجاد هيئة خاصة بالأغذية، مهمتها الرئيسية فقط هي متابعة ومراقبة سلامة الغذاء سواء كانت في المحلات التجارية أو في المطاعم والمقاهي والمخابز، من اجل الحفاظ على سلامة صحة الأفراد في المجتمع.