شريفة بنت علي التوبية – عمان اليوم-
تمكين المرأة هو المفتاح الذي كنا نظن أنه سيفتح كل الأبواب المغلقة في وجه المرأة بقوة المجتمع والذي كما أشارت معطيات هذا المصطلح أنه انتقص من حقها الكثير، فلم تكن سوى (ربة بيت) المسمى الذي تفر منه جميع النساء الآن وتخجل منه، وقد كانت أمي التي زرعت في قلبي محبتها وفي نفسي أخلاقها وقيمها وفضيلتها ربة بيت ولم تخجل أمي بذلك، ولأجل التمكين تحرك العالم بكل منظماته الإنسانية لإنصاف النساء من ذلك القهر الاجتماعي بحصر دورها في أن تكون أماً فقط، ليصبح تمكين المرأة هدف الناشطين في حقوق الإنسان، حتى تمكنت المرأة من كل شيء واحتلت كثيرا من المناصب الكبرى وأصبح لها مكانة ودور خارج بيتها، وفي ذلك إعلاء من شأنها بلا شك، فمن حق المرأة أن يكون لها في هذا الوجود أدوار ووجود وأن تخرج إلى موقع العمل كشريك للرجل ولها الحق في ذلك، ولكن نس التمكين في المقابل دورها الحقيقي كأم ومربية، وربما سلب التمكين من المرأة أمومتها الحقيقية ليحولها إلى وعاء منتج للأطفال فقط وأم بلا أمومة أو جسد مشتهى في صفحة الإعلانات، ومارس عليها ضغطاً نفسياً وعاطفياً كضريبة لأي نجاح تحققه وهي المكابرة المشتتة بين أن تكون أماً أو تكون كائن مستهلك، تبحث عن منطقة وسط تقف عليها لتنجح هنا وهناك وهي تعلم أن نجاحها كأم لا يقارن بنجاح آخر وأن الأمومة في قلبها تساوي ألف نجاح وأن الحب في قلبها لتربية أبنائها لا يقارن بشيء، وإن استطاعت التوفيق فذلك على حساب أشياء أخرى متعلقة بصحتها النفسية والعاطفية والجسدية لتحيا ذلك الكفاح المضني لنيل المكانة مع الرجل في منافسة على حساب الأسرة والأبناء.
نسى التمكين حق المرأة في أن تكون أماً قبل كل شيء فغُيبت حقوقها كأم عاملة حتى اعتبر البعض ساعة الرضاعة تفضّلاً وإجازة الأمومة كرماً ولمدة لا تفي الهدف منها، وقد تعمل المرأة حتى اللحظة الأخيرة في أشهر حملها وحينما يمضي العمر تجد نفسها صفر اليدين ولم تتمكن من شيء أكثر من راتب تقاعدي لتدرك حجم الحقيقة في قلبها، فقد كبر الأبناء دون أن تحيا تفاصيل طفولتهم وبقت تلك الصورة الباهتة المعلقة على جدار الزمن لامرأة تمكنت من كل شيء عدا أمومتها، امرأة عاملة صفق الجميع لها لأنها نجحت ولم يكن هناك من يصفق لأم نجحت في تربية أبنائها، فليت تمكين المرأة يفهم ما الذي تريده المرأة.