علي القاسمي- الحياة السعودية-
تحمل بعض الأسئلة طابع الوجع، ولكنها تدخل حاجز اللازم والضروري، طالما كانت غير بعيدة عن مرمى الإجابة، ولعل السؤال المتمدد في الأعلى أحد الأسئلة التي يتداولها المتابعون لمشاريع الوهم الإسلامية، وما تتطلبه من عمل ظلامي يهدف إلى دفع الشباب إلى مواقع الفتن والزج بهم في المناطق الممتلئة بروائح البارود، وأصوات الأسلحة، وصداع التفجيرات، وللحق فكثير ممن يدفع بالبلهاء إلى هذه الأمكنة ينعمون برفاهية عالية، ويتنقلون من مساحة جغرافية لأخرى شريطة أن مساحاتهم مباركة بالماء والخضرة والوجه الحسن.
لا يزال بيننا من يحتفي بشرف أن يكون الإنسان من هذه المنافذ «شهيداً»، ويصب متعة ذلك في أذهان البراعم من الأفكار المهيأة للتطرف رغبة في الترقي لصفوف الناشئين والشباب، في ظل أن الانضمام للكبار لا يتطلب سوى تخطيط مع موظفي تهريب، وسفر عبر المنافذ البرية إلى المواقع المعدة للبروفات التاريخية، التي يختلف فيها القادة كثيراً لأن دور البطولة هو الدور المغري، وعليه ترتقي نوعية التغذية بالجواري، وتزيد ساعات القلب.
ثمة من يعتقد أنه ليس من السهل أن يتحول «شاب» إلى هيئة مختلة، وينضم إلى موظفي فريق الانحلال الفكري، هذا الاعتقاد مبني على أن ما يمرر على أسماعنا من أفكار ليس سوى حمية ودفاع عن أمة وتفريج عن مكروب أو مظلوم، وبغية في جنة، ولو سألت شاباً عائداً من هناك لوجدته ذهب إلى المحرقة، لأن فاجراً أقنعه بأن هذا طريق الجهاد المنتظر للعباد، وطبع بالتوازي في عقليته إغراء الحور العين، وأن التذكرة لهم ستكون من هناك وحفزه على المقبلات من الإماء والسبايا والجواري وهذه خطة ضرب ما تحت الحزام لكونها القاصمة.
تثبت النظرة الخاطفة لما حولنا أننا نحظى بفئات من المفتتنين بالضلال وتنظيماته، لكنها مترددة في الانضمام لخلاف على مخططات اللعب أو طريقة المدرب، أو ربما عدم الرغبة في اللعب في الاحتياط، أو حرج الزج بهم في المباريات الحاسمة التي لا تقبل إلا الانتصار أو الموت، وعوداً على السؤال فقصة أن يتحول شاب إلى ضال طازج تحتاج إلى مساحة من التأمل بالغة الدقة، فقد يمسي أحدهم وهو يكاد يفكر في غسل ملابسه، ويصبح وقد حزم حقائبه لوجهة يقاد لها في عملية غسل دماغ مرئية، الدهشة لا تكمن في سرعة التحول والانتقال من الحالة المستقرة للحالة المضطربة بل المحرق هو كمية الإبر الوعظية المؤثرة التي يحقن بها هؤلاء الشباب عياناً بياناً، وبجرعات متزايدة ونحن بين المحطات الثلاث المعتادة «صمت، دهشة، خوف».
لم ينضم لفرق الخيبة والضلال حتى تاريخه الرؤوس الكبار من دعاة الفتنة، ولا من أبنائهم، ولا من ذوي القربى لأن النتيجة معروفة سلفاً، هم فقط يؤدون آلية العمل التي تساعد على تحقيق سطر العنوان منزوعاً منه «لماذا»؟ وليت أنا مع كل عائد من مسرحيات الكذب والخيانة والإساءة للدين نُحْضر بضعة أسماء من دعاة الدفع والرفع حتى نزيل المكياج الذي ضحكوا به على العامة لسنين، واستمر الضحك على رغم زوال المكياج، لكنها ضريبة الغسل الذهني لجماهير العاطفة، والنتائج المريرة لفتنة تقديس الأسماء!