سالم بن حمد الجهوري – عمان اليوم-
تحديدا بعد 19 يوما ينتخب المواطنون أعضاء مجلس الشورى في دورته الثامنة، وهو حدث ليس عاديا، يوم يمثل امتدادا لمبادئ نهج عمان الذي سارت عليه منذ أن تعاقبت عليها أسر الحكم حتى أسرة آل بوسعيد منذ أكثر من250عاما، والذي شكلت عملية الشورى فيها عمودها الأهم في إدارة الدولة، وهو ما جنبها الكثير من المصاعب على مدى تاريخها.
وترسخ الشورى في السلطنة نهجا ليس حديثا بل ضاربا في عمق التاريخ، ويكتب لهذا العهد الزاهر الذي تعيشه عمان أن لقيت هذه العملية دعما مباشرا من المقام السامي فتدرجت منذ 1983م عندما أنشئ أول مجلس استشاري والذي فتح الآفاق إلى الانتخاب الحر من قبل المواطنين حتى توج في دورته الأخيرة بالاختيار المباشر أيضا لرئيس المجلس لتكتمل المنظومة فيه ويصبح الجميع خاضعين للتصويت، وهو بذلك وضع المسؤولية على عاتق الناخب وكذا العضو المنتخب لتحمل الأمانة المجتمعية في بذل الجهد من أجل الإصلاح والإضافة وعبر التشريعات والتوصيات والاستيضاح من المسؤولين.
لكن الطريق لتقديم المجتمع عضوا فاعلا إلى المجلس لا زال يحتاج إلى المزيد من الوقت والمزيد من التدقيق، فقد توفرت الكثير من الأدوات لإيجاد مجلس شريك للحكومة في إدارة شؤون الدولة ، لكننا اي مجلس نحتاج؟، وأي عضو نرغب في أن يمثلنا؟، فالأمور تحتاج إلى المزيد من المراجعة من نواح عدة، وهذه المراجعة هي التي ستصنع الفارق في أداء المجلس.
نحتاج إلى أعضاء قادرين على البحث والمقاربة، وإعداد الدراسات واستخلاص النتائج من تجارب الآخرين والبناء عليها وتقديم الرؤى والأفكار التي تحتاج إلى المزيد من الجهد الشخصي، الجهد الذي يدفعه الحماس والحرص على الأفضل، والذي يقدم ويبتكر الحلول للكثير من المعضلات التي تبطئ عجلة التقدم، والى المساهمة في تغيير نمط وثقافات سائدة بين أفراد المجتمع تهدر الكثير من الموارد التي تمثل احتياجا في بلد يعتمد على 80% من ميزانيته على موارد النفط، إلى من يستطيع أن يكرس ثقافة العمل من أجل رفع معدل الإنتاجية وتعظيم النتاج والحرص على قدسية العمل الذي يعد الرهان نحو تغيير أرقام الإنتاج السنوي، والى دفع المواطن نحو التفكير والابتكار للمشاريع التي لا نريدها فقط على المستوى المحلي بل الانتشار إلى خارج الحدود، ويمكن لشبابنا أن يفعل ذلك في مجالات مختلفة، إلى ضرورة أن يحرص الجميع على أن الوطن خلية عمل واحدة كل يؤدي مهمته بأمانة.
لكن قبل ذلك كله الأمر يتعلق بورقة الناخب التي سيضعها في صندوق الانتخابات القادم، والتي ستحمل أكثر من سؤال، لعل أبرزها هو.. هل ستنحاز إلى الوطن؟ أم إلى دون ذلك؟.