شؤون خليجية -
"زيارة الملك سلمان إلى موسكو قريبا".. هذا المانشيت قلب موازين اللعبة السياسية وحاوطه حالة من الترقب لم تدم طويلا، فبعد أيام من إعلان كلا الجانبين الروسي والسعودي عن الإعداد للزيارة المرتقبة للعاهل السعودي إلى موسكو، خرج، اليوم الخميس، المغرد السعودي مجتهد -المعروف بنقله لأخبار ذات درجة عالية من المصداقية - مؤكدا أنه تقرر تجميد فكرة زيارة الملك سلمان لروسيا بعد وصول إشارات تحفظ من أمريكا.
ولم يذكر "مجتهد" من ضمن أسباب تجميد الزيارة الخلاف بين الرياض وموسكو حول الأزمة السورية، بل ذهب لما هو أبعد من ذلك، وهو قلق الأمريكان من إتمام صفقة أسلحة سعودية روسية تتضمن منظومة الدفاع الجوي إس إس 300 و 400 التي لا ترغب أمريكا أن تصل للسعودية، موضحا أن تطورات سوريا ليس لها علاقة بالتحفظ الأمريكي لأن النشاط الروسي في سوريا حصل بعلم وموافقة الأمريكان وبإحاطة السعودية بالتفاصيل -على حد قوله-.
أسلحة روسية تخيف أمريكا
وعن نوعية الأسلحة التي تتخوف أمريكا من إتمام صفقة بشأنها مع السعودية، يقول "ويكيبديا" إن أس-300 (S-300) هو (لقب تعريف الناتو:أس أي-10 غرومبل) وهي منظومة دفاع جوي صاروخية بعيدة المدى روسية الصنع، لها عدة إصدارات مختلفة طورت جميعها من(أس-300 بي) (S-300P)، وقد صُمم النظام لقوات الدفاع الجوي السوفيتية لردع الطائرات وصواريخ كروز طورت بعدها إصدارات أخرى لردع الصواريخ البالستية.
والأسلحة مجهز برادارات قادرة على تتبع 100 هدف والاشتباك مع 12 هدف في نفس الوقت والنظام يحتاج 5 دقائق فقط ليكون جاهزًا للإطلاق وصواريخه لا تحتاج لأي صيانة على مدى الحياة وهناك إصدار مطور للنظام يعرف "ب أس-400".
أما "أس 400" فهذه المنظومة قادرة على رصد وتدمير الأهداف من على بعد 400 كلم وتشمل تلك الأهداف الطائرات والصواريخ البالستية وصواريخ كروز، ويصل مدى المنظومة إلى 3,500 كلم وبسرعة 3 أميال بالثانية فضلا عن تمكنها من كشف الطائرات الشبحية. وتعد منظومة "إس-400" أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورا حتى اليوم.
دفاعات صاروخية روسية "مثيرة للانزعاج"
كان قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا، الجنرال فرانك جورنيك، قد قال: إنه يشعر بقلق من تحركات روسيا لزيادة عدد ونوعية طائراتها بما في ذلك الطائرات بدون طيار.
وأضاف جورنيك، في المؤتمر السنوي لرابطة سلاح الجو الشهر الماضي،:"يمكنني أن أقول بصراحة إن التفوق الذي كان لدينا في الجو يتقلص"، واصفا كلا من استثمار روسيا في تحديث قوتها الجوية وبناء دفاعات صاروخية قوية بأنهما "مثيران للانزعاج"-وفقا لوكالة رويترز-.
ومن بين الدفاعات الصاروخية، التي قامت روسيا ببنائها، أشار جورنيك إلى الدفاعات حول منطقة القرم في أوكرانيا التي قامت روسيا بضمها في 2014 وحول كاليننغراد وهي جيب روسي بين بولندا وليتوانيا.
طبيعة العلاقات الأمريكية - الروسية
تشهد العلاقات "الأمريكية – الروسية" خلافات حادة في الوقت الراهن بشأن الأزمة السورية، حيث خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أواخر الشهر الماضي مصرحا بأن العلاقات الروسية الأمريكية للأسف ليست في أفضل حالاتها، وسبقها تصريح للكرملين أعلن خلاله أن مستوى العلاقات أقل من المطلوب، تزامن معها تعالي أصوات الخبراء بعدها بأنهم لا يتوقعون دفء العلاقات بين واشنطن وموسكو.
ففي الوقت الذي تصر فيه روسيا على مساعدة نظام بشار الأسد بكل ما أوتيت من قوة للبقاء، وتسخر أسلحتها وطيرانها وجنودها وعتادها العسكري لمساعدة بشار وجيشه الذي يتلقى هزائم متتالية، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربى، إن الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل العمل مع شركائها لتحقيق انتقال سياسي في سوريا بعيداً عن بشار الأسد.
تنسيق سعودي روسي بشأن سوريا
وبالذهاب إلى ما قاله المغرد "مجتهد" عن التنسيق السعودي الروسي بشأن الأزمة السورية، فقد أثارت مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الروسي "بوتين" مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في 26 سبتمبر الماضي، استغراب العديد من المراقبين كونها جاءت بالتزامن مع دفع روسيا بتعزيزات عسكرية للنظام السوري الذي تصر السعودية على رحيله، ليشير المراقبون إلى أن الرياض "غير منزعجة" من تنامي الدور العسكري في سوريا. وأشاروا إلى أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، تهرب من إعطاء موقف علني للمملكة بشأن التدخل الروسي واكتفى بالقول إن "التواجد والدعم الروسيان موجودان من قبل، ونحن والكل يعلم عنه"، إلا أن المتداول في الإعلام على لسان الجبير تأكيده على بشار الرحيل سواء سياسيا أو عسكريا.
وربط مراقبون بين زيادة التدخل الروسي في سوريا وزيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، وتلتها زيارة سعودية أخرى لموسكو لوزير الخارجية عادل الجبير في شهر يوليو الماضي، والتي أعقبها الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية في الدوحة في شهر أغسطس الماضي الذي خُصِّص لبحث الأزمة السورية.
وأسفرت زيارة بن سلمان لموسكو عن توقيع ست اتفاقيات إستراتيجية، أبرزها اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري والتعاون في مجال الفضاء.
التسليح السعودي الأمريكي
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد كشفت أواخر العام الماضي عن صفقة أسلحة جديدة للسعودية بلغت 1.75 مليار دولار، وذلك لتطوير منظومة الدفاع الجوي بالسعودية.
وقالت "البنتاغون": إن وزارة الخارجية وافقت على صفقة بقيمة 1.75 مليار دولار لبيع السعودية نظام "باتريوت" للدفاع الجوي وصواريخ "باك-3" وستكون شركتا "لوكهيد مارتن"، و"ريثيون" المتعاقدين الرئيسيين.
وأخطرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التي تنفذ صفقات الأسلحة الخارجية "الكونغرس" بشأن صفقة الأسلحة المحتملة والتي لم يتم إنهاؤها بعد. وقالت: إن الصفقة ستساعد السعودية على تجديد ما لديها حاليا من صواريخ "باتريوت" التي أصبحت قديمة ويصعب استمرار الاعتماد عليها بسبب قدمها ونقص قطع الغيار.
وكان تقرير أصدره معهد "ستوكهولم لأبحاث السلام العالمي" (SIPRI) قد ذكر أن الإنفاق العسكري السعودي أصبح أحد أعلى أربعة على مستوى العالم، فقد بلغ الإنفاق العسكري العالمي 1.75 تريليون دولار في 2013، منخفضا بنسبة 1.9% عن القيمة الحقيقية لإنفاق 2012، بحسب تقرير معهد ستوكهولم.
وبحسب التقرير، فإن أكثر ثلاثة بلدان إنفاقا في المجال العسكري - بعد الولايات المتحدة - هي الصين وروسيا والسعودية، وكلها أجرت زيادات ملموسة، مع قفزة سعودية كبيرة في الإنفاق جعلتها تتجاوز في هذا المضمار بريطانيا واليابان وفرنسا، لتصبح السعودية رابع أكبر منفق عسكري في العالم، ففي 2013 ازداد الإنفاق العسكري السعودي بنسبة 14%، فبلغ 67 مليار دولار.