القبس الكويتية-
مي السكري - لا مستشفيات ومراكز تأهيل شاملة.. حرمان من الدمج المجتمعي.. برامج حكومية قاصرة.. خدمات تأهيلية متردية.. ومخرجات تعليمية لا تراعي سوق العمل.
باختصار هذا هو واقع التأهيل في الكويت، وفق ما كشف عنه عدد من ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم، إضافة إلى الناشطين والمهتمين بمجال الإعاقة في استطلاع رأي أجرته القبس حول واقع التأهيل.
وشددوا على أهمية التأهيل سواء النفسي أو الطبي أو الاجتماعي أو المهني في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وبيّنوا أن الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة تتم من خلال تأهيلهم عن طريق برامج تأهيلية شاملة في مجالات العمل والتعليم والخدمات الاجتماعية، لتحقيق الفكرة العالمية التي تنادي بدمج ذوي الإعاقة مع المجتمع الذي يعيشون فيه، وإشعارهم بإنسانيتهم وذاتهم.
وبالرغم من أن قانون المعاقين 8 لعام 2010 أشار إلى جميع طرق التأهيل لذوي الإعاقة وألزم المؤسسات الحكومية بتقديم ما يخصها منه لهذه الفئة، فإنها لم تلتزم بالحرص على تحقيق ذلك، على حد قول الناشطين والمهتمين بمجال الإعاقة.
أفراح العازمي: تعذيب وإحباط نفسي!
اعتبرت أفراح العازمي وهي زوجة معاق حركي أن تأهيل ذوي الإعاقة بمنزلة إهانة وتعذيب، معللة ذلك بعدم وجود مركز لتأهيل إعاقات الأمراض والولادة والحوادث من شتى النواحي النفسية والاجتماعية والصحية.
وتطرقت إلى التأهيل التعليمي، مبدية استغرابها من تكدس مدارس التربية الخاصة في منطقة حولي فقط حيث الازدحام، ناهيك عن نقص عدد مترجمي لغة الإشارة، إضافة إلى افتقار المدارس والجامعات للمعايير الدولية، ومنها بيئة التعليم الصحيحة والمباني المهيأة.
طارق الشطي: لا أشعر بإعاقتي في الخارج!
تناول طارق الشطي (من ذوي الاعاقة الحركية، ويعاني من شلل نصفي بسبب حادث سيارة منذ ست سنوات تقريبا) التأهيل الطبي من واقع تجربته مع الطب الطبيعي، مشيرا إلى انعدام تاهيل إصابات الحوادث في كل مستشفيات الكويت، مقارنة بالدول الأوروبية التي يتوافر لديها التأهيل منذ سنوات بعيدة تصل إلى اكثر من نصف قرن.
وضرب المثل بتجربة ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي يتوافر لديها مستشفيات متخصصة في علاج إصابات وإعاقات الحوادث، بخلاف الأمر في الكويت، حيث يتم علاج كل إصابات الحوادث في الطب الطبيعي، بمبناه غير المهيأ لذوي الاعاقة ويشبه الشبرات على حد وصفه، إضافة إلى قلة الإمكانات وعدم وجود الأجهزة الحديثة وقلة عدد الأسرة والمتخصصين في علاج إصابات الحوادث.
وأبدى إعجابه باهتمام الغرب بتأهيل ذوي الاعاقة، وقال «لا أشعر باعاقتي في الخارج، فالأرصفة والشوارع ومواقف السيارات مؤهلة، وكذلك وسائل المواصلات، بخلاف الأمر في الكويت التي تفتقر للتأهيل النفسي والصحي».
واختتم الشطي حديثه بالمطالبة بإنشاء مستشفى مؤهل ومتكامل ومزود بكل الأجهزة والاختصاصات، لافتا إلى معاناة ذوي الاعاقة الحركية في عيادات الأسنان والعلاج الطبيعي والأشعة، لأن الكراسي غير مهيأة وغير مناسبة للاعاقات الحركية مما يعيق جلوسهم.
حسن البلوشي: لا مراكز تؤهل الإعاقات الجديدة نفسياً
قال نائب رئيس الجمعية الكويتية لفاقدي الأطراف حسن البلوشي «نفتقر إلى التأهيل النفسي، فلا يوجد مراكز متخصصة أو مجاميع تؤهل الاعاقات الجديدة أو حتى الذين يعانون من اضطرابات نفسية، مستشهدا بمرضى الأمراض النفسية ممن يدمنون أدوية الاكتئاب والمنومات الأمر الذي يؤثر في حياتهم التعليمية والوظيفية والاجتماعية.
وزاد بالقول: التأهيل في الخارج مختلف تماماً والمعاق له قيمة بخلاف الأمر هنا، حيث نتعرض للإهانة وعدم الاحترام وقلة الرعاية والتأهيل.
أولياء أمور ذوي الإعاقة الذهنية.. مطلوب إدارة تدريبية لإرشادنا
صنف أولياء أمور ذوي الاعاقة الذهنية أبناءهم، ولا سيما ممن هم فوق 21 عاما ضمن أكثر الإعاقات ظلما، من حيث التأهيل المهني، مشددين على أهميته في تعزيز ثقتهم بأنفسهم ودمجهم في المجتمع.
وأضافوا: لا نطلب شهادة يعملون بها، ولكن نريد تدريبهم على انتاج عمل معين لتعزيز الثقة بذاتهم وقضاء وقت فراغهم، لافتين إلى عدم تقصير التربية الخاصة في تأهيلهم وتعليمهم أكاديميا.
ووصفوا مرحلة بلوغ سن 21 عاما بمرحلة الكساد والخمول والتآكل، مضيفين: ينقصنا مركز لتأهيل ذوي الاعاقة الذهنية، وللأسف حتى الهيئة حصرتنا في اسماء مدارس معينة غير مهيأة تعليميا.
وانتقدوا عدم وجود مراكز لتأهيل أولياء الأمور ممن لديهم إعاقات جديدة مما يؤخر بداية علاج إعاقات أبنائهم، مؤكدين ضرورة وجود ادارة تدريبية لإرشاد أولياء الأمور.
ناشطون في مجال الإعاقة
ورش التربية الخاصة لا توافق سوق العمل
دعا بعض الناشطين في مجال الاعاقة وزارت الدولة والمؤسسات الموجهة لذوي الاعاقة إلى ضرورة التعرف على نوع التأهيل الذي يحتاجه المعاق وتقديمه، لافتين إلى أن تردي الخدمات التأهيلية يؤثر سلبا في حياة المعاق ونموه ومستقبله.
وزادوا: الخدمات التأهيلية المختلفة مفقودة، وهناك قصور في الخدمات التي توفرها المؤسسات المعنية من حيث الكوادر المتخصصة والمناهج التدريبية والورش المحددة التي تناسب سوق العمل وتناسب طبيعة المعاق، فضلا عن القصور في الأجهزة الطبية التأهيلية وطبيعة التأهيل النفسي وأساليب الدمج الاجتماعي.
ولفت الناشطون الى أن بعض الأسر تبحث عن تأهيل مناسب لأبنائها، سواء في القطاع الخاص إن وجد أو بالدول الاخرى، ومن لم تجد ذلك تضطر الى إبقاء ابنها بلا تأهيل.
وبينوا أن الورش التعليمية في التربية الخاصة يجب أن يتم تجديدها لتوافق سوق العمل، لأن المعاق ذهنيا يتخرج ويعمل في مجال بعيد عن الورش التي تدرب عليها، كما أنه لا يستفيد من التأهيل الصحي.
دور الرعاية تفتقر إلى برامج الدمج الاجتماعي
أشار الناشطون إلى أن دور الرعاية تفتقر الى برامج الدمج الاجتماعي لذوي الاعاقة، بالتالي يتم حرمانها من التأهيل المجتمعي وتتحول الدور إلى بيئة مغلقة.
وأضافوا: ان المعاق في مستشفى الطب الطبيعي ينعزل فترة من الزمن عن الاختلاط بمحيطه لعدم وجود التأهيل النفسي وإعادته الى حضن مجتمعه، ولقد أخذ جزءا من هذا التأهيل المعاق نفسه، فتجد من عاش بالاعاقة فترة من الزمن يقوم بتأهيل المعاق الجديد، وهكذا هي حال الأسر القديمة والجديدة، كما تقوم بعض جمعيات النفع العام بوضع خطط للدمج الاجتماعي لمنتسبيها لسد القصور في البرامج الحكومية.
طامي المقاطع
معاقون مزيّفون في مدارس التربية الفكرية
اعتبر مدير مدرسة متلازمة الداون والتوحد سابقاً طامي المقاطع أن تأهيل ذوي الإعاقة الذهنية يحتاج إلى إعداد كوادر ومناهج وتأهيل مبان ومجتمع، لافتاً إلى أن جميع الإعاقات الذهنية في التربية الخاصة تعاني من ضعف وخطأ في التأهيل، وأن عناصر العملية التربوية ضعيفة ودون المستوى.
ورأى أن مخرجات التربية الخاصة بالنسبة لذوي الإعاقة الذهنية البسيطة والمتوسطة ليست بمستوى الطموح، فالمناهج الموضوعة للطلبة من هذه الفئة لا تراعي احتياجات سوق العمل.
وأشار إلى وجود مشكلة في القياس واختبارات الذكاء في شروط القبول، موضحاً أن هناك العديد من الطلاب ممن لا تنطبق عليهم شروط القبول في التربية الخاصة، وهم أسوياء وليسوا معاقين، ولكنهم يعانون من الرسوب المتكرر أو من العزوف عن التعليم، فيتجهون إلى مدارس التربية الفكرية أو التأهيلية، نظراً لمواءمة مناهج المدارس، ويجتازون الاختبارات ويحصلون على شهادة تعادل الصف الرابع المتوسط للعمل بها، مشدداً على ضرورة إخراج هذه الفئات من حسبة المعاقين الحقيقيين.
وذكر أن عدم إعداد وتأهيل ذوي الإعاقة بطريقة مناسبة يجعلهم عبئاً على كاهل الدولة، كما يؤثر على التنمية بشكل مباشر، مبيّناً أن نسبة كبيرة من الأسر التي لديها أبناء من ذوي الإعاقة الذهنية تعاني من التفكك الأسري، مما يؤثر على التنمية.
ولفت إلى أن التربية الخاصة تغفل جانباً من اختبارات الذكاء وهو السلوك التكيفي للمعاق الذهني، وهو الذي يعطي مؤشراً يبين مدى مصداقية اختبارات الذكاء. لذا، يجب استخدام هذا السلوك كمقياس إضافة إلى اختبار الذكاء.
و رأى طامي المقاطع أن المهارات الحياتية يجب أن تكون المنهج الأساسي لكل طالب تخلف عقلي، مشددا على أن الأسرة هي المسؤولة عن تأهيل أبنائها من ذوي الاعاقة الفكرية نفسيا واجتماعيا عن طريق المهارات الحياتية.
تفقد ميداني
أشار بعض أولياء الأمور إلى حقهم في تفقد المدرسة التي سيلتحق بها أبناؤهم ميدانيا لمعرفة مدى ملاءمتها وظروفهم وتأهيلها لهم.