علي عبدالرحمن الحويل- الانباء الكويتية-
تعيش العلاقة بين مكوني الأمة السنّة والشيعة واحدا من أدق أوقاتها وأكثرها حرجا وربما تشنجا، ولا مخرج منها إلا بتوحيد جهد العقلاء والمخلصين من خلال عقد مجموعة من مؤتمرات للوحدة الوطنية وأن تتبنّي الحكومة عقد ورعاية هذه المؤتمرات التي صارت أولوية مطلقة في ظل الوضع المتوتر القائم حاليا الذي بلغت فيه حدة التنابز والتلاسن بين مكوني الأمة مبلغا لم تصل إليه قط سابقا، ولم يعد متطرفو الطرفين والسفهاء فقط هم من يديرون المشهد ويهيمنون عليه، بل إن العديد من الحكماء من الطرفين انجرفوا إلى ساحة الاختلاف العلنية وصاروا يدعون لإعداد النفس ليوم الصدام.
لكن رغم ذلك لايزال هناك متسع من الوقت للعودة لحكم العقل لا العاطفة وإنهاء سياسة رأس النعامة، فقد صار واضحا أن على الدولة استعجال بدء مؤتمرات الوحدة الوطنية، فهي السبيل الوحيد لإقصاء السفهاء ومنع ضررهم واستعادة الحكماء للهيمنة على الواقع الكويتي، على أن تكون برعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، حتى لا تفقد الكثير من مصداقيتها وتقل مدة الالتزام بها.
والهدف من هذه المؤتمرات وضع حد ثابت يتفق عليه ولا يسمح لأي خلاف بتجاوزه ويمثل الحد الأدنى من حماية الوطن من الانشقاق والصدام المذهبي.
لما كانت الدولة حاليا غير قادرة على التعامل بالندية المطلوبة في العلاقات الديبلوماسية لاضطراب المشهد في الداخل فإن وحدة الصف داخليا ودعم الأمة لها سيمكناها من اتخاذ مستوى التعامل المطلوب في علاقاتها مع الخصوم والأصدقاء، كما أن الوحدة الوطنية كلما ازدادت حرارتها تمكنت الحكومة من الإقدام على تنفيذ برامج التنمية المنشودة، إذ من الطبيعي أن تتعطل هذه البرامج في حالات الفرقة الوطنية.
أي تهديد خارجي كان يستند إلى خيانة بعض السفهاء أو المجرمين ممن يحملون جنسية البلاد لا حبها سيفقد بالوحدة الوطنية أي مواضع قوة داخلية له، وفي هذا دفع بالخصم للعدول عن مشاريعه أو تأجيلها بما يسمح لأجهزة الدولة المختصة باكتشافها.
الوحدة الوطنية هي أساس تعايش مكونات الشعوب، أيا كانت الاختلافات بينها عرقية أو عقائدية، وخسارتها هي خسارة أهم مقومات التعايش السلمي بين أفراد المجتمع، وهذا ما تحرص الدول على تلافيه بأقصى طاقاتها.
بالطبع سمو الشيخ جابر المبارك قادر على إطلاق إشارة البدء بإعادة توحيد المجتمع ثانية، وهي فرصة تاريخية في هذا التوقيت شديد الدقة على الشعب الكويتي الذي تحبون.