هاني الفردان- الوسط البحرينية-
في اجتماع رفيع المستوى عقد في الأمم المتحدة، تم يوم الأربعاء (7 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) إطلاق ما يعرف بـ «قواعد نيلسون مانديلا» لمعاملة السجناء والتي اعتمدتها الأمم المتحدة رسمياً في 22 من مايو/ أيار من العام 2015.
«قواعد مانديلا» نسخة جديدة ومحسنة للقوانين الأصلية للأمم المتحدة المتعلقة بمعاملة السجناء للعام 1995، حيث تغطي القواعد الجديدة تسع مناطق في الخدمات الإصلاحية، بما في ذلك الرعاية الصحية، والتحقيقات في الوفيات والتدابير التأديبية، بما في ذلك الاستخدام المحدود للحبس الانفرادي، ومهنية موظفي السجون والتفتيش.
قواعد مانديلا تحتوي على مراجعات حاسمة للمعايير الدولية بشأن معاملة السجناء والتي تجاوز عمرها الستين عاماً.
من هو هذا نيلسون مانديلا الذي تكرمه الأمم المتحدة في كل حين، إنه سجين «جنائي» في نظر بلده عندما اعتقل وحوكم بتهمة «إثارة الفتن».
نيلسون مانديلا، المناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا والثوري الذي شغل منصب رئيس جنوب إفريقيا 1994-1999، لم يكن سجيناً سياسياً، بل كان سجيناً جنائياً مخالفاً لقوانين بلده!
نيلسون مانديلا، اتهم أيضاً بالاعتداء على أهداف حكومية (تهم جنائية)، وأدين أيضاً بـ «التخريب» و«التآمر لقلب نظام الحكم»، وهناك من لايزال يقول حتى بعد وفاته مؤخراً إنه كان سجيناً سياسياً!
تهم نيلسون مانديلاً: تحريض، تخريب، تآمر لقلب نظام الحكم، خيانة، اعتداء على أهداف حكومية، ومع كل ذلك يقولون عنه إنه سجين سياسي، وليس جنائياً!
نيلسون مانديلاً، قضى 27 عاماً من عمره في السجن، وهو سجين جنائي وليس سياسياً، وأن حكومة جنوب إفريقيا في ذلك الوقت كانت تشدّد أيضاً على أنه كان «مخرِّباً» و «إرهابياً»، و «خائناً» و«متآمراً»، وسجيناً «جنائياً».
بعد كل تلك التهم والمحاكمات التي أدين فيها نيلسون مانديلا من قبل حكومة جنوب إفريقيا وقضائها «العادل» خرج مانديلا بعد 27 سنة من السجن، واعتبر «أب الأمة»، و «الأب المؤسّس للديمقراطية»، كما ينظر إليه اليوم في بلاده كـ «محرّر وطني ومخلص»، وأعيدت تسمية ساحات باسمه، وأزيحت الستائر عن تماثيل له، وهو سجين جنائي!
الأهم من كل ذلك أن السجين «الجنائي» نيلسون مانديلا حصل على جائزة نوبل للسلام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 «نتيجة الجرائم التي قام بها»، والأعظم من ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة سمّت يوم عيد ميلاد مانديلا، الموافق لـ 18 فبراير/ شباط، بـ «اليوم الدولي لنيلسون مانديلا» السجين الجنائي!
وقبل أيام فقط عادت الأمم المتحدة لتكرم السجين «الجنائي» وتطلق رسمياً قواعد لمعاملة السجناء باسمه، تخليداً له ولـ «الجرائم» التي كان يتهم بها، ولسجنه 27 عاماً.
باسم نيلسون مانديلا تريد الأمم المتحدة أن توصل من خلال القواعد النموذجية المنقحة بمعاملة السجناء «قواعد نيلسون مانديلا»، رسالة بسيطة ولكنها عميقة، وهي أن السجناء هم بشر، ولدوا بكرامة ولهم الحق في الأمن وحماية حقوق الإنسان، وأن جميع السجناء يجب أن يعاملوا باحترام وأن لا يتعرضوا إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية.