فريد أحمد حسن- الوطن القطرية-
ما هذا الذي يجري في دول مجلس التعاون؟ انفجار هنا وآخر هناك، إعلان عن اكتشاف مخبأ للأسلحة والمتفجرات هنا وإعلان آخر عن اكتشاف مخبأ آخر هناك أكبر منه أو أصغر، فبعد كميات الأسلحة والمواد المتفجرة التي تم اكتشافها قبل وقت قريب في مزرعة بالكويت والتي وصفت بالترسانة تم اكتشاف أسلحة ومتفجرات في السعودية ثم مخبأ أسلحة ومتفجرات ومواد لصنع المتفجرات في البحرين، وبين هذه الاكتشافات وبعدها تم اكتشاف مخابئ أخرى عديدة هنا وهناك، في هذه الدولة الخليجية وتلك، وتم تنفيذ عمليات انتحارية في بعضها أسفرت عن مئات الضحايا كل ذنبهم أنهم ذهبوا إلى المساجد ليعبدوا الله، ما يدفع إلى السؤال بقوة عن هذا الذي يحدث وعن الذي يريدونه لهذه الدول المسالمة بطبيعتها، وعن الذي يقف وراء كل هذه العمليات وهذا التخريب والإرهاب؟ فالخليج العربي بهذه الطريقة سيصير بعد قليل على صفيح ساخن وسيفقد صفة الاستقرار وقد لا يعود مكانا مناسبا للعيش.
دول الخليج العربي التي كانت حتى سنوات قريبة هادئة ولا يعرف سكانها شيئا من أخبار التفجيرات والاعتداءات إلا ما يشاهدونه يحدث في دول بعيدة عنها عبر الفضائيات وهم جالسون في بيوتهم، هذه الدول صارت ساحة لتنفيذ التفجيرات وصناعة المتفجرات وتحولت إلى مخابئ للأسلحة وأرضا تستهوي مريدي السوء من الإرهابيين وعديمي الضمير. مسألة غير مفهومة بالمرة وتنذر بشر مستطير وتستدعي التكاتف والوقوف بحزم في وجه كل من له علاقة بها لأن السكوت عن هذا الأمر نتيجته الطبيعية تحول هذه المنطقة إلى سوريا جديدة وعراق جديد وإلى ساحة لا تنتج إلا الخراب والدمار.
لم يعد مقبولا تشكيك البعض في هذه الأخبار والإعلانات لأن مخابئ الأسلحة التي يعلن عنها يتم اكتشافها في عدد من دول الخليج العربي وليس في دولة واحدة فقط، أي أنه لا مجال للقول إن هذا من صنيعة المخابرات كما يحلو لأي معارضة عربية أن تردد في مثل هذه الأحوال، وليس معقولا أن سيناريو يتسم بالدقة المتناهية قد تم وضعه ويتم تنفيذه من قبل الأجهزة الأمنية في دول التعاون لغرض معين خصوصا وأن الخطأ في مثل هذه الأحوال يظل واردا بينما تعرف حكومات كل هذه الدول جيدا أن وضعها سيكون صعبا لو أنه تبين للعالم أن أجهزتها الأمنية هي التي تقف وراء ذلك. لهذا فإن هذا الباب سيكون اعتبارا من الآن مغلقا فما يحدث لا يمكن أن يكون مسرحيات وإنما هو وضع جديد وصعب تواجهه حكومات دول مجلس التعاون كافة، وإن لم يصل الأذى إلى بعضها بعد.
إذن دول مجلس التعاون تعاني بالفعل من مشكلة محاولة البعض نشر الفوضى فيها، والمسألة تجاوزت قصة اعتناق البعض لأفكار معينة وأيديولوجيات كما هو حال المجموعة التي تم إلقاء القبض عليها وسجنها في الإمارات قبل حين، بل إن المعارضة في دول التعاون كافة لم تعد معارضة بناءة أساسها اختلاف الزاوية التي تنظر منها إلى مختلف الأمور وتعمل لمساعدة الحكومة على اتخاذ القرارات الصحيحة والتي تصب في نهاية المطاف في صالح الوطن والمواطنين. المسألة الآن ملخصها أن هناك من يريد نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في دول مجلس التعاون لأغراض بعضها معروف وبعضها الآخر لا يزال مجهولا، وأن هؤلاء الذين يقومون بهذا الدور ليسوا إلا أدوات في يد آخرين يقومون بتوظيفهم ويستفيدون منهم في فترة معينة لتنفيذ عمليات معينة بمقابل معين، أي أن هناك طرفا مستفيدا لا يزال مجهولا ويمتلك استراتيجية معينة وأموالا وينفذ خططا قام بوضعها بعناية واختار لتنفيذها من اختار بعناية أيضا.
باختصار، مجلس التعاون يواجه اليوم مشكلة حقيقية تعاني منها كل دوله بنسب مختلفة، ويواجه أجندات بعضها صار مكشوفا، هذا الأمر يتطلب الوقوف في وجهه بقوة وإلا ضاع كل هذا الذي بناه قادة التعاون في السنوات الماضية وأدى إلى أن يكون لدول المجلس دورها المشهود له في الحضارة الإنسانية والارتقاء بالبشرية.