حسن علي كرم- الوطن الكويتية-
استقبل سمو رئيس مجلس الوزراء في مكتبه رئيس و أعضاء أمناء هيئة مكافحة الفساد و سلمهم إقراراً بذمته المالية ، هذا الإجراء يفترض أن يكون روتينياً طالما هنالك قانون صادر و يفرض على كل الموظفين العامين تقديم ذممهم المالية ، ينسحب هذا على رئيس الوزراء و الوزراء و آخرون من القياديين و أعضاء مجلس الأمة ، إذن ليش الطنطنة و ضرب الطار بالمقلوب و كأن رئيس الوزراء بتقديمه إقراره المالي قد قدم أنجازاً عظيماً أو أعجازاً لا يقوم به إلا الشجعان و الفرسان و الأبطال الأسطوريون ....!!
تقديم الإقرار المالي من رئيس الوزراء ليس بطولة و لا تضحية منه طالما قبل العمل العام ، و طالما قبل أن يكون في صدر المسؤولية و تحمل المسؤولية السياسية ، لذا فعلى ضاربي الطيران و المداحين التوقف ، فلا وقت و لا مناسبة لضرب الطيران أو وقت لتدبيج قصائد المديح ...
و رغم ذلك فلا شك قد ضرب سمو رئيس الوزراء مثالاً و سابقة يجدر بالوزراء و كبار القياديين أن يحذو حذو سموه و تقديم إقراراتهم المالية ، فالقانون هو القانون و لا مكان للمتقاعسين و المتسوفين و اللاعبين بالوقت و من يرفض كشف وضعه المالي عليه الجلوس في بيته فذلك أفضل ، الإقرارات المالية خطوة في طريق الألف ميل الطويلة و المضنية للإصلاح و قطع دابر الفساد ، فان للفساد مؤسسة متجذرة و للفساد دولة متعمقة ، و هذه الدولة المتعمقة ليس من السهل بين ليلة و ضحاها نسفها و كشف وجوه الفساد و المفسدين ، إن الفساد لا ينتهي بالاقرارات المالية من الكبار و حسب فيما الفساد أنواع و بعض الفساد و خاصة الرشا المالية تتم تحت الطاولات و خلف الأبواب المغلقة و هناك فاسدون صغاراً يقومون بالنيابة تقديم الخدمات ، و هؤلاء أخطر من كبار الرؤوس الفاسدة لأن هؤلاء السوس الذي ينخر بجدار الدولة و على الأرض و تحت الأرض ، من هنا فمكافحة الفساد تحتاج أول ما تحتاج إلى إعادة ترتيب إدارة الدولة و ترشيق الدوائر الحكومية و التقليل من جيوش الموظفين العاطلين الذين يشكلون عائقاً على سرعة و تحسين الإنجاز و التخلص من الموظفين الوافدين و الاعتماد على الأيدي الوطنية، فالإدارات الحديثة لا تحتاج إلى هذا الجيش الجرار من الموظفين الكسالى و البلداء و لا إلى جيوش الموظفين من فئة الوافدين ، فالميكنة قد حلت محل عشرات الموظفين في إنجاز معاملة واحدة و شبابنا فيهم خير و على كفاءة عالية و وعي بدورهم الوطني ...
نقول شكراً لرئيس الوزراء على بادرته بالإقرار المالي و لكن قطعاً ذلك لا يكفي فيما مسؤولياتكم تقتضي إجبار وزرأئك و كبار القياديين في حكومتك سرعة تقديم إقراراتهم ، نريد أن نرى دولة شفافة و كل شيء يتم تحت الشمس ...