محمد عبد الصادق- الوطن العمانية-
المسؤولية الوطنية تحتم على الناخب التخلص من الممارسات التقليدية واختيار أعضاء تتوافر فيهم الكفاءة والنزاهة والتجرد والوطنية, و ألاّ يقترن الاختيار بالمنافع والامتيازات المادية أو الخدمات الحكومية, وعدم الخلط بين دور مجلس الشورى والمجالس البلدية, فمهمة عضو مجلس الشورى الأساسية هي مراقبة الأداء الحكومي ومناقشة القوانين و التشريعات المقدمة للمجلس قبل إقرارها من الحكومة,”
ونحن على أعتاب انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة, تطرح تساؤلات عن المواصفات الواجب توافرها في عضو المجلس القادم, وأهم الملفات المطروحة على جدول أعمال مجلس الشورى في تشكيله الجديد, الذي يكتسب أهمية كبرى في ظل التحديات الداخلية المتمثلة في تدني أسعار النفط وتأثيره على الميزانية القادمة والأداء الاقتصادي والإنفاق الحكومي وخطط التنمية والتوظيف والخدمات الحكومية التي ينتظرها المواطن, والقوانين والتشريعات الجديدة التي تحتاجها خطط التنمية الطموحة للسلطنة, وتوفير فرص عمل حقيقية للأجيال الجديدة الداخلة لسوق العمل, بجانب التطورات الجيوسياسية في دول الجوار والأوضاع الإقليمية والدولية المضطربة, والتي تلقي بظلالها وتأثيراتها على المنطقة بأثرها, كل هذه العوامل تكسب الانتخابات القادمة أهمية كبرى, وتفرض على الناخبين مسؤولية التأني والتفكير المتعمق والتحلي بالمسؤولية وإعلاء المصلحة الوطنية على الانتماءات القبلية والمناطقية والمصالح الشخصية,عند التوجه لصناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في مجلس الشورى القادم.
ولطالما أكد جلالة السلطان ـ حفظه الله ورعاه ـ في أكثر من مناسبة على أهمية مجلس الشورى ودوره الفاعل في مسيرة بناء عمان الحديثة, والدور الوطني المنوط بأعضائه, بعدما بلغ درجة من النضج والخبرة والتطور بعد قرابة ربع قرن من الممارسة البرلمانية المتدرجة, عندما قال ـ أعزه الله ـ في خطابه السامي بمناسبة الانعقاد السنوي لمجلس عمان عام 2011م: “لقد تحدثنا من قبل وفي مثل هذه المناسبة الجليلة عن تجربة الشورى العمانية وعن النهج المتدرج الذي اخترناه لإقامة بنيانها وإعلاء أركانها على قواعد ثابتة ودعائم راسخة تضمن لها التطور الطبيعي الذي يلبي متطلبات كل مرحلة من مراحل العمل الوطني وبما يستجيب لحاجات المجتمع ويواكب ــ ضمن رؤية مستقبلية واعية وخطوات تنفيذية واعدة ــ تطلعاته إلى مزيد من الإسهام والمشاركة في صنع القرارات المناسبة التي تخدم المصلحة العليا للوطن والمواطنين, إن كثيرا من الإنجاز الملحوظ قد تحقق على طريق هذه التجربة المباركة خلال المرحلة الماضية وإذ نعبر عن شكرنا للجهود التي بذلت في هذا الجانب. فأننا نتطلع إلى نقلة نوعية للعمل الوطني الذي سيقوم به مجلس عمان في المرحلة القادمة في ضوء ما أتيح له من صلاحيات موسعة في المجالين التشريعي والرقابي ولاريب أن التحديات كبيرة غير أننا على ثقة تامة من أن جميع أعضاء المجلس سوف يمارسون دورهم الفاعل ويقدمون جهدهم وعطاءهم الباذل من أجل السير قدما بهذا الوطن الغالي نحو آفاق العزة والمجد والرقي والازدهار والأمن والاستقرار واضعين نصب أعينهم تلك المسؤوليات الجسيمة التي توجب على مجلسهم كهيئة تشارك في صنع القرار, وعليهم هم أيضا كمواطنين يسعون لرفعة وطنهم القيام بعمل دائب متواصل من أجل إنجاح الخطط الرامية لدعم إمكانات السلطنة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية وبما يخدم الصالح العام ويرتقي بمكانة البلاد ومنزلتها الإقليمية والدولية ويساعدها على تحقيق التزاماتها في الداخل والخارج دون تباطؤ او تأخر. وبديهي أن هذا الأمر يقتضي تعاونا أكبر وتنسيقا أكثر بين الجهات الحكومية ومجلس عمان خاصة وبينهما وبين القطاع الخاص والجمعيات والهيئات المدنية بشكل عام “.
والمسؤولية الوطنية تحتم على الناخب التخلص من الممارسات التقليدية واختيار أعضاء تتوافر فيهم الكفاءة والنزاهة والتجرد والوطنية, وألاّ يقترن الاختيار بالمنافع والامتيازات المادية أو الخدمات الحكومية, وعدم الخلط بين دور مجلس الشورى والمجالس البلدية, فمهمة عضو مجلس الشورى الأساسية هي مراقبة الأداء الحكومي ومناقشة القوانين و التشريعات المقدمة للمجلس قبل إقرارها من الحكومة, وهي أمور ترتبط بمستقبل وطن وبناء دولة ومراقبة أداء مؤسسات , رقابة تكافح الفساد, وترسي مبادئ العدالة والمساواة بين الجميع, لابد من خلق وعي مجتمعي تشارك في توصيله منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية لتوعية الناخبين أياً كان موقعهم, أومستواهم الاجتماعي والعلمي وتبصيرهم بأهمية صوتهم والأمانة المعلقة برقابهم, وشرح دور المجلس وانعكاس قوته على تحسين الأداء الحكومي وإحداث التنمية وتحقيق الرفاهية والمستقبل المشرق للناخب وأولاده, وعلى الناخب تقييم أداء عضو المجلس السابق إذا تكرر ترشحه وألاّ يعطيه صوته مجدداً إلاّ إذا كان جديراً بهذا الصوت من خلال أدائه في الدورة السابقة .
ننتظر تمثيلاً مؤثراً للمرأة العمانية يتناسب مع دورها الفاعل في المجتمع , ويكفي أن النساء يمثلن أكثر من 51% من طلبة الجامعات والتعليم العالي في السلطنة ومارست المرأة العمانية حقها في الانتخاب والترشح والتمثيل النيابي منذ بدء التجربة الشوروية, وكانت هناك عضوات ناشطات وفاعلات رغم قلة العدد في الدورات السبع الماضية, ورغم أن عدد المرشحات لا يتجاوز العشرين هذه الدورة ولكن نتمنى أن ينلن ثقة الناخبين والناخبات ويزداد العدد ليتناسب مع الإقبال المنتظر من المرأة العمانية على صناديق الاقتراع, وتحتاج المرشحات لبذل مجهود أكبر للوصول للناخبين وإقناعهم بأهمية دور المرأة في المجلس القادم باعتبارها شريكة للرجل في بناء الوطن.
وكان لمجلس الشورى العماني منذ تأسيسه في عام 1991م , دور فاعل في مواكبة التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها السلطنة في العقدين الأخيرين وفقاً للنظام الأساسي للدولة وبموجب الصلاحيات الممنوحة له ولا ئحة المجلس الداخلية, وجاء أداء المجلس تجسيداً للشراكة الحقيقية بين مؤسسات الدولة المختلفة والمواطن العماني الذي كان ومايزال مناط التنمية وغايتها, وشهد العمل الشوروي تطوراً ملموساً بفضل التعاون بين السلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة بوزاراتها وهيئاتها المختلفة ومجلس الشورى بأعضائه ولجانه, مما أثرى الأداء الحكومي ودفع عجلة التنمية في السلطنة للأمام.
ولمجلس الشورى سجل حافل في الرقابة والتشريع منذ دور انعقاده الأول, وكانت البداية الأسئلة والاستفسارات وإبداء الرغبة, بعدها شهد المجلس عددا من طلبات الإحاطة التي وجهها الأعضاء للحكومة والوزراء المختصين في مجالات الاستثمار والسياحة ومراجعة تكلفة عدد من المشاريع وطلبات إحاطة بشأن التصحيح الإلكتروني لاختبارات الدبلوم العام, كما استقبل المجلس عدداً كبيراً من الوزراء لإلقاء بياناتهم الوزارية منها البيان السنوي للوزير المسؤول عن الشؤون المالية حول الموازنة العامة للدولة, وبيان وزيرة التربية والتعليم عن السياسة التعليمية وتطوير المناهج, كما شهد المجلس بيانات لوزراء البلديات الإقليمية وموارد المياه والإسكان والسياحة والصحة والقوى العاملة والتجارة والصناعة والشؤون الرياضية والتنمية الاجتماعية والنفط والغاز والبيئة والشؤون المناخية والنقل والاتصالات, كما شكل المجلس على مدار دوراته لجاناً لتقصي الحقائق فيما يتعلق بالتجاوزات المصاحبة لمشروع المدينة الطبية بمحافظة ظفار, ولجنة أخرى حول الطيران العماني وثالثة عن الخدمات المقدمة من الهيئة العامة للكهرباء والمياه, ونأمل في الدورة الجديدة مزيداً من التنظيم والتعاون بين المجلس والحكومة لما فيه مصلحة عمان الوطن والمواطن.