شؤون خليجية -
كلمات متشابهة جاءت في وكالات الأنباء السعودية والإماراتية بشأن زيارة كلا من محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، ومحمد بن سلمان - ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، أمس إلى العاصمة الروسية موسكو، ووضعتهما في موقف واحد من القضايا الإقليمية المطروحة وأبرزها الأزمة السورية، التي أفاد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن "الدولتين - الإمارات والسعودية - مستعدتان للتعاون في سوريا".
ويرى مراقبون أن الزيارتين المتزامنتين لولي عهد أبو ظبي وولي ولي العهد السعودية، ولقائهما بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليست زيارات بروتوكولية أو بهدف متابعة سباقات “فورمولا 1″ للسيارات في سوتشي، وإنما تعبيرا عن القلق، أو الفضول، لمعرفة النوايا الروسية بعد التدخل العسكري في سوري، فيما ذهب آخرون إلى طرح تساؤل أعمق عن مدى تأثير "بن زايد" على "بن سلمان" خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التي تتابع زيارتهما لموسكو، فقد سبق أن زار "بن سلمان" روسيا وأعقبها "بن زايد" بزيارة مماثلة.
الرياض تميل إلى الموقف الإماراتي من بشار
ورغم أن المعلومات عن نتائج زيارة أمس مازالت شحيحة، إلا أن ما يبدو من تصريح وزير الخارجية الروسي هو ميل الرياض لموقف الإمارات الذي يروج لدور انتقالي لبشار الأسد وابتعاد عن المحور "التركي – القطري" الذي يعمل على إسقاط الأسد، وهو الأمر الذي يأتي مخالفا إلى حد كبير لما هو معلن "إعلاميا" بشأن الموقف السعودي من التدخل الروسي في سوريا، ومتسقا تماما مع ما قاله محللون بأن التحركات الروسية جاءت بتنسيق مع السعودية، مشيرين إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الروسي "بوتين" مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في 26 سبتمبر الماضي، والتي جاءت بالتزامن مع دفع روسيا بتعزيزات عسكرية للنظام السوري الذي تصر المملكة على رحيله.
كما ربط المراقبون بين زيادة التدخل الروسي في سوريا وزيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، وتلتها زيارة سعودية أخرى لموسكو لوزير الخارجية عادل الجبير في شهر يوليو الماضي، والتي أعقبها الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية في الدوحة في شهر أغسطس الماضي الذي خُصِّص لبحث الأزمة السورية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد اقترح فكرة استئناف الاتصالات بين سوريا والسعودية خلال لقاء بن سلمان في مدينة سانت بطرسبرغ في 19 يونيو الماضي، ويبدو أنه وجد ردًا إيجابيًا من "بن سلمان" كما ناقش بوتين مسألة التفاهم السعودي السوري بعد عشرة أيام من هذا التاريخ، مع وفد سوري برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم في موسكو.
الإمارات تؤيد التدخل الروسي بسوريا
وبعد حوالي شهرين من التفاهمات الروسية السعودية، وتحديدا في 24 أغسطس 2015 بدأ محمد بن زايد زيارة لموسكو تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور افتتاح فعاليات معرض ماكس الدولي للطيران والفضاء 2015 الذي أقيم في الفترة من 25 إلى 30 أغسطس الماضي.
وهي الزيارة التي جاءت بالتزامن مع استضافة عبد الفتاح السيسي - رئيس الانقلاب بمصر، وملك الأردن عبد الله الثاني، وأعقبها بأيام قليلة الحديث عن استعدادات روسية لتدخل مباشر في سوريا، قوبلت بنفي روسي وتأكيد إعلامي غربي ونشر صور ميدانية لجنود روس على الأراضي السورية، ليتحول بعدها إلى ضربات فعلية في سوريا بدعوى مكافحة الإرهاب.
وكان المفكر الكويتي عبد الله النفيسي، قد قال: إن "مصر والأردن والإمارات يؤيدون التدخل الروسي العسكري في سوريا؛ لحماية نظام الأسد، ومحاربة الجماعات الإسلامية".
وقال ناشطون إن تغريدة النفيسي تأتي تأكيدا على ما نُشر مؤخرا بأن مصر والإمارات والأردن اتفقت بشكل سري مع روسيا على دعم عملياتها في الداخل السوري.
مخطط إماراتي لاستمرار الأسد بموافقة سعودية
وكان المغرد السعودي "مجتهد" قد كشف عن وجود اتفاق "إماراتي - مصري - أردني -عماني" على إعادة تأهيل النظام السوري (وكأن الثورة قد فشلت)، ومحاولات حثيثة لإقناع السعودية بالموافقة على الخطة، وسط تفاهم الأطراف الأربعة على أن صاحب القرار الذي يمكن الحديث معه في السعودية هو محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، وقد بذل محمد بن زايد جهدًا حثيثًا لإقناع "بن سلمان" بهذا الأمر.
وأشار إلى أن لقاء "بن سلمان" مع علي مملوك- رئيس المخابرات السورية- كان جزءًا من هذا الترتيب، وقد طلب بن زايد من مملوك أن يكون لطيفًا مع بن سلمان إلى أبعد حد، ووعد "بن سلمان" بأن المملكة لن تعترض على إعادة تأهيل النظام السوري وعودة السفراء لأي دولة، بشرط أن تؤجل مشاركة السعودية في هذا الترتيب.
وبين "مجتهد" أن الحقيقة أن "بن سلمان" ليس عنده تحفظ، وسبب تردده هو أن تقديرات الاستخبارات الأمريكية والتركية تفيد بأن الأسد لن يدوم طويلًا، والمراهنة عليه خاطئة.
وأوضح أنه في مقابل التفاهم الإماراتي الأردني المصري العماني، هناك تفاهم سعودي تركي قطري أمريكي على أولوية تدريب جماعات "معتدلة" لمحاربة "المتطرفين"، مشيرًا إلى وجود خلاف على تحديد "المتطرفين"، فالأمريكان والسعوديون يريدان لهذه القوة أن تحارب جميع الجهاديين، بينما قطر وتركيا رؤيتهما أن تحارب تنظيم "الدولة" فقط.
خطط "بن زايد" للسيطرة على "بن سلمان"
وعلق "مجتهد في تغريدات أخرى على زيارة محمد بن زايد للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في المغرب في أغسطس الماضي، حيث قضى إجازة خاصة هناك، مشيرا إلى أن "بن زايد" بعلمه بأسرار عن "سلمان" يفترض أنها تمنعه من زيارته، لكنه حرص على تنفيذ لعبة مع آل سعود حتى يحقق أمنيته في تقسيم السعودية.
وقال: "إن محمد بن زايد يعلم أن مقابلته سلمان لا تقدم ولا تؤخر وأنه سوف ينساها بعد دقائق"، متسائلا: "لماذا قابله بهذه التغطية الإعلامية الكبيرة؟" وأكد أن السبب هو إصرار بن زايد على توثيق العلاقة مع محمد بن سلمان، عن طريق التظاهر بالمبالغة في احترام والده، حتى يزداد تأثيره عليه وتوجيهه بما يريد، لافتًا إلى أن "بن زايد" استطاع بذلك أن تكون له الكلمة الأقوى في حرب اليمن، وأن يوافقه بن سلمان في الموقف تجاه مصر، وعلى وشك أن يتحكم بموقفه تجاه سوريا.
وأشار "مجتهد" إلى أن "بن زايد" انتزع من محمد بن سلمان -وزير الدفاع وولي ولي العهد، تنازلات في حقل الشيبة وواحة البريمي وقرارات وزارة الزراعة السعودية بردم آبار في بيشه زعم أنها تسحب مياه الإمارات.
وقال: إن "بن زايد" لن يكتفي بذلك بعد أن وقع محمد بن سلمان في فخه، بل سيستمر بتحقيق حلمه بتمزيق آل سعود وتقسيم السعودية، كما جاء في تسريبات ويكيليكس، مضيفًا: "لم نذكر عن بن زايد إلا ما له علاقة بالملك سلمان وابنه محمد، لكن في جعبتنا الكثير عن بن زايد وإخوانه مما قد تأتي المناسبة اللازمة للحديث عنه".