د. خالد الجابر- الشرق القطرية-
يكمن أبرز تداعيات تأثير الهبوط الشديد لأسعار النفط على دول الخليج في تراجع الإيرادات، والتي تعتمد بشكل رئيسي على النفط ومشتقاته، وانعكاس ذلك على الموازنة. لقد وضعت دول الخليج موازناتها بناء على سعر أعلى من الأسعار التي وصلت إليها أسعار برميل النفط في الوقت الحالي والتي تشهد انحدارا يوم بعد الآخر من 110 الى اقل من 40 لأول مرة منذ عام 2009.
هل المطلوب عمله اليوم تخفيض النفقات على جميع المستويات، وكيف سيؤثر كل ذلك على المشاريع والبرامج وخطط التنمية والإعمار والبنية التحتية؟ وهل توجد حلول أخرى في غياب تنوع للدخل في اقتصادات دول الخليج أو مداخيل من قطاعات استثمارية أخرى بديلة. القرارات والتوجهات بدأت تطالب الجهات بضرورة العمل على ترشيد الإنفاق وتخفيض الالتزامات على البنود المختلفة تحقيقا لكفاية الأبواب الثاني والثالث والرابع الى نهاية السنة المالية، وعدم تجاوز الحد من بنود البرامج والمشاريع المعتمدة وتخفيض الالتزامات على بنود المكافآت والانتدابات والمصاريف الشهرية، وعدم التوسع في مستلزمات الصيانة والنظافة وبرامج الصيانة والنظافة والتشغيل. ولكن هل سيسري ذلك على جميع القطاعات الحكومية بطريقة متساوية وشفافة وأيضا المؤسسات شبه الحكومية او الخاصة التي تمول من المال العام ويلاحظ فيها الهدر بلا مسؤولية ولا ضمير؟ من جهته انتقد صندوق النقد الدولي نمط الاقتصاد الريعي الخليجي، وطالب دول الخليج بأن تكبح جماح الإنفاق العام لاسيما في جانب المرتبات والأجور، والعمل على إيجاد مصادر جديدة للدخل، إن أرادت أن تحتفظ بموقف مالي قوي، وأن يكون توزيع الثروة النفطية عادلا بين الأجيال.
في ظل هذه التحديات المتداعية والتي لم تبدأ موجاتها الكبيرة بعد بضرب السواحل الخليجية بشدة، كما تفعل موجات تسونامي، هناك غياب وتغيب شبه كامل لدور القطاع الخاص ومساهمته ورد الفضل على المجتمع الذي لم يحمله أعباء أو ضرائب أو التزامات، حيث لم تكن هناك مبادرات حقيقية تساهم في التعمير أو البناء والتنمية من خلال إنشاء مجمعات طبية أو تعليمية أو تدريبية والعمل على تنفيذ المشروعات الخدمية أو الاستثمارية التي من شأنها زيادة النهضة الوطنية. استمرار الأزمة قد يعصف ببعض الدول التي تعودت على الرفاهية، والمجتمعات والمؤسسات التي تعودت على الصرف و البذخ، وكل من لم يفكر يوما في الاعتماد على النفس!