شؤون خليجية -
يعاني 651 ألف مواطن سعودي من البطالة في ظل أزمات اقتصادية وغلاء مستمر، مما انعكس على الوضع الاجتماعي وكانت من أبرز النتائج توجه نسبة من هؤلاء نحو الأعمال غير المشروعة، ففي التقرير الأمني الأخير الذي كشف وجود 100 ألف جريمة بالمملكة خلال عام واحد بمعدل 275 جريمة يوميًا جاءت نسبة السعوديين من تلك النسبة لتقدر بـ95% منها أغلبهم من العاطلين عن العمل.
تلك النسبة الضخمة للجريمة، ترافقها نسبة مرتفعة للبطالة والتي بلغت 11.7% وفقا لبيان صادر عن وزارة العمل منتصف فبراير الماضي، تثير العديد من التساؤلات حول الجهود الحكومية لمواجهتها وسبب تصاعدها عن الأعوام السابقة رغم إعلان السلطات السعودية المستمرة عن إجراءات لحل مشكلة البطالة.
وكذب الكاتب الاقتصادي عبد الحميد العمري، في مقال له نشر على موقع "العربية" منتصف يونيو الماضي، النسب المذكورة للبطالة، مشيرًا إلى نسب ذكرتها وزارتي الخدمة المدنية والعمل تؤكد أن نسبة البطالة بين السعوديين وصلت نهاية 2014 لـ19.4% " لتكون عاشر أعلى معدل بطالة عالميًا" مؤكدًا أن تلك النسبة هي إحصائيات فعليه وليست مجرد مسوح في إشارة للنسب الأخرى.
توقعات بانخفاض طرح وظائف بالقطاع العام
وأكد تقرير اقتصادي متخصص صادر عن شركة جدوى للاستثمار، أمس الاثنين، أن متوسط الوظائف التي سيوفرها القطاع الحكومي للفترة من 2015 إلى 2025، انخفض إلى نحو 84 ألف وظيفة في العام، مقارنة بمتوسط 103 آلاف وظيفة في العام خلال الفترة من 2006 إلى 2014.
وعلل التقرير انخفاض الاعتماد على القطاع العام في حل المشكلة وطرح الوظائف بسبب الضغوط التي تواجهها الموازنة العامة؛ بسبب انخفاض الإيرادات النفطية والمقارنة في مستويات سابقة مرتفعة.
ورغم أن التقرير أشار إلى أن القطاع العام سيخفض طرح الوظائف لكن رسالة مسربة من الديوان الملكي السعودي أكدت إيقاف التعيين والترقيات على كافة السلالم الوظيفية والبنود، وليس مجرد تخفيض عدد الوظائف.
وكان نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قد تداولوا بداية الشهر الحالي ما قالوا أنها رسالة تحمل عنوان "سرية للغاية وعاجلة" تحمل توقيع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بصفته رئيس مجلس الوزراء، و موجهة لوزير المالية السعودي تتضمن عدة خطوات تنبئ بأن الوضع المالي بالمملكة سيء للغاية.
وتحمل الرسالة عدة مقترحات لترشيد ورفع كفاءة الإنفاق خلال المدة المتبقية من السنة المالية الحالية 1436/1437هـ أبرزها إيقاف اعتمادات بنود وبرامج ومشاريع ميزانية العام المالي الحالي، وإيقاف التعاقد على أي مشاريع جديدة، وإيقاف شراء السيارات والأثاث والتجهيزات لأي غرض من الأغراض، وإيقاف التعيين والترقيات على كافة السلالم الوظيفية والبنود، وإيقاف صرف تعويضات نزع الملكية، وفك الارتباط للعقارات التي لا يوجد ضرورة حتمية لنزع ملكيتها.
القطاع الخاص هل يحل الأزمة
يرى تقرير مؤسسة جدوى للاستثمار، أن حل مشكلة البطالة سيتمثل في 3 سيناريوهات كلها تعتمد على القطاع الخاص مما سيجعله وفقًا للتقرير:" المحرك الرئيس لتوفير الوظائف للسعوديين"، وقدر التقرير نسبة الوظائف التي سيقوم القطاع الخاص بتأمينها خلال الفترة من 2015 إلى 2025 بنحو 265 ألف وظيفة في العام.
وتتمثل السيناريوهات المقترحة في :
السيناريو الأول: تحقيق مستوى عالٍ من التوظيف (معدل البطالة صفر في المئة بحلول 2025) إلا أن التقرير استبعد هذا السيناريو بسبب الفروق الكبيرة بين رواتب السعوديين وغيرهم بالإضافة لما وصفه بالفجوة بين حاجات القطاع الخاص ومخرجات التعليم، وتفضيل السعوديين للوظائف الحكومية، يعوق كثيراً فرصة تحقيق نسبة البطالة المستهدفة للسعوديين من وزارة الاقتصاد والتخطيط خلال 10 سنوات.
السيناريو الثاني: وفقًا للتقرير يتمثل في "استمرار الوضع الراهن (بلوغ معدل البطالة 16.9 في المئة بحلول 2025)". واعتبر التقرير استمرار متوسط عدد الوظائف نفسه التي كان يضيفها القطاع الخاص إلى السعوديين خلال الفترة بين عامي 2006 و2014، والذي يبلغ 77 ألف وظيفة في العام سيؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين إلى 16.9 في المئة.
ويعول هذا السيناريو على رفع نسبة السعودة في القطاع الخاص إلا أنه يشير إلى أن ذلك لا يعد كافيًا لحل الأزمة.
أما السيناريو الثالث الذي يصفه بالأساسي أن معدل البطالة يمكن أن يصل لـ 6 في المئة بحلول 2025 إلا أن ذلك يقتضي «معرفة المسار الذي ستذهب فيه القوة العاملة السعودية».
ووفقاً للتقرير؛ فإن "ارتفاع معدل مشاركة القوة السعودية سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة بين السعوديين، والعكس صحيح".
وبموجب السيناريو الأساسي، يقدّر المتوسط السنوي لتوظيف السعوديين في القطاع الخاص بنحو 156.4 ألف وظيفة، مقارنة بـ 92 ألف شخص في العام بين 2011 و2014. كما يقتضي هذا السيناريو أن يحصل السعوديون على 59 في المئة من الوظائف المستحدثة سنوياً، وهو ما يعني ضرورة زيادة نسبة السعودة في القطاع الخاص من 22.1 في المئة في 2014 إلى 32,3 في المئة 2025 .
وعلى الرغم من تركيز التقرير الصادر عن مؤسسة جدوى على القطاع الخاص لحل الأزمة إلا أن البيانات الرسمية تشير إلى تباطؤ نمو توظيف السعوديين في القطاع الخاص نفسه حيث كانت نسبة توظيفهم 7.3 % في 2013، وانخفضت لتصل إلى 6.8 في المئة 2014.
خلل في سوق العمل
ويتعارض مع التقرير في اعتماده على القطاع الخاص أيضًا تقرير آخر أصدرته وزارة الاقتصاد والتخطيط بالمملكة منتصف يونيو الماضي والذي أكدت فيه أن الهيكل الخاص بسوق العمل السعودي بوضعه الحالي غير قادر على توفير فرص عمل للسعوديين معللة ذلك بسببين.
وكان السبب الأول وفقًا لتقرير وزارة التخطيط يتمثل في أن وظائف القطاع الخاص هي وظائف غير ماهرة ولا تتطلب مستوى تعليمي مرتفع، مما يجعل متوسط إحلال العمالة الوافدة بعمالة وطنية ضعيفا لأن الغالبية في العمالة الوطنية هي عمالة ماهرة وأغلب العاطلين عن العمل هم من حملة الشهادات الجامعية.
أما السبب الثاني وفقًا للتقرير فأن مجالات وفرص العمل في القطاع الخاص محدودة بالنسبة للإناث حيث أن 88 % من الداخلين الجدد في سوق العمل في القطاع الخاص في عام 2014، هم من الذكور بينما لم تمثل نسبة الإناث سوى 12 %، في حين أن معدل البطالة هو الأكبر لدى الإناث وبنسبة 32.8 %، بينما لم تمثل نسبة البطالة لدى الذكور سوى 5.9 % في عام 2014.
ويرفض الكاتب عبد الحميد العمري، ما أعلنته وزارة التخطيط على أن نسبة البطالة في السعودية تكمن بنسبة كبيرة بين الحاصلين على المستويات التعليمية المرتفعة بينما احتياجات السوق الخاص تتجه نحو حملة الشهادات المتوسطة.
ويعلل الكاتب رفضه بقوله إن العاطلين السعوديين والسعوديات من حملة الشهادة الثانوية فأعلى تتجاوز نسبتهم 91.5 % من الإجمالي، ونحو 59% منهم حملة دبلوم فأعلى، ونحو 49 % منهم من حملة شهادة البكالوريوس فأعلى.