تواصل » صحف ومجلات

دعاة: المساجد محاضن للتربية وسياج لاحتواء الشباب من التنظيمات الإرهابية

في 2015/10/16

المدينة نيوز السعودية-

أكد عدد من العلماء والدعاة على أهمية دور المساجد في ترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال والدعوة إلى تفعيل دور المنابر في تفنيد مزاعم المتطرفين والجماعات الإرهابية، مشيرين إلى أن دور المسجد عظيم في تربية النفوس كما أن مسؤولية الإمام كبيرة في احتواء الشباب واحتضانهم وفتح باب الحوار معهم، مطالبين في ذات السياق بأن الواجب على أئمة المساجد التصدي لجميع الأفكار المنحرفة والمتطرفة وكشف زيفها وعوارها، وما يعتورها من الشبهات والعلل من خلال الدليل والبرهان من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

ومن جانبه حث صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء خطباء المساجد أن يوجهوا المسلمين بتجنب التطرف فقال: لخطبة الجمعة أهمية كبيرة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقي فيها ما يحتاجه الحاضرون من توجيهات وتعليمات وتنبيهات وكذلك اجتماع الناس في المساجد يتلقون هذا وصلاتهم جماعة خلف إمام واحد فهذا تعليم لهم على الاجتماع والتآلف وعدم الفرقة ونبذ الخلاف وعدم الإصغاء إلى المضللين، فإن الجماعة فيها عصمة من شياطين الإنس والجن، نسأل الله أن يوفق المسلمين شبابًا وشيبًا وجماعة وأفرادًا للزوم الحق والعمل به، ولكن إذا اشتدت الفتن والخطوب فإن على الخطباء والعلماء والمدرسين وعلى كل من عنده بصيرة وعنده نصيحة أن يجتهد في هذا لأن هذا وقت الحاجة ووقت البيان، فلا يسكت عن هذا الأمر أو يوكل إلى الآخرين ثم يحصل التواكل ويحصل الخلل ونحن مكتوفو الأيدي لا نبيِّن ولا نوجه كما على الدعاة الذين عينوا للدعوة في وزارة الشؤون الدينية عليهم أن يقوموا بواجبهم فهذا الوقت المناسب أن يبينوا للناس ويلقوا المحاضرات والمواعظ على الناس حتى يكافح هذا الشر الوافد، وحتى لا يجد المضلل مكانًا له في بلاد المسلمين.

كما قال: يجب على العلماء وخطباء المساجد والمدرسين في الجامعات والمدارس أن يوجهوا الشباب الوجهة السليمة وأن يدرسوهم المقررات التي فيها بيان الحق وبيان الضلال ويفهموهم إياها ويوصلوا المعلومات إليهم بطريقة سليمة فالمدرسون لهم دور كبير في تنشئة الشباب وتعليمهم.

ومن جانبه أكد الدكتور الشيخ عزيز بن فرحان العنزي مدير مركز الدعوة والإرشاد في دبي على أهمية دور خطباء المساجد والدعاة في تفعيل الدور الدعوى بشكل إيجابي ووسطي معتدل نحو القضايا والمستجدات في الداخل والخارج مما يصب في مصلحة الأمة والعالم الإسلامي وفق مفهوم معتدل بعيد عن التباين والتطرف، منوهًا بالاحترافية والمهنية التي تسلكها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية في تحقيق الوسطية انطلاقًا من التوجيهات السديدة لحكومة خادم الحرمين الشريفين وهيئة كبار العلماء نحو تعزيز الوسطية وتحقيق الأمن الفكري ونشر الاعتدال والذي يعكس توجيهات خادم الحرمين الشريفين الذي كان ولا يزال حريصًا على ترسيخ مفاهيم الوسطية والتعايش السلمي وتجاهل الغلو وذلك في ظل حاجة المجتمع إلى الدعوة الصحيحة التي تشبع فطرتهم السليمة.

وقال العنزي: يجب محاربة الفكر الضال عبر منابر الجمعة فالتطرف وضع الأمة الإسلامية أمام أزمات وتحديات كبيرة ومتغيرات سريعة، مؤكدًا على ضرورة مضاعفة الجهود الدعوية في مواجهة تلك التحديات وحماية الأمن والمكتسبات الدينية والوطنية فجهود المملكة واضحة في ترسيخ مفهوم الفكر الوسطي المعتدل الذي تميز به الدين الإسلامي الحنيف وتحصين أفكار الأفراد من التيارات الفكرية الضالة وإشاعة روح المحبة والتعاون وترسيخ مبدأ الإحساس بالمسؤولية تجاه أمن الوطن بالحفاظ على مقدراته ومكتسباته.

من جانبه قال الدكتور عبدالله الوطبان المشرف العام على موقع «المحتسب»: لقد أمرنا بتجنب الشبهات والتمسك بالهدي حتى الممات، كما يجب على الجميع محاربة وسائل الفتن وما يؤثر في الشباب ويلهيهم عن دينهم الحنيف وروحانية وسماحة إسلامهم العظيم، وبما أن إمام المسجد يأتي على رأس المنوط بهم محاربة الشائعات والفتن لما له من دور قيادي ومكانة حباه الله بها واختصه وفضّله على كثير من عباده تفضيلاً، وجب على الجميع مد يد العون له والتفكير معه فيما يجب فعله وما يمكن تجنبه لتفادي الشبهات والفتن وهنا يبرز دور الداعية والإمام وجماعة المسجد وكل ذي صفة في توضيح الأمور لبعض الجهلاء بها أو المنساقين إليها، ومحاربة حجة العاملين بتلك المبادىء ودحضها والقضاء عليها، ومن المعلوم أن فتنة الشبهات تقع في البدع والمحدثات التي تصد عن دين الله وتستبدله بغيره من الخرافات والترهات والأباطيل، كما أن لإمام المسجد دور بالغ الأهمية في محاربة الشبهات لأسباب عديدة منها مكانة المسجد في الإسلام ودوره في بناء المجتمع على تعاليمه فالمسجد في عهد النبوة لم يكن مكان صلاة وعبادة فحسب بل كان كذلك مدرسة تعليمية وتربوية وكان دار حكم وقضاء وإليه تجمع الزكوات ومنه توزع على المحتاجين فكان مؤسسة دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية.

كما أنه يفترض في إمام المسجد أن يكون أكثر دراية من غيره من الدعاة بأحوال أهل المسجد والحي فيتفقد أحوالهم ويعرف أخبارهم ويطلع على ما قد يعرض لهم من شبهات أو مشكلات كما يفترض به كذلك أن يكون أقرب من غيره إلى أهل المسجد والحي فيكون له من التأثير عليهم ما ليس لغيره ويتأتي ذلك من أن طول مكثه في المسجد بين أهله يتيح له فرصة أكبر ووقتًا أوسع للقيام بالتصدي للشبهات وتفنيدها ومحاربتها.

وقال: لكي يستطيع الإمام التصدي للشبهات والفتن لابد من أن يتصف الإمام بصفات معينة فالإمام المخلص كلمته مسموعة لدى الجميع فهو يدعوهم ويحاول أن يزيل ما يعرض لهم من شبهة كما يتصف بالحكمة وبعد النظر وهذه صفة مهمة جدًا بالإضافة للحلم والرفق فإن من تعرض له شبهة أشبه بالمريض الذي يحتاج إلى عناية ورعاية، أما الحزم فينفع مع المعاند والمجادل بالباطل الداعي إلى شبهته الراد للحق والسمعة الحسنة وحسن السيرة والاستقامة فتحلي المرء بها أدعى لقبول كلامه كما أن التواضع والتبسط باعتدال مما يعينه على إقامة علاقات طيبة مع أهل المسجد والحي فيرجعون إليه في الملمات ويقبلون كلامه.

قال الدكتور عمر بن عبدالرحمن العمر عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء: إن للمساجد دورًا في حماية العقول من التطرف والانحراف وتعزيز منهج الوسطية والاعتدال كما نوه على أهمية حسن اختيار الإمام والخطيب الذي يقف على المنبر ليعلم الناس أمور دينهم ويكون معروفًا بصحة فكره وسلامة معتقده ومنهجه على خطى أهل السنة والجماعة من السائرين على منهج الوسطية وله من الحصيلة الشرعية ما يؤهله للقيام بهذه المهمة العظيمة، فخطيب الجمعة على وجه الخصوص له الأثر البالغ في تحقيق الأمن الفكري فعدد المساجد بالآلاف لذا كان على الخطيب أن يعتلي بالمنبر العظيم الذي شرفه الله به حيث يؤجه الناس من خلاله إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم ويعتني بالموضوعات التي لها علاقة بالأمن الفكري ومن أهمها بيان عقيدة أهل السنة والجماعة فهي صمام الأمان من الانحرافات العقيدية والفكرية وبيان حقيقة الإسلام وحث الناس لطلب العلم وضرورة أخذه من طلبة العلم المعتبرين الراسخين في العلم ومعرفة المصادر الصحيحة للتلقي والاستدلال، كما حذر العمر من الفتوى بغير علم فقال: ما ضل من ضل إلا بسبب الفتاوى المضللة بغير علم من أناس لا يعرفون العلم الشرعي.

وقال الدكتور العمر من المهام التي ينبغي للخطيب على منبره أو إمام المسجد أن يوضحها للمصلين بيان أحكام الجهاد وضوابطه والتفريق بين الجهاد الشرعي وجهاد الخوارج وما أدخل فيه ما ليس منه وكذلك من الموضوعات المهمة التي يجب طرحها بيان واجبات وحقوق ولي أمر المسلمين التى بيّنها الله عزوجل وبيّنها النبي صلى الله عليه وسلم في سننه حيث يجب على الرعية أن تقوم بها وهي طاعة في المعروف والله قد أمرنا بالصلاة والزكاة والحج، وهو الذي أمرنا كذلك بطاعة ولي الأمر بالمعروف.

وقال عبدالعزيز بن علي بن نوح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن للمسجد دورًا في تعزيز الأمن الفكري فتحقيق الأمن في مساجدنا يكون بسلامة فكر الإنسان من الخروج من الوسطية والاعتدال في فهمه للأمور الدينية والسياسية والاجتماعية فمن المعلوم أن بلادنا اكتوت من هذه الأفكار المنحرفة فبلادنا مستهدفه من جانبين، فهي مستهدفة في منهجها القويم المعتدل القائم على كتاب الله تعالى وسنة نبيه بفهم سلف هذه الأمه وبرؤية واقعية مرنة وواقع واسع مفتوح وكذلك مستهدفه بكيانها السياسي القائم على العدل والتواصل مع المجتمع الدولي والاندماج في منظماته جميعًا بما يخدم البشرية، فالواجب على أئمة المساجد التصدي لهذه الأفكار وكشف زيفها وعوارها، وكشف الشبهات وبيان نصوص الشريعة، وبيان مقاصد الشرع وأصول العقيدة وما يتعلق بالإمامة والجهاد والتكفير وبيان معتقد أهل السنة والجماعة وتسمية الأشياء بمسمياتها وكشف اللبس ودحر العدو وإبراز كل ما له علاقة بالأمن الفكري بالانتماء لبلادنا ووطننا فكثير من الشبهات تنطلق من الدين، فيجب مواجهة الفكر بالفكر على هدي وتأصيل شرعي متين.

من جانبه دعا الدكتور سعد الشهراني الأمين العام للهيئة العالمية لعلماء المسلمين إلى وجوب مواجهة التطرف والغلو، مؤكدًا على أن الشباب المتطرف والمغالي لابد أنهم فقدوا محضن التربية الذي يربيهم، ومن المعلوم أن محاضن التربية هي بيوت الله عز وجل، ولو تأمل المتأمل في الملتحقين بالجماعات الإرهابية في الدول العربية أو حتى في الدول الإسلامية والأوربية تجدهم لم يرتبطوا بالمساجد ولم يخرجوا من رحمها، وبعضهم حديث عهد بالالتزام وفي الغرب حديثو عهد الإسلام ولم يرتبطوا بعالم من علماء المسلمين المعتبرين أو داعية من الدعاة الصالحين ولم يلتحقوا بمركز من مراكز المسلمين لأن ارتباطهم بهم يوجههم إلى الوجة الصحيحة السليمة. وأضاف الشهرني: إن دور المسجد دور عظيم في تربية النفوس ومسؤوليته كبيرة كما أن دور الإمام كبير ومسؤوليته عظيمة وجسيمة في احتواء الشباب واحتضانهم وفتح باب الحوار معهم فهم لا يريدون أحكامًا إقصائية وإنما يريدون النقاش والحوار بالتي هي أحسن، فلا إكراه في الدين، فالشباب في الزمن الحديث لا تكفه السلطة ولا يوجهه الأمر، إنما العلاج الحقيقي هو الفكر وهذا دور الإمام ودور المسجد في احتضان الشباب، فالصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه ناقش الخوارج وجادلهم فعاد كثير منهم حتى قيل إن عددهم أكثر من 8 آلاف خارجي بسبب الحوار، ولهذا ينبغى للإمام أن ينزل للشباب ولا يكون في برج عالٍ من لغة الأمر دون أن يكون هناك قناعة عند الشباب بهذه الرسالة العظيمة التي هي رسالة المسجد الخالدة.