سامي الريامي- الامارات اليوم-
«الحكومة والأمن تقدر وتحترم المستقل بفكره»... جملة صحيحة، وكلمة حق أراد بها صاحبها باطلاً، فقائلها صدق فقط في هذا الجزء من مقولته، لكنه تغافل ونسي أن المستقل بفكره عليه أن يكون أولاً مخلصاً ومحباً وصادقاً ومتزناً وعقلانياً، لا أن يكون متقلباً انتهازياً سلبياً يسمي الأشياء وفق مصلحته بغير أسمائها، تختلف مقاييس الأمور عنده باختلاف الليل والنهار!
«أحب الحكومة وأكره الحكوميين»، «أحترم جهاز الأمن ولا أحترم الأمنيين»... جملٌ مرتبكة تدل على شخصية مرتبكة، يؤكد صاحبها مقولة «يكاد المريب يقول خذوني»، والحقيقة الناصعة التي يجب أن تصل إليه هُنا هي أن الحكومة لا تحتاج إلى محبته، والأمن لا يريد منه احتراماً، وكذلك الحكوميون والأمنيون، فإن كره هذا الشخص لهم هو وسام عز وفخر، فلا حاجة لهم بمحبة شخص لا يعرف كيف يحترم ويقدر وطنه والمسؤولين فيه!.
لست من هواة «التخوين»، وأدرك تماماً أن هذه تهمة شنيعة لا نمتلك نحن أفراد المجتمع الحق في رمي من نشاء بها جزافاً، ولن ألجأ إليها يوماً، لكن هناك نوعيات في المجتمع، وللأسف الشديد، يعشقون التلون، يكرهون اللون الأبيض، ولا هم من محبي اللون الأسود، بل هم أشبه بالمرآة تعكس كل من يقف أمامها، لذا فلا غرابة أن يكون أحدهم «إخونجي» أمام الإخوان، و«يساري» في حضرة اليساريين، محبٌ وصديق للمسؤولين نهاراً، ومسيء لهم ليلاً، يطعن في الدولة ويكيل لها الاتهامات في المؤتمرات، وفي حضرة المنظمات الخارجية يمتدح من أساء للدولة وقادتها مرات عدة، ويطلب من الحكومة أن «يتسع صدرها»، رغم علمه أن ذلك الشخص سيئ الذكر، حصل على عفوٍ رغم جميع إساءاته، ومازال يسير في طريقه الأعوج، يستهزئ بالحكومة ومشاريعها الوطنية وسياساتها الخارجية ثم يقول بكل ثقة «انتقاداتي هي انتقادات المحب لوطنه الحريص على تقدمه»!
هناك فرق كبير بين الانتقاد البنّاء الراقي المُفيد، وبين الاستهزاء والطعن والتشكيك بخبث في الدولة وسياساتها ومسؤوليها، شتان بين الاثنين، وإن كانت حكومتنا تقبل وبصدر واسع النوع الأول من النقد، فإننا جميعاً نرفض النوع الثاني، ونبغض وننبذ من يتخذه طريقاً لتحقيق «حاجة في نفس يعقوب»!
لم يمنع أحد الانتقاد، بل إن الحكومة ترصد وبشكل يومي في مختلف وزاراتها وأجهزتها، مختلف الانتقادات والملاحظات وتسعى إلى الأخذ بها، وتعمل على تلافي الأخطاء أينما كانت، ولكن أن يأتي «دكتورنا» ويستهزئ بتجربة الدولة الانتخابية الثالثة، وبشكل مسيء وفظ، ويتهم الحكومة بممارسة «الوصاية الشديدة على الانتخابات»، ويحاول رسم صورة سوداوية عن التجربة.. بل وصل به الأمر حد مطالبة اللجنة المنظمة بالاستقالة، لأن نسبة المشاركين وصلت إلى 35%، مع أنها لا تتجاوز في أقدم الأنظمة الديمقراطية 43%، مستهزئاً بخبث «إذا استمر هذا النهج التدريجي الذي لا نعرف سقفه الزمني، فلن تصل الإمارات لتحقيق ما جاء في الدستور من إعداد الشعب لحياة برلمانية قبل عام 2115»!
الأصوات العقلانية ليست حكومية أكثر من الحكومة، وليست أمنية أكثر من الأمن، بل هي أصوات محبّة للوطن، مثمنة لجهود الحكومة والأمن في جعل دولتنا دولة للأمن والأمان والاستقرار، وواحة للبعيد والقريب، وهذا ما لا تقدره الأصوات الشاذة، التي ترفل في النعمة، وتتهجم على من كان سبباً في توفيرها، أصوات لا تعرف ماذا تريد، وإلى أين تريد أن تصل، إنه ليس فكراً مستقلاً بقدر ما هو فكر شاذ ومنحرف!