سعود بن علي الحارثي- الوطن العمانية-
يأمل المراقبون والمهتمون والمختصون والمخلصون على السواء بأن يشهد العمل الشوروي في فترته الثامنة وقد بلغ نضجا زمنيا يؤهله للمزيد من التطور في الأداء والاختصاصات, أن يشهد نقلة نوعية في المجالين التشريعي والرقابي, وبأن تفرز انتخابات الأحد المقبل أعضاء يتمتعون بالكفاءة والخبرة والقدرة على التطوير والشعور العميق بحجم المسئولية والإحساس بما تتطلبه العضوية من جهد وتفرغ.
سوف يبقى يوم الأحد القادم 25 من أكتوبر 2015م يوما آخر مشهودا في مسيرة الشورى لا يتكرر إلا مرة كل أربع سنوات, حيث ستشهد مراكز الانتخاب البالغ عددها 109 مراكز انتخابية موزعة على مختلف ولايات ومناطق السلطنة اقبال المواطنين لاختيار مرشحيهم لعضوية مجلس الشورى لفترة ثامنة تبدأ في نوفمبر 2015 م, وتنتهي في سبتمبر 2019م , وتشهد انتخابات هذا العام بعض التطورات حيث يتم العمل لأول مرة بقانون الانتخابات الذي يتضمن عقوبات صارمة للمخالفين لشروط هذا القانون, والمراقبة الصارمة للحد من شراء الأصوات, وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي للدعاية والاعلان وعرض الرؤية الانتخابية والتواصل مع أبناء المجتمع ..وقد استمر السماح للمرشحين بنشر إعلانات في الصحف المحلية اقتصر على اسم المرشح وصورته ونبذة تعريفية عنه, على أن يتحمل المرشح تكلفة نشر الإعلان, كما انتشرت في الطرق الرئيسية والفرعية والأسواق وفي وقت مبكر شعارات ولوائح مختلفة تظهر صورا ووعودا انتخابية لبعض المرشحين, ولا داعي للتطرق في هذا المقال إلى المراحل التاريخية التي مرت بها مسيرة الشورى ولا إلى مجمل التطورات التي شهدتها في مجالي الاختصاصات والانتخابات ولا إلى دور المجلس في الحياة العامة ومنجزاته وطموحات المواطن ونظرته وآرائه حول الشورى … فقد تم التطرق إلى كل ذلك بالتفصيل في مقالات سابقة عبر هذه السلسلة, إذ ما يهمنا في هذا المقال بالذات التركيز على الدور الأساسي الذي يلعبه المواطن في الارتقاء بمسيرة الشورى, والتطرق كذلك إلى مكانة العضو المحورية في تفعيل اختصاصات المجلس والعمل قدما في إكساب التجربة المزيد من الاختصاصات والممارسات والآليات الجديدة, ذاك بالعمل الدؤوب الصادق وتقديم الرؤى والأفكار القيمة, ويأمل المراقبون والمهتمون والمختصون والمخلصون على السواء بأن يشهد العمل الشوروي في فترته الثامنة وقد بلغ نضجا زمنيا يؤهله للمزيد من التطور في الأداء والاختصاصات, أن يشهد نقلة نوعية في المجالين التشريعي والرقابي, وبأن تفرز انتخابات الأحد المقبل أعضاء يتمتعون بالكفاءة والخبرة والقدرة على التطوير والشعور العميق بحجم المسئولية والإحساس بما تتطلبه العضوية من جهد وتفرغ, وهي مسئولية يقع الجزء الأكبر من عبئها على عاتق المواطن, حيث تمثل الانتخابات أكثر من عنصر اختبار لهذا المواطن, ذاك من منطلق أن نجاح هذه المؤسسة وتطور أداءها يعتمد في المقام الأول على صوته وفي تصميمه على ممارسة حقه في الاختيار وفي المشاركة, وعلى نجاحه ثانيا في اختيار العضو الكفء القادر على تمثيله تمثيلا صادقا, الحريص على نقل همومه ومشاكله وقضاياه ومطالبه إلى جهات الاختصاص وعلى طرح الأفكار والمواضيع بنزاهة وموضوعية مدعومة بالأرقام والمؤشرات الصحيحة, وتمكنه كذلك من التعامل مع مجمل القضايا التي تطرح في المجلس من خطط وبرامج ومشروعات قوانين وتقارير تعنى بالشئون الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والخدمية … وعلى تمثيل المجلس والمشاركة الفاعلة في الاجتماعات واللقاءات وورش العمل والمؤتمرات ذات الصلة التي تعقد داخل السلطنة وخارجها … وفي العنصر الثالث نتمنى فيما نتمنى أن تعكس الانتخابات القادمة قدرة المواطن ونجاحه في الخروج من إطار الانتماءات والولاءات التي يلعب بأوتارها كثيرون عند التصويت, والحرص على التعافي من أمراض التعصب والأهواء لهذا على حساب ذاك, وأن يضع المصلحة العامة في مقدمة العوامل والأسباب عند عملية الاختيار دونا عن غيرها ففيها الاحتكام إلى لغة العقل والتعامل مع الواقع بحكمة وبعد نظر, وفيها سلامة البلاد وصلاح العباد وحسن المقصد وبها تتجسد الوطنية الصادقة, على المواطن كذلك وفي الاختبار الرابع الذي ينبغي أن يجتازه بنجاح عدم النظر إلى المجلس من زاوية ضيقة قاصرة على الماضي, وأن يجدد صياغة أسئلته المرتبطة بمسيرة المجلس ومكانته ودوره وتطوره … والتي لا تخلو في الكثير منها من العتاب والتشكيك وتسجيل المواقف, عليه أن يصوغ أسئلته لتصبح أكثر تفاؤلا بمستقبل الشورى , وأن ينظر إلى المجلس من زوايا مختلفة تليق بمكانته كمؤسسة برلمانية ينتظر منها الكثير في المستقبل وفي مقدم ذلك الكثير أن تكون المعبر الحقيقي عن همومه ومشاكله, وأن تكتمل قواعدها التي تأسست قبل ثلاثة عقود لتصبح مؤسسة برلمانية تشريعية مكتملة, ولن يتأتى ذلك كما أسلفنا إلا بالاعتماد على عقول مستنيرة خبيرة قادرة على الأخذ بأسباب التطور ملمة بالعمل البرلماني, قواعده وأهدافه واختصاصاته الحقيقية , تمتلك الوعي والمعرفة والأدوات الصحيحة في ممارسة حقوقها وواجباتها واختصاصاتها والأخذ بالمجلس خطوة حكيمة تلو أخرى في طريق التقدم . نتمنى أن يوفق المواطن في عملية الاختيار وأن ينجح في عناصر الاختبار جميعها وأن تشهد الفترة الثامنة نمو المسيرة وتطورها …. اللهم آمين.