هشام صافي- الخليج الاماراتية-
تبدأ وزارة العمل اعتباراً من مطلع شهر يناير/كانون الثاني المقبل، تطبيق قرارات جديدة أصدرتها مؤخراً، بهدف إضفاء مزيد من الضبط والربط على العلاقات السائدة في سوق العمل، لجهة إلزام أرباب العمل عند استقدام أعداد جديدة من العمالة، أن يطلعوهم بالتفصيل على جميع الحقوق التي سيتمتعون بها بالتفصيل، وكل الواجبات المطلوب منهم تنفيذها بدقة أيضاً، ليكون كل طرف على بينة مما له وما عليه، ولا يترك أيّاً من الأمور المشتركة عرضة للتفسير والتأويل، وهو ما يؤدي غالباً إلى البعد عن الإنصاف والحقيقة.
وتتوقع الوزارة أن ينخفض معدل النزاعات العمالية التي تنشأ بين الطرفين عادة على الأرض، بعد أن يعرف كل طرف حقوقه وواجباته، وهو أمر إيجابي محمود إذا خلصت النوايا، وكانت صادقة من الطرفين، فيقدم العامل عرضاً لإمكاناته ومهاراته وقدراته وشهاداته المطلوبة منه، بحيث يكون قادراً على تنفيذ حيثياتها بسهولة عند بدء تنفيذ التعاقد المبرم بين الطرفين، وفي المقابل أيضاً إذا أخلص رب العمل النوايا، ووفر للعامل كل الحقوق التي تضمنها العقد الموقع بينهما.
ولكن للأسف، لا تؤخذ كل الأمور بالنوايا الحسنة فقط ، فهي كثيرة لكن جزءاً منها لا يعرف طريقه للتنفيذ، لتعارضه بصورة أو بأخرى مع مصلحة رب العمل الذي قد يتعرض هو أيضاً للغش والخداع، فيجد نفسه أمام عامل مختلف تأهيلاً وتدريباً وتعليماً مع المطلوب لأداء عمل معين، فيكون خسارة كبيرة عليه بعد أن دفع كل الرسوم والمصاريف اللازمة لاستقدامه.
الدولة صادقة في نواياها ومساعيها، لكن عدم الالتزام هنا يكون فردياً، جزئياً، وليس سياسة عامة للبلد، وأمامنا نظام حماية الأجور الذي يضمن وصول أجور العمال للمؤسسات المالية المسجلين فيها، في موعد متفق عليه شهرياً، فيعيش العامل مطمئناً نفسياً إلى أنه سيستلم راتبه في وقت معلوم كل شهر، وهذا قمة الأمان الوظيفي، لكن نوايا الدولة الحسنة تقابلها مماطلات من بعض أرباب العمل لضيق مؤقت في الوضع المالي لشركاتهم، أو لأسباب أخرى قد يكون من بينها تحقيق مصالح خاصة للشركة بالأموال التي يفترض أن تصرف رواتب.
والعمال أيضاً لديهم مئات الطرق من عدم الالتزام والوفاء بما عليهم من واجبات، خصوصاً إذا ما وجدوا خلال البحث المستمر فرص عمل أحسن، أكثر دخلاً وامتيازات من الوظائف التي يؤدونها، فيهربون من كفلائهم ويعملون لدى الغير الذي يتورط هو الآخر ليوفر على نفسه كثيراً من المصاريف الرسمية.
في كل الأحوال، مصلحة الدولة، وهيبتها، وسمعتها بين الأمم، خاصة في كل ما يتعلق بشؤون العمالة الوافدة وحقوقها، أهم من الطرفين ومخالفاتهما، ومصالحهما الفئوية الضيقة، لذلك يجب أن يتبع صدور القرارات توضيح آليات تنفيذها المحكم، الذي يمنع تلاعب أي فرد أو مجموعة أو فئة، بالمصالح الوطنية لتحقيق منافع خاصة غير مشروعة.