تواصل » صحف ومجلات

سقوط الصحافة البريطانية

في 2015/10/26

أيمـن الـحـمـاد- الرياض السعودية-

الحملة المنظمة التي تقوم بها الأحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، والصحافة البريطانية ضد المملكة عمل يمس أموراً ذات طابع سيادي، لا تقبل المملكة لأي دولة أو جهة مهما كانت بأن تسمح لنفسها التدخل فيه وتسخيره لخدمة أهداف مشبوهة.

أسطوانات مشروخة دأب الإعلام البريطاني على تكرارها كلما استدعى الأمر أو لم يستدع، كإفك دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية الذي يبدو سخيفاً لا ينم إلا عن حقد أعمى لدى بعض الصحافيين البريطانيين عن تصريحات المسؤولين في بلادهم، ولعل آخرها تصريح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي قال في تجمع «إن المملكة أنقذت أرواح مئات البريطانيين» من هجمات إرهابية كانت ستقع في بلاده بعد أن مرر الأمن السعودي معلومات لنظرائه البريطانيين عن هذه الهجمات.

ويبدو أن الصحافة البريطانية قد أفلست مهنياً وتعاني مادياً في الوقت ذاته، فاتجهت إلى أن تكون صحافة «فضائحية» صفراء من أجل تسويق بضاعتها المزجاة، وكان للمملكة سابقة مع إحدى هذه الصحف التي تصنف نفسها باعتبارها «مستقلة»، عندما لفقت خبراً مكذوباً عن الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، عبر أحد أبرز مراسليها أو هكذا يفترض، فما كان إلا أن ثبت كذبها أمام القضاء البريطاني، واضطرت الجريدة إلى تقديم اعتذار مكتوب نشر في الصحيفة ودفع تعويض مالي كبير.

وفي واقع الأمر لا يمكن التماس الجهل أو عدم المعرفة لدى النخب البريطانية من الحزبيين أو الصحافيين الذين تزخر مكتباتهم بمقالات الباحثين الأكاديمية، ويوميات المستشرقين الذين رصدوا الحياة بكل تفاصيلها في المملكة منذ بداية التأسيس، كما أنهم لا يجهلون الأنظمة التي تعتمدها المملكة في محاكمها، ولا يجهلون القيم والعادات الثقافية، وإجراء بحث بسيط على الإنترنت في يومنا هذا كفيل بتبديد الجهل لدى أي شخص في العالم.

ثم يأتي الهوس الغربي في الحديث عن الحريات وحقوق الإنسان في المملكة، والافتراءات التي يتحدث بها الحزبيون وبعض البرلمانيين في المؤسسة التشريعية البريطانية، ويسوّقها الإعلام البريطاني، الذي وضع مقياساً ودليلاً أخلاقياً وحقوقياً بناء على ثقافته ويريد تعميمه على دول العالم، وهذا أمرٌ من شأنه أن يؤثر بشكل مباشرٍ في العلاقات بين البلدين، فالمملكة لديها قوانين لا ترضى أن تمس والجميع على أرضها لديهم حقوق وعليهم واجبات.

ثم إن ما يثير الريبة في هذه الحملة تركيزها على المملكة من بين دول الشرق الأوسط، وكأن هناك جماعات ضغط تدير هذا المشهد المسرحي وتوجهه من خلف الستار، فلماذا على سبيل المثال لا نسمع بالإعدامات التي تنفذها إيران في حق الأقليات، ولماذا لا نسمع تنديداً بالإرهاب في الصحافة البريطانية الذي تمارسه المليشيات الإيرانية في سورية وفي أماكن أخرى؟.

إن وقوع بعض رجال السياسة والإعلام والحقوقيين تحت تأثير بعض اللوبيات النشطة في لندن والتي تستغل المجال المتاح في بريطانيا لتنفيذ أجندتها، يستوجب من الحكومة الاضطلاع بمسؤولياتها وضبط المشهد الذي تسومه العبثية باعتباره أمراً يسيء لإحدى الدول التي تُعتبر أحد أهم شركاء بريطانيا.