أيمـن الـحـمـاد- الرياض السعودية-
يحدث أن تتعرض المملكة لهجمات إعلامية شرسة من وقت لآخر بفعل مكانتها ودورها وفعاليتها في أحداث المنطقة، وتأثيرها في المجال السياسي والثقافي والاقتصادي، بقيادتها لأهم السلع الاستراتيجية على مستوى العالم، ونفوذها في الأسواق العالمية النفطية.. هذه الاستحقاقات تضع المملكة دوماً في عين العاصفة إعلامياً، فيطلق المغرضون وأصحاب المصالح سهام نقدهم، ويبدؤون باستهدافنا حسب ما يقتضيه الموسم في تلك اللحظة، فإن كان الأمر يتعلق بالاقتصاد استهدفوا النفط، وإن كان الموضوع عن دور سياسي بدأوا يطرحون مقاربات وتحليلات تفتقر أحياناً إلى الدقة، ضاربين عرض الحائط بمبادئ المهنيّة.
وبعيداً عن ذرائع وأسباب هذه الهجمات التي تستهدفنا، فإننا يجب أن نطرح سؤالاً مهماً حول ماذا أعددنا "لاستباق" أي حملة يمكن أن تمس بلادنا أو تطال رموزنا وتنال من مقدراتنا، وتأتي على كل منجزاتنا التنموية والحضارية وتغيّبها تماماً وتجحف بحقنا، وتخدم أعداءنا، وتحرّف الحقائق بمهنية عالية مستغلة تأثيرها أحياناً وسعة انتشارها أحياناً أخرى؟
إن غياب رؤية واضحة في التعاطي مع الإعلام الغربي الذي يراهن دوماً على حرية الإعلام والتوجه النقدي في بلاده كضامن لممارسته الإعلامية، يستوجب منا أن نتخذ موقعاً هجومياً لا أن نكون في خانة الدفاع، وألا تكون أفعالنا ردود فعل لما يبدر من إعلام الآخر، إذ يجب علينا أن نبدأ ونسبق تلك الوسائل الإعلامية، ومن يقف خلفها، فنتخذ خطوة للأمام لنقطع عليهم محاولة الهجوم بعد أن نبرز ونضع ما لدينا بشفافية وصراحة ومهنية تتلاءم مع المضمون الإعلامي للصحافة الغربية التي يختلف تماماً تعاطيها الإعلامي مع الأحداث عن التعاطي الذي نسلكه نحن في صحافتنا المحلية، فالخطاب الإعلامي المحلي يختلف عنه في الإعلام الأجنبي، وإيصال رسائلنا الإعلامية ومنجزاتنا وتمريرها من وقت لآخر أمرٌ في غاية الأهمية عبر وسائل غربية وبواسطة وجوه إعلامية وصحافية محترفة تعرف توجّه الخطاب الإعلامي الرسمي وأبعاده وخطوطه واستراتيجيته.
ولنأخذ على سبيل المثال موضوع اللاجئين السوريين، إذ لم نفصح عن أرقام وأعداد من استضافتهم المملكة إلا بعد تناول وانتقاد الإعلام الغربي دورنا في قضية اللاجئين ووصفنا بالسلبية، بالرغم من أن المملكة استقبلت 2.5 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011.. وهنا لا نقصد بأن نذهب لنتباهى إعلامياً في بعض القضايا، بل إن هذه المعلومة يمكن أن تمرّر للإعلام الأجنبي باحترافية.
ويفتح هذا الأمر باب التساؤلات حول قدرة وأهلية أدواتنا وخططنا الإعلامية، فهل لدينا وسائل إعلام مؤثرة في المجال الدولي؟ وهل نملك القدرة على إنشاء منظومة إعلامية نستطيع جعلها محل دراسات التأثير والانتشار؟ في الواقع لا شيء مستحيلاً، إن نحن أحسنا استقطاب الكوادر "المهنية" الممارسة للعمل الإعلامي، ووفّرنا البيئة الإعلامية المناسبة، والقدرات المادية الكفيلة بإدارة منظومة مهمتها إدارة صورة المملكة حول العالم وخدمة أهدافها باحترافية تجعلك تتابع أخبار تلك الوسيلة، وتَنشدّ صوب برامجها وأنت تعلم أنها قناة إعلامية موجهة.. وفي عالمنا العربي نماذج عدة نعرفها ونتابعها.
تتعرض صورة المملكة لتشويه متعمد يضعنا في خانة الاشتباه أمام المجتمعات حول العالم، ويصورنا بأبشع الصور، خصوصاً مع انهماكنا وانخراطنا في الأحداث السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية، ما يجعلنا أمام مسؤولية العمل من أجل الحفاظ على منجزنا وسمعتنا ودورنا..