تواصل » صحف ومجلات

عشر سنوات لتحديد «خط الفقر» في البحرين!

في 2015/10/28

هاني الفردان- الوسط البحرينية-  

يعد موضوع الفقر في البحرين من القضايا الحساسة والجدلية، ففي ظل قناعة الشارع العام والمؤسسات الأهلية المختلفة بوجوده بل تزايده في ظل تقلص مساحة الطبقة الوسطى، فإن الجهات الرسمية «تنكر» ذلك وتتمسك بمفهوم «الفقر النسبي».

البحرين تفتقر إلى تعريف واضح لخط الفقر، فيما هو مؤكد أن المقياس الدولي لخط الفقر، أي نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، غير صالح للبحرين، وأن الإطار العام للأهداف الإنمائية للألفية يتطلب من البلدان المعنية أن تستخدم خطوط الفقر الوطنية وليس المقياس الدولي من أجل رصد التقدم بالنسبة إلى هذا الهدف المحدد.

لوضع النقاط على الحروف فإن «خط الفقر» هو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلدٍ ما. ومن هنا يظهر مصطلح الفقر المدقع، وهو مستوى من الفقر يتمثّل بالعجز عن توفير تكاليف المتطلبات الدنيا الضرورية من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن. وبعبارة أخرى فإن الناس الذين يعيشون تحت خط فقر محدد هم أناس يمكن أن يوصفوا بأنهم يعيشون في حالة فقر مدقع.

خط الفقر «المدقع» المتعارف عليه عالمياً كان نحو دولار أميركي واحد في اليوم للفرد، لكن البنك الدولي عاد في عام 2008 ورفع هذا الخط إلى 1.25 دولار (0.47 دينار بحريني) عند مستويات القوة الشرائية لعام 2005 ورفع بعد ذلك ليصل إلى 1.90 دولار (0.71 دينار). ومع ذلك فإن العديد من الدول تضع خطوط فقر خاصة بها وفق ظروفها الخاصة. فمثلاً عام 2011 كان خط الفقر في الولايات المتحدة للفرد دون سن 65 هو 11.490 دولاراً يومياً (ما يعادل 4.32 دنانير بحرينية)، ولعائلة من أربعة أفراد من بينهم طفلان هو 23.550 دولاراً يومياً (ما يعادل 8.85 دنانير)، ووفقاً لبيانات مكتب تعداد سكان الولايات المتحدة التي صدرت في 13 سبتمبر/ أيلول 2011 تبين أن نسبة الفقر في أميركا ارتفعت إلى 15.1 في المئة في 2010.

يتم تحديد مستوى الفقر من خلال المجموع الكلي للموارد الأساسية والتي يستهلكها الأفراد البالغون خلال فترة زمنية معينة غالباً سنة. كما أن الاقتصاديين في الدول المتقدمة يهتمون كثيراً بأسعار العقارات وتكاليف استئجار المساكن وذلك لأهميتها في تحديد خط الفقر.

ما هو مؤكد أنه لا يوجد في البحرين من يعيش بأقل من دولار وربع يومياً، وهو المقياس الدولي لخط الفقر (الفقر المدقع)، ولكن في البحرين أيضاً وبحسب الجهات الرسمية توجد 116 ألف أسرة محتاجة مسجلة ضمن صندوق الضمان الاجتماعي (وهم فقراء بالمصطلح العام) بحسب ما هو معمم من قبل الجهات الرسمية في (أكتوبر/ تشرين الأول 2015).

وفي تقرير وزارة التنمية الاجتماعية عن إنجازاتها في العام 2013، فقد بلغ مجموع الأسر المستفيدة من الضمان الاجتماعي حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 (17 ألفاً و528 أسرة) يبلغ عدد أفرادها 44 ألفاً و604 أفراد.

وزارة التنمية الاجتماعية في العام 2007 أعلنت عن قرب الإعلان عن «خط الفقر» في البحرين، إذ كشفت وزيرة التنمية الاجتماعية (سابقاً) فاطمة البلوشي خلال مؤتمر صحافي عقدته في نادي المراسلين في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2007) بمناسبة اليوم العالمي للفقر عن قرب إعلان البحرين عن خط بحريني لمستوى الفقر بالتعاون مع البنك الدولي الذي يعد دراسة خاصة بمستوى الفقر في البحرين.

بحسب الوزارة وتصريح الوزيرة في ذلك الوقت فإن «الحكومة تعلم بوجود فقر في البحرين سواء كان ذلك متعلقاً بفرد واحد أو ألف، وبالتالي فهي تعمل على وضع الخطط والمشروعات من أجل مكافحة الفقر والحد من الأسباب التي تؤدي إليه، رافضة اتهامات الجمعيات الحقوقية بأن الحكومة غير جادة في مكافحتها للفقر في البحرين»، الفقر الذي تتحدث عنه الحكومة «نسبي» وليس «مدقعاً».

لا وجود لفقر مدقع في البحرين، ولا يوجد من يعيش بأقل من دولار يومياً، ولكن بالتأكيد هناك فقراء في البحرين، إذا ما تمّت مقارنة دخول هذه الأسر بمتوسط الدخول الموجودة في البحرين.

الحكومة بدأت منذ العام 2006 بالتعاقد مع البنك الدولي لوضع دراسة لتحديد خط الفقر في البحرين، ومع ذلك لم يبقَ سوى شهرين ونكمل العام العاشر على تلك الخطة التي لم ترَ النور بعد لوضع خط فقر بحريني واضح.

ربما المصطلحات تتغير، ولكن المضمون واحد، سواء كان ذلك تحت مسمى أسر «محتاجة» أو أسر «فقيرة»، ففي البحرين رسمياً أكثر من 44 ألف فرد يتلقى مساعدات اجتماعية، وهم بالتالي «فقراء» يحتاجون للمساعدة.

ولكي يتم تحديد مستوى الفقر في البحرين، لابد من تشريع واضح يحقق أهداف الألفية من خلال إيجاد خط الفقر الذي يتناسب والوضع المالي، والحديث عن أن البحرين حققت تلك الأهداف لأنه لا يوجد فيها من يعيش بأقل من 1.90 دولار فهو حديث خارج السياق المتعارف عليه دولياً والداعي لاستخدام خطوط الفقر الوطنية.