تواصل » صحف ومجلات

بعد تخصيب اليورانيوم للاستخدام السلمي.. هل تنتقل السعودية لامتلاك الردع (النووي)؟

في 2015/11/06

شؤون خليجية -

هل تسير المملكة السعودية نحو امتلاك سلاح نووي في ظل حرب شبه معلنة بينها وبين الخصم الإيراني، الذي بدأ في تكييف أوضاعه والاستفادة الحقيقية من توقيع الاتفاق النووي مع مجموعة الدول الكبرى "5+1"؟، هذا التساؤل أثاره ما كشف عنه مسؤول سعودي، أن بلاده تجاوزت مرحلة "الكميات المحدودة" من اليورانيوم المخصب إلى التطبيق الشامل، الذي يدعم البرنامج السعودي النووي، ويتيح للسعودية الحصول على حاجتها من التقنية النووية، التي شدد على أنها لاستخدامات "سلمية".

وكان رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل، قد أعلن في وقت سابق أنه إذا امتلكت إيران أسلحة نووية، فإن السعودية سوف تمتلك أسلحة نووية، بالرغم من أن السعودية لا تملك أسلحة نووية– بحسب ما هو معلن– إلا أن كثيرًا من السياسيين وعسكريين أكدوا أن السعودية تملك أسلحة نووية صينية، وتمول برنامج أسلحة نووية في باكستان، وتحاول أن تبني برنامجًا نوويًا سعوديًا على أراضيها.

وفي عام 2003م خرجت مصادر تؤكد أن السعودية تملك ثلاثة خيارات حول الأسلحة النووية، الأول أن تتحالف مع دولة تملك أسلحة نووية لكي تحميها، الخيار الثاني التخلص من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، الخيار الثالث امتلاك برنامج نووي سعودي. مع الأخذ في الاعتبار أن السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي تملك قوة خاصة للصواريخ في جيشها تعرف باسم قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية .

وفي ورقة نُشِرَت يوم 22 يوليو الماضي، بعنوان "المملكة العربية السعودية والاتفاق النووي مع إيران"، كتب المحلل في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزنسكي: "نظرًا لحصول إيران على خاتم الموافقة الدولية على تخصيب اليورانيوم، لا يمكن استبعاد إمكانية اتخاذ السعودية مسارًا مماثلًا، حتى رغم المعارضة الأمريكية". مضيفًا: في بيئة ما بعد الصفقة "سوف تجد السعودية صعوبة في التزام اللامبالاة.. وسوف تسعى للقيام بردٍ، ولو جزئي، على التهديد الإيرانيّ".

وطالب مؤخرًا الكاتب جهاد الخازن، السعودية ببرنامج نووي عسكري، بقوله: "إنني أريد أن تمتلك المملكة السعودية سلاحاً نووياً، ومثلها مصر والإمارات العربية المتحدة، الملك سلمان، وعلاقتي به مباشرة على مدى عقود، يستطيع أن يتفق مع باكستان غداً على شراء قنابل نووية منها، فالسعودية موَّلت البرنامج الباكستاني، وأنقذت اقتصاد باكستان مرة بعد مرة. طبعاً هناك خطر عقوبات، إلا أن السعودية في وضع تستطيع معه أن تعاقب الآخرين لا أن يعاقبوها، فعجلة الاقتصاد العالمي كله يديرها النفط والسعودية أكبر منتج ولا أزيد".

الاعتماد على باكستان

منذ توقيع إيران اتفاقها النووي وكثر الحديث عن إمكانات المملكة في امتلاك أسلحة لردع إيران وكبح جماحها في المنطقة وتهديداتها الإقليمية، وبعيدًا عن سباق التسلح، فإن الرياض تريد توظيف إسلام أباد لكبح جماح الأطماع الإيرانية بأساليب عديدة.

وبحسب خبراء، فإن نتائج توقيع الاتفاق النووي الإيراني وتهديده المباشر للسعودية يجعل من باكستان الخيار الأول أمامها لتطوير قدراتها النووية، وتطوير قدراتها التسليحية التقليدية خلال الفترة الحالية.

ورغم تراجع التعاون مع السعودية المعلن رسميًا من قبل باكستان، إلا أن الواقع أمر آخر، بحسب مراقبين، فقد أكّد وزير الدفاع خواجة محمد آصف، أنّه "تعهد بحماية السعودية وسلامة أراضيها" من الخصوم المجاورين، بالرغم من رفض البرلمان إرسال المساعدات العسكرية ضد الحوثيين "الشيعة المسلحة" في اليمن.

وما يعزز مؤشرات التعاون الوطيد بين السعودية وباكستان، العلاقة "الخاصة" التي تربطهما منذ سنوات، حيث  كانت السعودية  الممول الرئيسي لمشروع القنبلة الذرية الباكستانية منذ عام 1974م، ومنذ عام 1998 اعتقد الدبلوماسيون الغربيون ووكالات الاستخبارات، أن باكستان ستبيع السعودية الرؤوس الحربية النووية والتكنولوجيا النووية، ونفى كلا البلدين بشدة وجود مثل هذا الاتفاق، وفي عام 2003 ذكر موقع الأمن العالمي أن باكستان قد دخلت في اتفاق سري مع السعودية بشأن التعاون النووي، حيث باكستان تقدم الأسلحة النووية للمملكة في مقابل الحصول على النفط الرخيص، في مارس 2006 ذكرت مجلة ألمانية ان السعودية تلقت الصواريخ النووية والرؤوس الحربية، حيث عرضت المجلة صورًا للأقمار الصناعية تكشف عن مدينة تحت الأرض في مدينة السليل جنوبي العاصمة الرياض تحتوي على صواريخ نووية، ونفت السعودية وباكستان تلك الأخبار.

الانتقال من الخفاء إلى العلن

ومؤخرًا بدت المملكة أكثر جرأة في الإعلان عن رغبتها في امتلاك مفاعلات نووية، كما تبالغ في عقد صفقات تسليح بالرغم من العجز في ميزانيتها هي وغيرها من دول الخليج، بسبب انخفاض أسعار النفط.

وفي أواخر يونيو الماضي، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، إنه سيتم توقيع 10 اتفاقيات بين السعودية وفرنسا بقيمة تصل إلى 12 مليار دولار، في حين أعلن وزير الخارجية الفرنسي أنهم يتطلعون لبناء مفاعلين نوويين في السعودية.

كما كشف، أمس الأول، رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، الدكتور هاشم يماني، أنه "يتم تطوير الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" في المملكة، لافتاً إلى أهمية اتباع "أفضل الممارسات وإجراءات الأمان، والالتزام بمبادئ عدم الانتشار النووي، وانتهاج أعلى درجات الشفافية في تطبيق إجراءات الضمانات".

ولفت إلى أن "المملكة شرعت في برنامج طموح للطاقة الذرية، وذلك يستدعي الانتقال من الأسلوب المحدود بالكميات الصغيرة إلى التطبيق الشامل الذي سيدعم برنامج المملكة، ويمكّن المملكة من الحصول على حاجتها من التقنية النووية وتوسيع التعاون والشراكة مع المجتمع الدولي".

وأوضح "يماني" أن المدينة تسعى إلى "استكمال متطلبات البرنامج الوطني للطاقة الذرية، من خلال تطوير البنى التحتية اللازمة، ومنها الأطر القانونية والتنظيمية، وتنمية التعاون الإقليمي والدولي بشفافية عالية، لكون المملكة عضواً في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الموقعة عام 1968، كما أنها من الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

ملف التعاون النووي بين السعودية ودول العالم

الولايات المتحدة

في عام 2008، وقّعت السعودية والولايات المتحدة الأمريكية مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تطوير الطاقة النووية لأغراض مدنية، لتصبح مستدامة بيئيًا وآمنة ومؤمَّنة، لكن المفاوضات بشأن ما يسمى "اتفاق 123"- بسبب الفقرة 123 من "قانون الطاقة الذرية"- لم تكتمل.

فرنسا

في عام 2011، وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية لتطوير الطاقة النووية مع فرنسا؛ سمحت للخبراء السعوديين بدراسة "الخيارات التكنولوجية الفرنسية، ومتطلباتها المالية، وآثارها على تنمية الموارد البشرية الوطنية المؤهلة".

وفي يوليو 2013، وقع عملاقا الطاقة النووية الفرنسيان، أريفا وEDF، اتفاق تعاون مع المملكة العربية السعودية بشأن تطوير المهارات التقنية النووية. وفي ديسمبر من نفس العام، وُقِّعَت اتفاقيات أخرى مع خمسة مُصَنِّعين وأربع جامعات سعودية.

الأرجنتين

في عام 2011، وقعت المملكة اتفاقًا للطاقة النووية مع الأرجنتين؛ يركز على تطوير مفاعلات نووية صغيرة الحجم لتشغيل محطات تحلية المياه.

كوريا الجنوبية

في عام 2011 أيضًا، وقعت السعودية اتفاقًا مع كوريا الجنوبية؛ يدعو للتعاون في مجال بحوث وتنمية وبناء المفاعلات النووية ومفاعلات الأبحاث.

الصين

في 2012، وقعت السعودية والصين اتفاقًا؛ يمهد الطريق أمام التعاون في مجالات مثل: صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث، وتصنيع وتوريد عناصر الوقود النووي. وفي نوفمبر، وقعت الهيئة النووية الوطنية الصينية (CNNC) مذكرة تفاهم مع السعودية لتعزيز التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا النووية، وإنشاء مجموعة عمل لاستكشاف الآفاق ذات الصلة.

اتفاقيات أخرى

وفي قمة الأمن النووي التي عقدت في الفترة من 24 إلى 25 مارس 2014 في لاهاي، عقدت السعودية اجتماعات مع الصين وتركيا وجنوب إفريقيا والمجر وفنلندا وبلجيكا وأستراليا؛ لمناقشة التعاون في مجال الطاقة النووية والمتجددة.