تواصل » صحف ومجلات

بريطانيا وظفت مجموعة سرية من كبار المسؤولين لتمكين الاستثمارات الإماراتية

في 2015/11/10

ترجمة وتحرير فتحي التريكي- الخليج الجديد-

شكل بعض الوزراء في الحكومة البريطانية وحدة سرية أعطت دولة الإمارات العربية المتحدة امتياز الوصول إلى النخبة السياسية في بريطانيا، إضافة إلى صفقات الأراضي الرئيسية والمؤسسات العالمية الشهيرة في الأوساط الأكاديمية، وقطاع خدمات الصحة وفقا لما كشفته صحيفة «الغارديان».

يتكون الفريق من 10 من كبار المسؤولين، ويطلق عليه مشروع «فالكون»، أي ”الصقر“، وقد تم تشكيله في صيف عام 2013 لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، المؤلفة من سبع ملكيات مطلقة تهيمن عليها أبو ظبي الغنية بالنفط، في محاولة لضمان أن الدولة الخليجية سوف تنفق أموالها في بريطانيا.

أنشأت «فالكون» بهدف التعامل مع الاستثمارات غير الدفاعية. وقد تم الإشراف عليها من قبل وزير الخزانة، المنتمي للمحافظين، «بول دايتون» ويديرها مدير عام في الخدمة المدنية يدعى، «مايكل بويد». ولم يتم إشهار تعاملاتها مطلقا. ولكن، وبعد طلبات مكثفة للكشف عن المعلومات والتحدث إلى المصادر الرئيسية في «وايت هول» فقد أمكن للغارديان التوصل للمرة الأولى إلى ما يلي:

(1) قام مسؤولو «فالكون» واللورد «دايتون» بإعداد قائمة عرض منسقة من المشاريع التي ينتظر عرضها على صندوق استثمار أبو ظبي التابع لولي العهد خلال اجتماع سري استثنائي في يوليو/ تموز 2013 مع «توني بلير» الذي كان يعمل كأحد موظفي جماعات الضغط في لندن.

(2) تدخلت الحكومة البريطانية حين قامت إحدى أكبر الجامعات في لندن بإثارة أزمة على إثر تشكيكها في تبرع بقيمة 6 مليون جنيه إسترليني من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة

(3) أبقى مجلس مدينة مانشستر على سرية التفاصيل بشأن الطريقة التي بها نقل ملكية أراضي عامة إلى شركة يتم التحكم بها من خلال شقيق ولي عهد أبو ظبي.

وكانت صحيفة «الغارديان» قد كشفت في وقت سابق عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد هددت بمنع صفقات للأسلحة بقيمة مليار جنيه مع المملكة المتحدة إضافة إلى وقف الاستثمار الداخلي وقطع التعاون الاستخباراتي إذا لم يقم رئيس الوزراء البريطاني «ديفيد كاميرون» بالتحرك ضد جماعة الإخوان المسلمين بعد توليها للسلطة في مصر. في المقابل، فقد وعدت بتقديم صفقات أسلحة مربحة وصفقات نفطية للشركات البريطانية.

اجتماعات سرية بحضور «توني بلير»

في الوقت الذي كانت تجري خلاله هذه الاجتماعات خلال عام 2013، كان «بلير» يعمل كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط. وفي ذات الوقت فقد كان يعمل لحساب دولة الإمارات العربية المتحدة. لأكثر من تسعة أشهر، تم تجاهل طلبات «الغارديان» للكشف عن المعلومات من قبل الحكومة، وادعى المسؤولون أن ذلك سوف يخل بـ«المصالح التجارية والعلاقات الدولية بين المملكة المتحدة ودول أخرى».

عندما تلقينا مؤخرا تفاصيل الاجتماع عبر البريد الإلكتروني، اعترفت وزارة الخزانة في 16 مارس/ أذار 2015 بأن «توني بلير» قد اجتمع مع مجموعة من الوزراء، واعترف أنه كانت هناك سلسلة من الاجتماعات ”السرية“ مع صندوق الاستثمار «مبادلة» الذي تديره دولة الإمارات العربية المتحدة وتبلغ قيمته 70 مليار دولار. قالت وزارة الخزانة في رسالة بالبريد الالكتروني لصحيفة «الغارديان» أن «دايتون» أجرى 4 اجتماعات غير مسجلة مع شركة «مبادلة» للتنمية، ثلاثة منها في يوليو/تموز 2013 بما في ذلك واحد بحضور «بلير»، والرابع في سبتمبر/ أيلول.

«التقى اللورد دايتون مع مجموعة توني بلير وشركاه مرة واحدة في يوليو/ تموز 2013 لمناقشة الاستثمارات الداخلية. كما التقى مرتين مع صندوق مبادلة في يوليو 2013/ تموز لنفس السبب، وبسبب خطأ إداري في هذه الفترة فإن العديد من الاجتماعات، وأغلبها اجتماعات غير متعلقة بالأمر، لم تسجل في تقرير الشفافية، والآن تم صحيح ذلك».

وقال متحدث باسم مكتب «توني بلير» أنه ليس لديهم تعليق على الأمر.

 تبرع مشبوه

أحد الذين حضروا اجتماع يوليو/ تموز 2013 بصحبة «بلير» كان «مارتن وار»، مدير المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار، والذين كان مسؤولا سابقا في دائرة مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية. وقد تمت إعارته للعمل في مشروع «فالكون» من قبل الحكومة البريطانية. وقد كان له دور رئيسي في دفع دولة الإمارات العربية المتحدة لتقديم منحة بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني إلى لمستشفى جريت أورموند ستريت الشهيرة في يوليو/ تموز 2014. وقدمت على هيئة هدية من سمو الشيخة «فاطمة بنت مبارك»، أم ولي العهد.

ووفقا لبيان صحفي صادر عن المستشفى، فإن الشيخة قد وهبت المال من أجل «تحسين صحة الأجيال المقبلة» وقال أنه سيتم استخدام المال في بناء مركز جديد مخصص لبحوث وعلاج الأمراض الوراثية النادرة مثل أمراض القلب أو أمراض الجهاز التنفسي.

ومع ذلك، وقبل الإعلان، رفعت لجنة قبول الهدايا بجامعة كوليدج في لندن، التي تشرف على جريت أورموند ستريت مخاوفها حول هذه الهبة النقدية. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هناك مزاعم موثوق بها تفيد أن قوات الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة قد قامت باحتجاز معارضين بشكل تعسفي وتعذيبهم.

في رسالة بالبريد الالكتروني أرسلت إلى شخص حجب اسمه، اعترف «وار» أنه كانت هناك زوبعة حول الأمر. أراد «وار» من جامعة كوليدج في لندن أن تقوم بسحب اعتراضها ومن ثم يمكن لـ«فالكون» أن تشرع فورا في ممارسة بعض التأثير على الإماراتيين. « لم يكن من المتصور أن أقوم بإشراك اللورد دايتون في هذه المرحلة ما لم تصل الأمور إلى حد الأزمة».

والآن فقد تم قبول هدية أبو ظبي من قبل جامعة كوليدج بلندن ومستشفي جريت أورموند ستريت.

استثمارات مانشتر

حققت «فالكون» العديد من النجاحات. ذهب «وار» لرؤية الرئيس التنفيذي لمجلس مدينة مانشستر «هاوارد بيرنشتاين» في يونيو/حزيران 2013 مدعيا أنه يحمل رسالة من رئيس الوزراء. لبيع فكرة استثمار دولة الإمارات العربية المتحدة في مانشتستر.

تم الإعلان عن صفقة بقيمة مليار جنيه إسترليني العام الماضي وقد صاحبها القليل من التدقيق من قبل الرأي العام. تم إبقاء التقرير الذي يحدد الترتيبات المفصلة للاتفاق المشترك قيد السرية لأنه «شمل اعتبارات استثنائية تتعلق بمعلومات تختص بالشؤون المالية أو التجارية لأشخاص بينهم». وعندما حاولت صحيفة «الغارديان» الحصول على التقرير من خلال طلب حرية المعلومات فقد حرمت منها بدعوى الحفاظ على المصالح التجارية.

بلغت قيمة المرحلة الأولى من الصفقة حوالي 150 مليون جنيه إسترليني، وتتضمن تطوير سلسلة أبراج تتراوح تتراوح بين 5-10 طوابق قرب مارينا إلى جانب 108 شقة في مجمع مطاحن مورس وهو مبنى يعود تاريخه إلى مائتي عام. وعلى الرغم من كونها تقع في حرم وسط مانشستر، فإن أيا من هذه الشقق لن يكون متاحا للإيجار.

تؤكد المعلومات الآن أن الأرض تقع تحت سيطرة شركة خارجية تعرف باسم شركة المنوال القابضة، وهي شركة مملوكة لمجموعة أبو ظبي المتحدة والتي يمتلك أسهمها شقيق ولي عهد أبو ظبي، «منصور بن زايد»، والذي يمتلك أيضا نادي مانشستر سيتي لكرة القدم.

وقال المتحدث باسم مجلس مانشستر: «الإماراتيون لديهم علاقة قوية جدا مع مانشستر. أنهم يفهمون رؤية المدينة وعلى استعداد للاستثمار على نطاق واسع وحيوي للنمو السكاني المتوقع في المدينة».

ويبدو أن دور «فالكون» في رعاية وتيسير الاستثمارات الإماراتية قد جاء إلى نهايته بعد أن التقى ولي عهد أبو ظبي برئيس الوزراء في قمة الأمن النووي في لاهاي في مارس/أذار 2014.

بعد ثلاثة أسابيع، أعلنت المملكة المتحدة عن القيام بـ«مراجعة حكومية لفلسفة وأنشطة وتأثير جماعة الإخوان المسلمين على المصالح والاهتمامات البريطانية في الداخل والخارج ومراجعة سياسة الحكومة تجاه المنظمة». ولا تزال نتائج هذا التحقيق غير معلنة إلى الآن.

من الإمارات إلى قطر

بعد ذلك تم الاتفاق على توسيع اختصاصات «فالكون» إلى تملق صندوق قطر للاستثمار، متجاهلة تقارير رفيعة المستوى تشير إلى إساءة استغلال العمال المهاجرين في البلاد الذين يمثلون 80% من السكان.

مراسلات داخلية اطلعت عليها صحيفة «الغارديان» تبين أن كبير مسؤولي فالكون، «مايكل بويد»، قد أصدر تعليماته إلى موظفي الخدمة المدنية للاتصال بوزير الدفاع «مايكل فالون» للإعراب عن رغبة قطر في إعادة تطوير ثكنات هايد بارك، حيث يحتفظ الفرسان الملكيون بخيولهم.

عندما اتصلت صحيفة «الغارديان» بوزارة الأعمال فقد صرح المتحدث بالقول: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد مصدرا هاما من مصادر الاستثمار الأجنبي في المملكة المتحدة. الاستثمارات دولة الإمارات العربية المتحدة تخلق فرص العمل والنمو في المملكة المتحدة، وهذا هو الغرض من الاجتماعات والمناقشات بين وزراء المملكة المتحدة وموظفي الخدمة المدنية مع ممثلي حكومة الإمارات العربية المتحدة. وقد تم نشر معلومات عن هذه المناقشات وفقا لتوجيهات الحكومة البريطانية».