عبد اللطيف الملحم- اليوم السعودية-

الغريب في الأمر هو أن ما قاله وزير الإسكان معالي الدكتور ماجد الحقيل حيال أحد أسباب أزمة السكن له علاقة بالفكر أو بالأحرى أسلوب السكن لدينا فهو أمر الكل يتحدث عنه في مجتمعنا ويقوم بمناقشته في كل مجلس. ومجتمعنا لديه في الواقع فكر معين فيما يخص امتلاك المنزل وطريقة بنائه. سمعت من الكثير من ينتقد أسلوب البناء لدينا وأسلوب التخطيط للبناء ويدفع أموالا طائلة في أمور من الممكن أن يستغني عنها. ومثال على ذلك هو أن يكون وسط البيت عبارة عن بهو كبير ومرتفع نسبة لمساحة المنزل في الوقت الذي توجد لدينا أعلى درجات حرارة في الصيف وبهذا نهدر قدرا كبيرا من الطاقة الكهربائية لتشغيل المكيفات. وآخر ينتقد وجود ما يسمى بمدخل الرجال ومدخل النساء في بيوت لا تزيد مساحتها على 700 متر مربع. وأكثر ما يسأل عنه من هم من الخارج هو وجود غرفة سائق في معظم البيوت مهما كان حجمها. بل إن مساكن تم بناؤها لذوي الدخل المحدود ويوجد بها غرفة سائق. بالطبع ناهيك عن الكثير من المنازل التي تزيد مساحتها على آلاف الأمتار ولكن الجزء الأكبر منها لا يتم استخدامه.

والمنازل في المملكة حسب ما أعلم يوجد بها أكبر كمية من الحديد في العالم والأسمنت. وبمعنى آخر نعم يوجد لدينا أسلوب و(تفكير) مختلف حيال أسلوب البناء في وقت نرى فيه بيوتا صغيرة أنيقة وبها غرف تكفي لأسرة متوسطة تم بناؤها منذ الخمسينيات في مرافق شركة ارامكو السعودية ولاحقا رأيناها في المدن والقواعد العسكرية وفي مدن الجبيل وينبع الصناعية. وكل هذه المنازل تم بناؤها بسرعة عالية على أراض صغيرة جدا وتم استخدام كميات قليلة من الحديد والخرسانات الإسمنتية. أي أنه بالإمكان أن يتم بناء وحدات سكنية بتخطيط سليم دون التوسع في مسألة البناء. ولكن ما صرح به الوزير وبغض النظر عن ماذا كان يقصد هو أنه تحدث في وقت أصبح الحديث فيه عن المسكن له حساسية خاصة لدى المواطن السعودي لأسباب حقيقة. وفي نهاية المطاف فهذا المواطن البسيط لا يلام لأنه رأى أن المتر من الأراضي تصل قيمته لآلاف الريالات وأصبح عاجزا عن تملك المنزل في بلد يعتبر من أكبر الدول مساحة في العالم وتسبب عدم امتلاك المنزل في مشاكل اجتماعية تمثلت في عزوف الشباب عن الزواج بسبب عدم توافر السكن. والمسكن الذي يعيش فيه مع أسرته لا يكفيه لبناء عش زوجي وتربية أطفال.

وما جعل المواطن يتحسس من مسالة امتلاك المنزل هو كثرة الوعود من كل مسؤول في وقت الكثير يعلم صعوبة توفير الخدمات وتهيئة البنية التحتية. وهذا ما جعل المواطن في الوقت الحالي يطلب توفير ماء وكهرباء فقط ليقوم ببناء بيت العمر.. نعم.. هناك حلول كثيرة لحل أزمة السكن ولكن لا تحتاج إلى كثير من التفكير.