الراي الكويتية-
كشفت مصادر حكومية لـ «الراي» أن المؤسسة العامة للتأمينات سحبت خلال الأيام القليلة الماضية ما يقارب 150 مليون دينار، وربما اكثر، من ودائعها لدى بعض البنوك المحلية، في خطوة ربطها بعض المطلعين بالحاجة إلى تغطية الرواتب والدفعات الشهرية المستحقة عليها في ظل تأخر وزارة المالية في تحويل الدفعات المستحقة للمؤسسة بفعل تراجع الإيرادات النفطية.
وبينت المصادر ان وزارة المالية بعثت أخيراً برسالة إلى«التأمينات» تسأل فيها عن مدى إمكانية أن تكتتب المؤسسة في السندات أو الصكوك السيادية التي تعتزم الحكومة طرحها لتغطية عجز الموازنة، بما يعادل قيمة الأقساط التي ينبغي على وزارة المالية تحويلها إلى «التأمينات»، بمعنى أن تُستبدل الأقساط المستحقة بسندات أو صكوك سيادية.
وفيما لا تزال المباحثات مستمرة بين المؤسسة والوزارة في هذا الشأن، أكدت مصادر حكومية أن «المالية» توقفت عن دفع اقساطها المستحقة لصالح «التامينات» للمرة الأولى منذ سنوات نحو ثماني سنوات، ما استدعى من الاخيرة السحب من ودائعها المصرفية لتغطية أوجه الصرف المعتادة.
ويشكل الرقم المذكور لسحوبات «التأمينات» نسبة ضئيلة للغاية (لا تتجاوز 2.8 في المئة) من الودائع الحكومية لدى البنوك المحلية، والتي تتجاوز قيمتها 5.3 مليار دينار. كما أنها تشكل نسبة لا تذكر من مجمل الودائع المقيمة البالغة
38.3 مليار دينار. ومع ذلك كان لهذه السحوبات تأثيرات على سوق فيما بين البنوك (الانتربنك)، إذ إنها قادت إلى زيادة الطلب على ودائع الدينار لآجال الثلاثة أشهر والستة أشهر، مقابل تراجع المعروض، ومن ثم ارتفعت العوائد على هذه الآجال منذ بداية الاسبوع لتتراوح بين 2 و2.25 في المئة، فيما لحظ زيادة المعروض من ودائع الآجال القصيرة خصوصا ودائع الاسبوع مقابل تراجع الطلب، ما ادى إلى تثبيت اسعار هذه الفترة بين 0.75 في المئة إلى واحد في المئة.
وعمليا لم يكن لسحوبات «التامينات» التأثير الوحيد على تغيير منحنى العائد على اسعار ودائع «الانتربنك» صعودا، حيث اسهم توجه مديري الخزينة في البنوك الكويتية إلى الحفاظ على مستويات الاصول السائلة لديها باكبر مستويات ممكنة، لاكثر من اعتبار.
فمن ناحية ياتي تحرك البنوك في هذا الخصوص في إطار محاولة مديري الخزينة تجميل الاغلاقات السنوية، وهذا يحتاج إلى زيادة استثمار فوائض الاموال المتاحة للمصارف في الودائع قصيرة الآجل، والابتعاد عن امتصاصها في الآجال الطويلة وان كانت لـ 6 اشهر، اما الاعتبار الثاني فان السؤال الذي وجهه بنك الكويت المركزي اخيرا في اجتماع ضم مديري الخزينة والذي كان يتعلق بطلب تحديد مستويات السيولة الجاهزة لدى البنك والتي يمكن استثمارها في اي اصدار محتمل للسندات او الصكوك السيادية المتوقعة لتمويل العجز في الموزانة العامة دورا في إعادة تحديد سياسة راسمي السياسات العامة ومنظمي السيولة في البنوك، الذين يفضلون على ما يبدوا ان يظلوا مستعدين للاكتتاب في هذا الطرح من دون الحاجة إلى تسييل أصول أو الاقتراض من جهة خارجية، وكذلك من دون التأُثير على سلم الاستحقاقات.
وغالباً ما تفضل البنوك في الربع الاخير من كل عام إلى الاحتفاظ بالدينار في ميزانيتها ضمن الاصول السائلة، في مسعى منها لتعديل سلم استحقاقاتها وإعادة التوزان إليه، وهذا الامر يحتاج إلى ان تكون غالبية الاموال المودوعة في «الانتربنك» موجهة اكثر إلى الودائع قصيرة الآجل، وبالتالي تحافظ على اصول سائلة مرتفعة في ميزانيتها.
يشار إلى أن «المالية» استشرفت آراء جميع المؤسسات والهيئات الحكومية التي يسمح نظامها الاساسي بالاستثمار في اصدار السندات/الصكوك التي تعتزم الحكومة طرحها لتغطية عجز الموازنة العامة للدولة بالعملة المحلية، بمبالغ يتوقع ان تتراوح بين 2 الى 3 مليارات دينار، قبل اللجوء في المرحلة التالية إلى البنوك.