سعيد السريحي- عكاظ السعودية-
نظام المحاماة في المملكة أمره عجيب، وإذا كانت الأنظمة تتحصن بالضوابط التي تحول دون اختراقها أو الالتفاف عليها فإن نظام المحاماة هو النظام الوحيد الذي يبلغ من التسامح درجة أن يجعل المخالفة له واختراقه حقا مستحقا لمن يريد ذلك، النظام الذي حدد المؤهلات التي يستحق بموجبها المحامون الحصول على رخصة المحاماة والترافع عن قضايا الأفراد والشركات والمؤسسات أمام المحاكم العامة والمحاكم الإدارية والهيئات العمالية، هذا هو النظام نفسه الذي يسمح لمن لا يحملون ترخيصا بالمحاماة أن يترافعوا، مثلهم مثل المحامين الحاصلين على ترخيص، أمام نفس المحاكم التي يترافع أمامها المحامون المرخصون، شريطة ألا يتجاوز عدد القضايا التي يترافعون فيها ثلاث قضايا، وكأن مسألة التأهيل والترخيص مسألة تتعلق بعدد القضايا فحسب، ولكي نشعر بحجم العجب فلنا أن نتخيل أن وزارة الصحة سمحت لغير الأطباء المختصين والمرخصين بمزاولة الطب شريطة ألا يزيد عدد المرضى الذي يكشفون عليهم أو عدد العمليات التي يجرونها على ثلاث عمليات، وليس من سبب يفسر ذلك التسامح إلا أن النظام لم يرد «قطع أرزاق الدعوجية» الذين لم تكن محاكمنا تعرف سواهم قبل أن تقر نظام المحاماة وتحدد شروط ومتطلبات الحصول على الترخيص للعمل في هذه المهنة.
وإذا كان النظام يسمح لغير الحاصل على ترخيص بالمحاماة العمل في المحاماة «جهارا نهارا» فمن حقنا أن نستغرب ذلك الخبر الذي يتحدث عن إحالة 90 منتحلا لصفة المحاماة إلى القضاء خلال العامين الماضيين، فضلا عن أن نستغرب ما تحدث به مختصون في التقرير الذي نشرته صحيفة مكة يوم أمس عن أن العدد الحقيقي لمنتحلي صفة المحاماة يبلغ أضعاف ذلك، فإذا كان النظام سمح لغير حاملي الترخيص بالعمل في المحاماة فإن تهمة انتحال الصفة تسقط، إلا إذا تعلقت المسألة بتزوير الترخيص وعندها لا تصبح قضية انتحال، أو تعلقت بخسارة الموكلين لهؤلاء المحامين غير المرخصين لقضاياهم بسبب جهل أو تلاعب هؤلاء المحامين غير المرخصين وعندها لا تصبح القضية قضية انتحال أيضا، فنحن أمام نظام فتح الباب واسعا ليدخل منه المحامون و«الدعوجية» معا.