تواصل » صحف ومجلات

تنامي النفوذ الإماراتي في اليمن يثير التساؤلات حول مستقبل الحرب وفرص التسوية

في 2015/11/18

شؤون خليجية -

أثارت التحركات الأمنية والاجتماعية المتسارعة لدولة الإمارات في المناطق المحررة باليمن، تساؤلات عديدة حول مسعاها الحقيقي وأهدافها في اليمن، وهل تحاول أن تتحول لتصبح مندوبًا ساميًا بالبلاد التي أنهكتها الحرب، ومدى تأثير ذلك على مستقبل المعارك العسكرية الدائرة حاليًا وفرص التسوية، ومفاوضات السلام المنتظرة في جنيف بين الأطراف المتصارعة.

تلك التساؤلات تدعمها تحركاتها المستمرة، والتي كان آخرها الخطوة اللافتة التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية بترحيل خمسة يمنيين من معتقلي جوانتنامو للسجون الإماراتية، وليس لحكومتهم. وتعد خطوة ترحيل اليمنيين حلقة من حلقات مظاهر السيطرة الإماراتية على اليمن، سبقتها السيطرة الأمنية، على المناطق المحررة واحتكار تلك السيطرة، بل وحتى القيام بالمهام الخدمية بدلًا من الدور الحكومي، والتي منها العمل على تصحيح مسار التعليم اليمني وغيرها من الجوانب الخدمية.

الإمارات تستقبل لأول مرة سجناء من جوانتنامو

على الرغم من وجود دول عديدة في التحالف العربي قادرة على مساعدة اليمن في مهامه، وتعد الأقرب إليه جغرافيًا كالمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من وجود مناطق محررة تستطيع الحكومة اليمنية الشرعية استقبال السجناء القادمين من جوانتنامو بها، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت إرسال 5 من المعتقلين اليمنيين بمعتقل جوانتنامو لديها إلى الإمارات.

وأعلنت السلطات الأمريكية أن الموافقة على ترحيل الخمسة معتقلين تمت عقب التأكد أنهم لم يعودوا يمثلون خطرًا. وقالت الولايات المتحدة إنها لم تشأ ترحيلهم لليمن بسبب الاضطرابات هناك، وكان عليها أن تجد الدولة التي ترغب في استقبالهم.

ويعد المعتقلون الخمسة أول معتقلين من سجن غوانتنامو تقبل الإمارات استقبالهم في أرضها. وقضى كل من المعتقلين الخمسة 13 عامًا في السجن دون أن يوجه لأي منهم أي اتهام، وكانوا معتقلين كمقاتلين أعداء.

احتكار إماراتي للسيطرة الأمنية على المدن المحررة

استطاعت الإمارات منذ اللحظة الأولى لتحرير عدن بسط نفوذها الأمني على المحافظة المحررة، وأكد ذلك ما نقلته مصادر عسكرية نهاية يونيو الماضي، حول دور الإمارات الأمني بالمحافظة المحررة، والتي اتخذت عاصمة مؤقتة.

وقال المصدر، في تصريح سابق له، إن الإمارات تسلمت المسؤولية عن مدينة عدن، التي تعتبر معقل الحكومة الشرعية بعد سيطرة الحوثيين على معظم المدن الشمالية. مؤكدًا أن الإمارات تسلمت المسؤولية عن كافة الملفات في عدن، خاصة الجانب العسكري، مشيرًا إلى أنها تقود العمليات العسكرية التابعة لها من خلال سفينة عسكرية تابعة لهم ترسو حاليًا في خليج عدن.

وأضاف أن الإمارات تمتلك على السفينة قوة عسكرية تشرف على تدريب وتمويل ثلاثة معسكرات يمنية تابعة للمقاومة الشعبية المناهضة للحوثيين وصالح، كما تقوم بمهمة التنسيق بين قيادات المقاومة الشعبية، والفصائل المختلفة وقيادات الحراك الجنوبي، كما تعمل على تأمين السلاح اللازم لهم. وأكد أن من مهمات تلك القوة أيضًا الإشراف على الغارات التي يشنها طيران التحالف في اليمن، مضيفًا أن "الإمارات تسيطر أيضًا على ميناء البريقة، الذي يعتبر موردًا لجميع الإمدادات بما يشمل السلاح ومواد الإغاثة وغيرها من العمليات اللوجستية".

وشدد المصدر على أن الدور الإماراتي لم يتوقف عند عدن، بل تجاوزها لمدن أخرى من خلال تواصلها مع قادة فصائل المقاومة في اليمن، رافضًا تأكيد أو نفي إذا كان الدور الإماراتي قد تم بالتنسيق مع السعودية أم لا؟!

ورغم انسحاب الحكومة اليمنية من عدن عقب التفجيرات التي استهدفت مقرها، إلا أن التواجد الأمني الإماراتي لم يختف بل استمر وارتفع، حيث أعلن مصدر رئاسي يمني أن القوات المسلحة الإماراتية دفعت بتعزيزات إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك تمهيداً لعودة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، الذي عاد اليوم الثلاثاء لعدن لمتابعة تطورات المعارك في تعز.

وقال مصدر عسكري: إن "القوة الإماراتية التي وصلت الخميس ستتكلف بحماية القصر الجمهوري في المعاشيق، الذي جرى ترميمه من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتكون من عدة مرافق، وغرفة عمليات تم تزويدها بأجهزة متطورة من قبل دولة الإمارات". كما أرسلت الإمارات مؤخرًا قوة متخصصة بحماية كبار الشخصيات لحماية القصر الرئاسي بعد عودة الرئيس هادي.

نفوذ إماراتي كامل في الحياة الاجتماعية

وانتقل الدور الإماراتي لأبرز مظاهر الحياة الاجتماعية بالمناطق المحررة، وأهمها التعليم، وبرز ذلك في حديث مدير عام التربية والتعليم سالم مغلس، عن الدور الإماراتي للتعليم في عدن،  حيث كشف عن وجود تصورات تم وضعها من قبل إدارة التربية في المدينة وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بشأن "تصحيح مسار العملية التعليمية وجعله نموذجياً متميزاً".

ونفذت الإمارات مشاريع متكاملة لإعمار قطاع التعليم في مدينة عدن الذي تضرر جراء تلك الحرب، حيث وصلت قيمة المشروعات التنموية الخاصة بالتعليم في عدن 81 مليوناً و300 ألف درهم- وفقًا لوسائل الإعلام الإماراتية.

وأطلقت أيضًا الإمارات مشروعًا خدميًا  في عدن باسم "العودة إلى المنزل"، والقائم على ترميم آلاف المنازل المدمرة جزئيًا بفعل استهداف المتمردين للمناطق السكنية. وتأتي هذه المشرعات المتكاملة والتي شملت أيضًا إعادة تأهيل قطاع الصحة وقطاع الصرف الصحي والنظافة، ضمن مشروع "تطبيع الحياة" في عدن، والذي يهدف إلى إعادة الحياة في المدينة إلى طبيعتها..

كما كان للإمارات أيضًا دور كبير في حل مشكلة المياه والصرف الصحي بمدينة عدن، وفقًا لما ذكره مدير المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بمدينة عدن، المهندس نجيب محمد أحمد، مشيرًا إلى أنها وعقب تحرير مدينة عدن منتصف يوليو الماضي، سارعت إلى التواصل مع المؤسسة لإنجاز مشروعات إسعافية تساعد النازحين على العودة إلى منازلهم، لافتًا إلى أنها قدمت للمؤسسة الدعم المالي اللازم لإعادة تأهيل شبكة المياه وتشغيل حقول الآبار، إلى جانب دفع مرتبات موظفي وعمال المؤسسة حتى ديسمبر المقبل.

وعلى الرغم من الطابع الخدمي لتلك النشاطات التي تقوم بها الإمارات، إلا أنه لا يمكن أن يُنظر إليها بمعزل عن السيطرة العسكرية وتنامي النفوذ الكامل للإمارات في اليمن، ويكشف سيطرتها بشكل كبير جدًا على كافة النواحي بالمدن المحررة، خاصة عدن.