تواصل » صحف ومجلات

"لغز" في أمانة جدة: هذه "خصوصية سعودية"

في 2015/11/20

قينان الغامدي- الوطن السعودية-

هناك "لغز" حقيقي في أمانة جدة، يستحيل على مثلي، أو غيري حله فعلاً، فالأمانة لديها متحدث رسمي لا يظهر في وسائل الإعلام إلا نافياً، ويبدو ليست لديه معلومات كاملة، وفي البرامج التلفزيونية – خلال الأزمات - لا يظهر أي مسؤول من الأمانة يتحدث إلى الناس، ويصعب جداً أن يرد عليك أحد إلا معتذراً، ومتعذراً بأن المسؤول في اجتماع، أو في الميدان، والميدان يقول إن الأمانة كجهاز، وكمعنى، غير موجودة مع الأسف.

منذ سنة أو أكثر قليلا كتبت مقالاً في صحيفة "مكة" عن "الحفر" المزعجة في أحياء محددة بجدة أعرفها، وتفضل الأمين الدكتور هاني أبوراس واتصل بي، وأوضح أن الأمانة لا يمكنها إصلاح الشوارع المشار إليها، حتى تنتهي مشروعات الصرف الصحي، وتصريف المياه الجوفية ومياه الأمطار، واقتنعت بكلامه، وكتبت عنه في مقال لاحق، والأهم أنني احتفظت برقم جواله، لأهميته، وفي موضوع آخر كنت - شخصيا - أحد مواطنين كثيرين متضررين منه، ويخص التعديات فاتصلت به، وطلب أن أرسل له الأرقام والوقائع، وفعلت ولكن لم يرد علي حتى الآن!

وعند العاشرة من ليل يوم الثلاثاء الماضي، اتصلت به مرتين، بهدف سؤاله عن شبكة تصريف مياه الأمطار داخل جدة، وماذا تم فيها، لكن في المرة الثانية رد الأخ المهندس ناصر المتعب الذي قال إنه مساعد الأمين لأحد شؤون الأمانة "نسيت!" وقال: الأمين في الميدان وسيتصل بك حال فراغه، فانتظرت، وأرسلت له رسالة، وقلت أريد أن أسألك بصفة خاصة وليس للنشر إن كنت لا ترغب في النشر، لكن حتى الآن لم يرسل رداً، ولم يتصل. ولا أظنه يفعل.

من المعروف أن هناك أمرين:

الأول: بعد كارثة أمطار 2009، تدخل الملك عبدالله -رحمه الله- وطلب من الأمير خالد الفيصل آنذاك، أن يبحث أمور الحل، وفعلاً أمر الملك باعتماد 3.3 مليارات لتنفيذ 14 مشروعاً لدرء الأخطار عن المدينة من السيول الخارجية التي نسميها "منقولة" من الأودية، وتولى الأمير شخصيا الإشراف على المشروع من الألف إلى الياء، ولم ينتهِ عام 2013 حتى انتهى المشروع، واشتغل، وأحيلت مسؤولية الإشراف والصيانة إلى أمانة جدة.

الثاني: أن مسؤولية تصريف مياه الأمطار داخل المحافظات تتحملها الأمانات، والصرف الصحي، مسؤولية وزارة المياه الكهرباء، ولا أدري لماذا لا يتم التنسيق بين الوزارتين "البلديات والمياه" لإنشاء نفق واحد للتصريف كله، وللكهرباء، والمياه، وكل الخدمات الأخرى التي تحتاج حفريات. المهم أن مشروع الصرف الصحي قطع أشواطاً كبيرة في المدينة، واشتغل في أحياء كثيرة جداً، ولا أعرف كم بقي، أما تصريف مياه الأمطار فلا أعرف هل بدأ أصلا؟! وأين وصل، أم أن هناك عوائق غير معلنة.

موقع أمانة جدة الإلكتروني، لا ذكر فيه مطلقاً لموضوع تصريف الأمطار، والأمانة نفسها تبرأت من مسؤوليتها عنه في بيان أعلنته في 18 /11 /2014، وقالت إن المسؤولة عنه "أرامكو"، وهذا غير صحيح مطلقاً كما أعلم، حيث "أرامكو" شارك متخصصون منها مع الأمير خالد الفيصل في المشروع الذي اعتمد وتم إنجازه في وقته كما ورد في الأمر الأول أعلاه.

أما داخل مدينة جدة فهذا مسؤولية الأمانة وليس غيرها.

يوم الثلاثاء الماضي اكتظت الأنفاق الجديدة والقديمة داخل المدينة بالمياه، ناهيك عن معظم الشوارع والأحياء، والناس كلهم شاهدوا، التلفزيون، ومقاطع الفيديو المتداولة، المحزنة، والمؤلمة، والأمانة أصدرت بياناً مقتضباً قالت فيه: إن سبب تجمع المياه في الأنفاق هو انقطاع الكهرباء من المصدر، وشركة الكهرباء أصدرت بياناً أوضحت فيه أنها اكتشفت أن الخلل عطل في القواطع الكهربائية والسبب سوء الصيانة عند المشغل، يعني أمانة جدة، لكنني سأصدق الأمانة وأقول لها: إن المولد الاحتياطي "الجنريتور" الذي يجب أن يكون في كل نفق، ويشتغل أتوماتيكياً ليس مكلفاً والحصول عليه سهل، وهو متوفر في كل المنشآت الحيوية الهامة، ليس في المملكة فحسب بل في العالم كله حتى الدول الفقيرة، فلا عذر لكم مطلقاً.

قد تكون أمانة جدة طلبت اعتمادات لتنفيذ مشروعات تصريف الأمطار داخل مدينة جدة ولم تجد موافقة وزارة المالية، أقول قد، وقد تكون هناك عوائق أخرى لا أعرفها، وقد يكون المشروع اعتمد وبدأ وفي طريقه للاكتمال، وأنا لا أدري، حيث لا معلومات مطلقاً، والأمين - شخصياً - قال لي: حتى تنهي مشروعات الصرف الصحي والأمطار كما قلت أعلاه، لكن "المية تكذب الغطاس"! ولهذا مازلت أقول، وسأظل أكرر أن هناك "لغزاً" يستحيل فك رموزه أو حله في أمانة جدة، وهو "لغز" أظن -وليس كل الظن إثماً- أن حتى أمير المنطقة يصعب عليه حلّه، ولا صلاحية لديه لإلغاء أو تغيير هذا "اللغز" المستعصي منذ زمن بعيد! ولكم أن تتصورا أن كافة الموجودين في الإدارات الحكومية مرتبطون بوزارتهم، ووزرائهم، ولا صلاحية مطلقاً لأُمراء المناطق في تغيير أو تطوير تلك الإدارات إلا بالحسنى، وهذه خصوصية سعودية قديمة ومستمرة وتتكرس!