تواصل » صحف ومجلات

تنامي العلاقات التركية السعودية «مصالح مرحلية» أم مؤشرات «تحالف استراتيجي»؟

في 2015/11/25

الخليج الجديد-

تشهد العلاقات السياسية بين تركيا والمملكة العربية السعودية تنامياً متزايداً منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى سدة الحكم لا سيما في التنسيق حول الملفات الإستراتيجية والهامة في المنطقة، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول ما إن كانت هذه العلاقات تعبر عن تلاق مؤقت للمصالح أم هي مقدمات لتحالف استراتيجي كبير بين القوتين الإقليميتين في المنطقة.

ورغم وجود خلافات كبيرة بين البلدين حول الأحداث في مصر، إلا أنهما عملا في الأشهر الأخيرة في إطار سياسية «تحييد الخلافات» ورفعا من مستوى التعاون في القضايا التي يوجد توافق حولها خاصة فيما يتعلق بالقضية السورية ودعم فصائل المعارضة المسلحة التي تعمل من أجل إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، كما أبدت تركيا موقفاً مماثلاً للموقف السعودي في محادثات فيينا الأخيرة حول سوريا، كما ساهمت سياسة الملك سلمان الأقل صداماً مع الإخوان المسلمين في هذا التقارب.

وأبدت تركيا دعماً واضحاً لعملية «عاصفة الحزم» التي تقود تحالفها السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، حيث تشارك تركيا السعودية مخاوفها من التمدد الإيراني في المنطقة العربية، وتعتبر تركيا والسعودية أكبر قوتين إقليميتين سنيتين بالمنطقة بجانب إيران الشيعية.

وبعد سنوات من البرود في العلاقات بين البلدين، شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جنازة الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وفي آذار/مارس الماضي وصل أردوغان إلى الرياض في زيارة رسمية التقى خلالها الملك سلمان، في حين شارك العاهل السعودي في قمة مجموعة العشرين التي عقدت قبل أيام في تركيا وسط استقبال وحفاوة خاصة أبدتها تركيا للملك الذي عقد لقاءاً خاصاً مع الرئيس أردوغان.

الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي في اسطنبول مهنا الحبيل قال: «إن تعزيز علاقة تركيا والسعودية وهي تحالف الضرورة يحتاج بنية ثقة فكرية شجاعة تعيد جدولة الخلاف وتصحيح المصطلحات بالعودة لمنهج أهل السنة المعتدل».

وأضاف في تغريدة نشرها عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «ارتياح كبير في تركيا غير مسبوق من حجم التفاهم والثقة لملف العلاقات الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان، نأمل أن يتحول لقاعدة تحالف تنقذ الشرق».

واعتبر الحبيل، أن مصالح كبرى تجمع بين تركيا والمملكة العربية السعودية، و«مخاطر أمن قومي تهددهما من داعش وصفقة طهران والغرب معًا»، مشيرا إلى أن «الغرب لا يختلف مع روسيا وإيران في مآلاتهما، فهو لا يزال غير حريص على إسقاط الأسد بقاعدة وطنية، ويخشى تغيير توازنات الأقليات التي تخدم أمن إسرائيل الوجودي، وحسابات الغرب الكبرى لتحجيم الشرق الإسلامي».

ويشير «فيسل أيهان» برفوسور العلاقات الدولية، في دراسة له بعنوان العلاقات التركية السعودية ما بين الماضي والحاضر إلى أن «العلاقات التركية السعودية في ظل الملك عبد الله الراحل كانت مُعقدة ومتضادة وتنافسية، لا سيما بعد تبني تركيا وقيادتها الموقف الداعم للثورات العربية، ولكن على صعيد مضاد تبنت المملكة العربية السعودية موقفًا مضادا ماديا أو معنويا للثورات العربية بذريعة قلقها من احتمالية انتقال لهيبها إلى الداخل السعودي، الأمر الذي قام بدوره بإشعال فتيل الحروب الداخلية الشديدة في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها الكثير من دول الربيع العربي وأفسح المجال لإيران لزيادة حجم نفوذها في المنطقة».

ويضيف: «بعد الدعم السعودي الواضح للانقلاب العسكري المصري والاعتراض التركي الشديد عليه بدأ الاحتدام والخلاف بين الدولتين تزيد شعلته وتتوسع رقعته، استمر هذا الاحتدام إلى أن انتقل الملك عبد الله إلى مثواه الأخير وتولى الملك سلمان، المُعروف بواقعيته وبراغماتيته السياسية، مقاليد الحكم، هنا بدأ الجميع يصف هذا التغير لملامح الوجه السعودي بأنه إيجابي وسيصب في صالح تقارب أقطاب المحور السني بشكل أكبر وأوسع».

الباحث السياسي التركي «عثمان أتالاي» رأى في مقال له نشر على موقع «تايم ترك» الإخباري التركي قبل أيام أن «الملك سلمان أكثر عقلانية وواقعية من الملك عبد الله، وتعود هذه الخبرة الواقعية لتوليه منصب وزير الدفاع لسنوات طويلة وبالتالي إلمامه الواسع بالشؤون الحساسة للمنطقة، كما أن التوغل والتمدد الإيراني الذي طال العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان جعل القيادة السعودية تتجه مضطرةً لإعادة ترتيب أوراقها وخططها الخاصة بما يجري في المنطقة».

ويؤكد أن «الاتفاق النووي الذي توصل إليه الطرفين، الأمريكي والإيراني، زاد من حدة التوتر والشعور بالخطر لدى المملكة العربية السعودية التي شعرت بضرورة اتخاذ خطوات عسكرية عملية، في بعض المناطق في منطقة الشرق الأوسط، أمام الغطرسة الإيرانية، فشرعت بعملية «عاصفة الحزم» العسكرية بتاريخ 26 آذار/ مارس 2015، ولم تتوانى تركيا عن إعلان دعمها السياسي والإعلامي لهذه الحملة، التي بينت تركيا بأنها تهدف إلى إرساء مطالب الحرية والعدالة للشعب اليمني».

أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور «عبد الله النفيسي» قال: «دفء العلاقة التي ظهرت بين تركيا والمملكة العربية السعودية في اجتماع G20 أنطاليا نرجو أن تتجسد في تحالف إستراتيجي». وذلك في تغريدة نشرها على صفحته بـ«تويتر».

الخبير الاستراتيجي بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية الإستراتيجية، أشار إلى أن «الاتفاقيات المُبرمة بين تركيا والسعودية، في الفترة الحالية، ليس عابرة ومحدودة، بل هي إستراتيجية ومتنوعة المجالات»، مضيفاً: «إستراتيجية هذه الاتفاقيات جاءت في ظل القدر المشترك لكلا الطرفين، لا سيما بعد ازدياد حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وطفو نيران الحروب الطائفية شديدة اللهب على السطح»، بحسب ما نقل موقع «تورك برس» الإخباري.

وفي إشارة لدفء العلاقات بين البلدين، استقبل أردوغان الملك سلمان على مائدة طعام خاصة على هامش قمة الدول العشرين، التي انعقدت في مدينة أنطاليا التركية، ما بين 15 إلى 16 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما لم يفعله أردوغان مع رئيس آخر في القمة، كما تبادل الزعيمان الشكر والعرفان على موقع التغريدات القصيرة «تويتر».

وفي تغريدة له قبل أيام، كتب البرلماني الكويتي السابق، المحامي «ناصر الدويلة»: «الأمة لا تجتمع إلا على القيادة السعودية والقيادة التركية»، مضيفاً: «باتحاد السياستين السعودية والتركية تتوحد الأمة، ولكن يجب أن نتبع الحق والعدل».

وتابع قائلاً: «في مصر جيش كبير لكنه خارج معادلة القوة العربية لاختلاف أهداف السياسة المصرية مع أهداف السياسة التركية والسعودية، وهذا شيء مشاهد. نحتاج لمواجهة التحديات العالمية إلى كل عنصر مخلص من عناصر الأمة العربية والإسلامية، ولذلك تقع على السعودية مهمة عظيمة أعان الله الملك عليها».