تواصل » صحف ومجلات

«الغارديان»: «كاميرون» سمح لدول خليجية أن تملي عليه سياسته تجاه الإخوان

في 2015/11/26

كين ماكدونالد/ الغارديان- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد-

ينبغي أن تكون الديمقراطية والكرامة المرافقة لها على رأس قائمة الأشياء التي قد ترغب الحكومة في تشجيعها في جميع أنحاء العالم، الآن وأكثر من أي وقت مضى. وبالتأكيد كان هناك ثناء في «داونينغ ستريت» قبل أربع سنوات، وسط ابتهاج وإقبال واسع بشكل مذهل، عندما جلب الربيع العربي انتخابات حرة ونزيهة في مصر.

لقد كان نداء بعيدا عن أهوال الوقت الحاضر من تنظيم «داعش» وزياراته العابرة للحدود: بالتأكيد لم تكن صناديق الاقتراع تشكل تهديدا لشوارع المدن الغربية.

وأظهرت حكومة الإخوان المسلمين التي تلت هذا المهرجان الانتخابي عدم خبرتها ولم تفعل سوى القليل جدا لتحقيق دعم أوسع، لاسيما مع الليبراليين.

ومع ذلك تم بسهولة تجنب الانتهاكات الجنائية واستخدام القوة والعنف التي اتسمت به الديكتاتورية العسكرية في مصر منذ «جمال عبد الناصر»، وكان ما حدث في المنطقة إنجازا رائعا. لذلك لم يكن مفاجئا أن كبار أعضاء حزب الحرية والعدالة الحاكم قد حلوا ضيوفا في لندن، وتناولوا الطعام مع «ديفيد كاميرون» في منزله الريفي. إن الصمت الذي أحاط موقف لندن وواشنطن تجاه التدمير العسكري للديمقراطية في مصر في عام 2013 تفوح منه رائحة التواطؤ أكثر من الرفض، ولكن الأسوأ من ذلك ما تبعه.

أحكام الإعدام وإطلاق النار الجماعي والمحاكمات الصورية يمكن أن توضع على جانب بينما يأمر «كاميرون» بمراجعة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، بعد أشهر من قيام الدبابات بطرد الحكومة المنتخبة.

الجنرالات المصريون، محميون بحصانة الدولة من المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقد يتم تكريمهم كضيوف في لندن، ولكن هذا لا ينطبق على وزراء الرئيس المخلوع. على ما يبدو أن صناع السياسة البريطانية، وحتى أيضا الديمقراطيين الجدد لم يكن في مزاجهم الانغماس في هذه الأمور.

إن الحيرة العالقة في سلوك رئيس الوزراء تبددت بشكل قاطع عندما كشفت صحيفة «الغارديان» مؤخرا وثائق تفضح الثمن الذي ممكن أن تدفعه أي سياسة بريطانية بديلة تقف من أجل الديمقراطية أو تفشل في تشويه صورة ضحايا العنف العسكري.

قدمت هذه الوثائق أدلة واضحة على أن الاقتراحات المقدمة من خصوم الإخوان المسلمين أن القرار كانت مجرد وسيلة من قبل «داونينغ ستريت» لتزلف الحلفاء العصبيين في الخليج الذين لم يكن لديهم مجرد جنون العظمة فقط، بل في الواقع، كانت الحقيقة التي أوضحها الشيوخ أن المبادئ يمكن أن تشترى بالمال.

هدد كبار شخصيات الإمارات العربية المتحدة بشكل واضح أنه ما لم يتحول البريطانيون بشكل حاسم ضد جماعة الإخوان المسلمين فإن صفقات السلاح التي تبلغ قيمتها المليارات من الجنيهات سوف تضيع. وكما أخبر «بادي أشداون» أمس هيئة الإذاعة البريطانية، لم يستغرق الأمر سوى مكالمة هاتفية من السعوديين لإقناع رئيس الوزراء لإطلاق قراره.

سيكون من السذاجة بمكان القول بأن الحجة هي العمل على حماية مكانة صناعة الأسلحة في بريطانيا، كأصل أصول التصدير، بشكل مستدام.

إن المجاملة الدولية ليست دائما سهلة وتحالفاتنا في الخليج لها قيمة إستراتيجية حقيقية. ولكن «كاميرون» قد قام بالزج بنفسه في زاوية سيئة تماما بالخلط بين المصلحة الوطنية مع الارتياح الذي توفره التحويلات المصرفية. وبذلك يكون قد تمادى في جعل سياستنا في الشرق الأوسط تحت سيطرة الطغاة المدمنين للقسوة.

بالتأكيد، في ضوء الأهوال التي لا توصف في باريس، اختيرت بريطانيا لإدانة الحركة السياسية الجماهيرية الوحيدة في العالم العربي التي سعت إلى الشرعية من خلال الانتخابات وهذا يبدو خطأ مأساوي فريد.

السير «جون جينكينز»، السفير البريطاني السابق لدى المملكة العربية السعودية، الذي قاد الاستعراض، ليس ضعيفا جدا في مواجهة نوبات الغضب النفطية. وقد ورد أنه رفض القول أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدا خطيرا للأمن في المملكة المتحدة على الأقل، وأنه لم يتم تخويفه.

وأغلب الظن أن هذا الاستنتاج غير المرحب به هو الذي تسبب في التأجيل المتكرر لرئاسة الوزراء في إعلان قرارات ضد الإسلاميين في وسطنا. وبعد أن وافق «كاميرون» بحماقة على طلب الأصدقاء في الخليج بدافع الخوف، قد يتردد «كاميرون» الآن في أن يعلن إجراءات ملموسة ضد جماعة الإخوان المسلمين خوفا من استفزاز محامييهم إلى جلب مراجعة قضائية تكون مدعاة لنشر التقرير الذي يفضل الحفاظ عليه بعيدا عن الأنظار لأن له عواقب غير جيدة.

سيكون من المفارقة في الواقع إذا كان الإنجاز الوحيد لرئيس الوزراء هو هذا الأمر المهين الذي يمكن معه إعطاء الحكومة البريطانية درسا في الاسترضاء المهين.