محسن علي السُّهيمي- المدينة السعودية-
لو استطعنا أن نشطر (عالَم القوة) اليوم إلى شطرين: شطر شرقي وتمثِّله دُوَل ذات حضارة وإمكانات عسكرية ضخمة كـ (الصين والكوريتين واليابان والهند)، وشطر غربي وتمثله أيضًا دُوَل ذات حضارة وإمكانات عسكرية ضخمة كـ (أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وروسيا) ثم أجرينا استطلاعًا على أكبر شريحة من العرب والمسلمين حول مؤشر كراهيتهم إلى أي الشطرين يميل لوجدناه يميل بكل قوة وبفارق لا يُقارَن تجاه الشطر الغربي. هنا ينبعث السؤال الأسخن: ولماذا كل هذا الميلان؟! تأتي الإجابة من خلال مسيرة التاريخ التي تمتلئ -حد التُّخَمَة- بأحداث ومآسٍ وحروب وحملات وكوارث ومؤامرات شنَّها الشطر الغربي بحق الشعوب العربية والإسلامية منذ فجر التاريخ الإسلامي، في حين نجد أن صفحة الشطر الشرقي (شبه خالية) اللهم إلا مما لا مفر منه أحيانًا وفي النطاق الداخلي لتلك الدول. فظائع الشطر الغربي بحق العرب والمسلمين لا يمكن حصرها في هذا النطاق بدءًا بالحروب والحملات الصليبية الغابرة، مرورًا بالاستعمار الغربي لمعظم البلدان العربية والإسلامية، وليس انتهاء بالاحتلال الفرنسي للجزائر وتخليفه مليونًا ونصف المليون شهيد، وبمجازر إيطاليا في ليبيا، وما فعلته أمريكا وروسيا في أفغانستان، وتدمير أمريكا للعراق، وما تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين طوال ما يقرب من سبعين سنة بمباركة ورعاية غربية، وأساليب المكر والتحريش والتفرقة التي يمارسها الغرب بحق الشعوب العربية والإسلامية. واليوم نراه ينحو منحىً آخر ببذره أسباب الإرهاب داخل العالمين العربي والإسلامي وسقيها وتعهدها لتفرِّخ فتكًا ورعبًا بحق شعوبهما، ومع هذا امتدَّ هذا الوباء ليصل شيء منه إلى الباذر المتعهد (الغرب) ليقوم -كما نرى اليوم- بحملته الهوجاء، واصمًا كل ما هو عربي أو مسلم بالإرهاب متناسيًا أنه هو مَن أسس للإرهاب من خلال احتلاله لبعض الدول العربية والإسلامية، وإبادته للملايين من شعوبها، وبذره للفتن وأسباب الإرهاب فيها. الإرهاب مجرَّمٌ عند من يؤمن بحق الإنسانية في العيش بسلام، منبوذ عند العقلاء، لا يمكن السكوت عنه أو القبول بمبرراته، مع الإيمان بضرورة وقوف الجميع ضده والتصدي له أنى اتجه. ولذا وطمعًا في حدوث شيء من التوازن فمن العقل ألا نجلد -على الدوام- أنفسنا ونُلبسها الجريمة (وحدها) ونسلِّم ببقاء الظالم في لباس المظلوم. من هنا ينبغي على الديبلوماسية العربية والمثقفين العرب كما يذكر الدكتور فهد العرابي في حسابه على تويتر «ألا تخجل أو تتردد في العمل على تشييد خطاب ثقافي وسياسي وإعلامي جديد يواجه الغرب بجرأة وشجاعة فيضعه أمام مسؤولياته».
وقفة: نرحب في اللجنة الثقافية بالعرضيات التابعة لأدبي جدة بالشاعر الدكتور عبدالرحمن عشماوي في الأمسية التي تقيمها اللجنة الليلةَ بعد صلاة العشاء بقاعة قصر الوسام بحضور محافظ العرضيات الأستاذ عمران الزهراني.