شؤون خليجية-
بالرغم من حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تمتين علاقاتها مع الغرب، خاصة أمريكا وبريطانيا، إلا أن وسائل الإعلام في تلك الدول قد شنت خلال الفترة الماضية، حملة على الحكومة الإماراتية، وذلك على خلفية تدخلاتها في القضايا الحساسة التي تمس المصالح الغربية في المنطقة خاصة في ليبيا، ووقوفها إلى صف أحد فصائل الصراع على حساب الفصائل الأخرى، وتوجيهها لمبعوث الأمم المتحدة برنارد ليون بالطريقة التي تضر بعملية السلام في ليبيا، هذا فضلًا عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية لبعض الدول الغربية خاصة بريطانيا، وقيامها بعمل توجيهات خاصة لحكومات تلك الدول، وتهديدها بوقف صفقات أسلحة ومعدات عسكرية ما لم تقم تلك الحكومات بقطع علاقاتها بجماعات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا بجماعة الإخوان المسلمين، التي تكن لها حكومة الإمارات عداء شديدًا، هذا بخلاف الانتقادات الموجهة للإمارات على خلفية انتهاكاتها لحقوق العمال الأجانب، وقيامها بتوجيه انتقادات لاذعة لمنظمات حقوق الإنسان لانتقادها الملف الإماراتي في مجال حقوق الانسان، ما يعني أن الإمارات تحاول استخدام ما تملكه من اموال وأدوات ضغط لاجبار قوى عظمي في العالم للرضوخ لرغباتها، وهو ما يبدو أن تلك الدول لا تقبله وتحاول إعادة الإمارات لحجمها الحقيقي، حفاظًا على دور ومكانة تلك الدول، والحيلولة بين الإمارات وتهديد مصالح تلك الدول في المنطقة.
أسباب الاتهامات ومدلولاتها
منذ اندلاع ثورات الربيع العربي والإمارات تقف صفاً واحداً مع دول الغرب وعلى رأسها القوى المهيمنة في العالم، من أجل القضاء على تلك الثورات وإعادة إنتاج الأنظمة الاستبدادية من جديد، وهو ما نجحوا فيه بشكل كبير باستخدام الأموال الخليجية، خاصة الإماراتية التي تدفقت على النخب السياسية المعارضة وعلى وسائل الإعلام، التي عملت على تشويه صورة تلك الثورات واتهام القائمين عليها بالعمالة والعمل على تقويض أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، وقد صارت العلاقات في مسار جيد لفترة طويلة، إلا أن سرعة انهيار دول الربيع العربي، قد أشعرت النظام الإماراتي بأنه أقوى الأنظمة العربية الموجودة في المنطقة، وبالتالي يحق له تشكيل مستقبل الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، ومن ثم عملت الإمارات على تبوء دور الريادة، خاصة بعد تراجع الدور القطري وانغماس النظام السعودي في آتون الحرب الدائرة في اليمن.
وقد اعتبرت الإمارات أنه بناء على ما قامت به من أدوار مؤثرة في دول الربيع العربي، يحق لها أن تستمر في ممارسة هذا الدور وفقًا لمصالحها، حتى ولو كان ذلك على خلاف هوى ورؤى شركائها الإقليميين والغربيين في المنطقة، ما جعلها تشن حملة جوية على ليبيا دون تنسيق مع الولايات المتحدة، التي سارعت وحملت الإمارات مسؤولية تلك الحملة، الأمر الذي مثل صدمة للجماهير العربية، التي لم تكن تتوقع أن يصل الأمر بالإمارات العاجزة عن تحرير جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران، إلى التدخل بهذا الشكل والتسبب في مقتل الشعب الليبي، من خلال دعم أحد الأطراف على حساب الأطراف الأخرى.
يضاف إلى ذلك المحاولات الإماراتية الخاصة بالضغط على الحكومة البريطانية لتمرير التقارير الخاصة بإدانة جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها جماعة إرهابية لتضييق الخناق عليها، وحصارها بالكامل داخل وخارج المنطقة العربية، خاصة وأن للإخوان في بريطانيا وجودًا قويًا، يسهم بشكل كبير في استمرار بقاء الجماعة وتصديها لمحاولات محو وجودها.
وفي هذا الصدد أكدت جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن رسائل البريد الإلكتروني المسربة التي كشفت العلاقة بين دولة الإمارات والمبعوث الدولي بيرناندو ليون، يمكن أن تهدد محادثات السلام برمتها في ليبيا، حيث فضحت المراسلات الأنشطة التي تقوم بها أبوظبي في ليبيا، ومحاولاتها التأثير على سير الأحداث على الأرض، وسير المفاوضات في الإطار السياسي.
فحسب التقرير الذي كتبه "دافيد كيركباتريك" في صحيفة النيويورك تايمز، ساعدت الإمارات على إذكاء نيران الاقتتال في ليبيا، بالرغم من إصرار دبلوماسييها على الزعم بأنهم يدعمون التوصل إلى حل سلمي.
ففي إيميل مؤرخ في الرابع من أغسطس، أشار الدبلوماسي الإماراتي أحمد القاسمي، في خطاب موجه إلى "لانا نسيبه" سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، إلى أن الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن الإمارات العربية المتحدة انتهكت قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بليبيا ولا تزال تنتهكه.
وأشارت الصحف الغربية التي وصفت السياسة الخارجية الإماراتية بـ"العضلنجية"، إلى أن الاندفاع الإماراتي قاد إلى معارك بالوكالة مع الدولة الخليجية المجاورة، في تنافس محموم على النفوذ.
وقد أقر الدبلوماسيون الإماراتيون صراحة في الإيميلات المسربة، بأن حكومتهم كانت تشحن الأسلحة إلى حلفائها الليبيين في انتهاك صارخ للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة– وهي السياسة التي، كما يقولون، تتم بأوامر مباشرة من "مستوى رئاسة الدولة"– ويقرون أيضًا بأنهم كانوا ينهجون استراتيجية الهدف منها إخفاء شحنات السلاح عن لجنة الرصد والرقابة التابعة للأمم المتحدة.
وفي إيميلات مسربة أخرى، نشرت في صحيفة الغارديان، تبين أنه بينما كان السيد ليون يعكف على صياغة مسودة الاتفاقية، كان الإماراتيون بصدد توظيف السيد ليون كمدير عام لأكاديمية الإمارات الدبلوماسية براتب شهري قدره خمسين ألف دولار، مما دفع الليبيين المنحازين إلى الفصائل المعارضة للإماراتيين، إلى الغضب واتهام السيد ليون بالانحياز والمحاباة، مما سلط شكوكًا حول دور الأمم المتحدة في ليبيا.
وقد أدت السياسات الاماراتية الأحادية لإثارة غضب الولايات المتحدة، التي اتهمت السلطات الإماراتية بانتهاك القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمم المتحدة، حيث يشير إيميل مؤرخ بـ الـ30 من سبتمبر، إلى ملاحظات دبلوماسية رسمية سلمها إيثان إيه غولدريتش، نائب رئيس هيئة السفارة الأمريكية في أبو ظبي. إلى أن المسؤولين الأمريكان يشكون على الأقل من أن الإماراتيين ينتهكون الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكم بالصواريخ، وذلك من خلال تزويد مصر بطائرات مراقبة من غير طيار من نوع يونايتيد 40، والتي تصنعها شركة أدكوم التي تتخذ من أبو ظبي مقرًا لها.
وحذر الأمريكيون أيضًا من أن الشركة الإماراتية نفسها كانت تبيع طائرات بلا طيار لبلدان أخرى خارج نطاق اتفاقيات التحكم بالصواريخ "بما في ذلك روسيا"، وهو الأمر الذي يمكن أن يحفز على فرض عقوبات ويهدد بوقف مبيعات التكنولوجيا الأمريكية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بحسب ما جاء في ملخص مرفق بالإيميلات.
وقد وصلت الأمور إلى درجة لا يمكن السكوت عليها، خاصة بعد قيام الإمارات بإلغاء صفقة لطائرات التايفون التي كانت قد اتفقت عليها مع بريطانيا٬ وهو ما علّقت عليه بريطانيا بإجابات مقتضبة، مشيرة إلى أن الصفقة من قبيل التعامل التجاري، ولا تفسد للود السياسي قضية.
ونظرًا لهذه المواقف وغيرها، شنت الصحف ووسائل الإعلام الغربية وعلى رأسها النيويورك تايمز والإندبندنت حملة على الإمارات، حيث استنكر موقع "ماشبل" الأمريكي في تقرير له، مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في مؤتمر "قمة واشنطن" الذي عقد في البيت الأبيض بمشاركة وفود من 60 دولة مؤخرًا، للتباحث حول "مكافحة الإرهاب"، مؤكدا أن الإمارات تنتهك حقوق الانسان، وذلك حسب أحدث التقارير الصادرة عن منظمة هيومن رايتس ووتش.
وقد سبق ذلك قيام صحيفة "الاندبندنت" بشن حملة على الإمارات، حملت عنوان "لا مكان للإمارات في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن العمالة المهاجرة التي تشكل غالبية السكان تكدح في ظروف أشبه بالعبودية.
وفي الإطار نفسه، نشرت جريدة "ميل أون صنداي" البريطانية تقريرًا مطولًا كشفت فيه عن تعاقد دولة الإمارات العربية مع شركات للعلاقات العامة، بهدف التأثير على السياسيين والرأي العام البريطاني، من خلال إيصال معلومات لصحفيين بريطانيين ليقوموا بدورهم بنشر مقالات في صحف بريطانية، تسعى إلى تشويه دولة قطر وجماعة الإخوان المسلمين وربطهما بالإرهاب.
وأشار التقرير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة– التي تشتهر أكثر ما تشتهر بمنتجعاتها الساحلية في دبي– مولت شبكة سرية تربط بين شخصيات نافذة وقوية في بريطانيا وفي الخليج، وتشتمل هذه الشبكة على بعض أقرب المقربين من دافيد كاميرون، والهدف منها هو صياغة سياسة المملكة المتحدة بحيث تتوافق مع الطموحات السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتظهر الوثائق المسربة التي حصلت عليها هذه الصحيفة، أن حكام دولة الإمارات العربية المتحدة سعوا لتحقيق أهدافهم من خلال إبرام عقد لستة أعوام بقيمة 60 ألف جنيه استرليني شهريًا، مع مؤسسة لوبي (ضغط سياسي) مقرها لندن واسمها "كويلار كونسلتانتس"، لتمرير سياساتها وتفادي أي انتقادات دولية توجه إليها، خاصة فيما يتعلق بمساعيها لريادة المنطقة والإسهام في توجيه سياساتها الخارجية.
توطيد العلاقة بإسرائيل لتفادي الانتقادات الدولية
بالرغم من أن العلاقات الإماراتية بالكيان الصهيوني ليست جديدة، إلا أنها عمدت خلال الفترة الماضية إلى توطيد علاقاتها به، وكأنها تحاول أن ترسل رسالة للأنظمة الغربية، خاصة الأمريكية والبريطانية، بأنها فوق النقد، وأن علاقتها بالكيان هي من توفر لها الحصانة في التعامل مع القوى الغربية، نتيجة لنفوذه الكبير في دوائر صنع القرار الغربية، خاصة الأمريكية، ما يوفر لها سبلًا مختلفة لتقوية العلاقات وتجاوز الخلافات في الرؤى بين الشريكين، مثلما حدث عندما قامت الإمارات بتوجيه ضربة عسكرية في ليبيا دون تنسيق مع الولايات المتحدة.
فحسب صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، تفتتح إسرائيل في اﻷسابيع المقبلة أول بعثة دبلوماسية لها في دولة خليجية هي اﻹمارات العربية المتحدة، وهو ما اعتبرته صحيفة "واشنطن بوست" اﻷمريكية، خطوة كبيرة للكيان الصهيوني.
فالوجود الرسمي الصهيوني في اﻹمارات، حسب الصحيفة، دليل على أن التغيرات التي يشهدها الشرق اﻷوسط يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على العلاقات بين الكيان الصهيوني ودول الخليج والعالم العربي، التي لا تعترف معظمها على الاقل ظاهريًا بالكيان الصهيوني.
وقد شهدت الفترة الماضية تقاربًا غير مسبوق ما بين الإمارات والكيان الصهيوني، وذلك على خلفية الاتفاق النووي الذي وقعته الولايات المتحدة مع إيران، حيث تعاملت الإمارات مع الكيان الصهيوني من منطلق الحكمة السياسية الخاصة بأن "عدو عدوي صديقي"، ما جعلها تتقارب مع الحكومة الصهيونية وتقوم بتطبيع العلاقات معها، خاصة بعد التصريحات الصهيونية، التي عبرت عن امتعاض الحكومة الصهيونية للاتفاق الذي وقعه الرئيس أوباما مع النظام الإيراني لوقف البرنامج النووي الإيراني، مقابل فك الحصار الاقتصادي المفروض على إيران.
إذ صرح وزير البنية التحتية الصهيوني سيلفان شالوم، لصحيفة "جيروزاليم بوست"، بأن الحكومة تسعى منذ فترة لإنشاء بعثة دائمة ﻹسرائيل ضمن أيرينا في أبوظبي.
وأوضح أن أحد العوامل التي ساهمت في افتتاح البعثة وجود أرضية مشتركة بين الكيان والدول العربية، بسبب المعارضة المشتركة للاتفاق النووي الايراني الجديد.
وقد سبق ذلك تقرير نشرته صحيفة "هافنغتون بوست" الإلكترونية، كشف أن السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، يقيم علاقات ودية وثيقة مع السفير الصهيوني هناك، حيث يقول مصدر أمريكي إن "كليهما يتفقان في وجهات النظر بأغلب القضايا"، مشيرًا إلى أن العتيبة الذي كان مقربًا من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد "يعدّ من ألد المعادين للإسلام السياسي".
وبحسب التقرير، فقد أنفقت الإمارات 14.2 مليون دولار خلال العام 2013 وحده، على عدد من شركات العلاقات العامة في واشنطن، بهدف تحسين صورة أبوظبي في الخارج، هذا إضافة إلى مئات الملايين التي تم تقديمها كتبرعات لعدد من المؤسسات.
ويعني ذلك أن الإمارات تحاول استخدام علاقاتها الوطيدة بالكيان الصهيوني كأحد الأوراق الداعمة لمساعيها الخاصة بريادة المنطقة، وتحقيق مشروعها الخاص بالقضاء على جماعات الإسلام السياسي، وتشكيل أنظمة سياسية موالية لها في دول الربيع العربي، دون خوف من نقد الأنظمة الغربية الساعية خلف مصالحها في المنطقة، والتي تعتبر أي تدخل خارجي دون تنسيق حقيقي تهديدًا مباشرًا لمصالح تلك الدول.
الخلاف في الرؤى والتوجهات مع الدول الصديقة
بالرغم من توافق الإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت والدول الخليجية الأخرى، باستثناء قطر، في الرؤى والتوجهات الخاصة بضرورة القضاء على ثورات الربيع العربي، ومنعها من استكمال مراحلها الخاصة بإقامة أنظمة ديموقراطية حقيقية مثل تلك الموجودة في الغرب، إلا أن الفترة الاخيرة قد شهدت تباعدًا كبيرًا في وجهات النظر، خاصة ما بين السعودية والإمارات، إذ تضع الإمارات أمام أعينها قضية واحدة تناضل من أجلها حتى ولو كان ذلك على حساب الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها، ما يجعلها تسهم في الإضرار بأمن المنطقة، وتقوية شوكة أعدائها وخاصة إيران، التي تستفيد كثيرًا من المواقف الإماراتية المعادية لتيار الاسلام السياسي في المنطقة، باعتبار أنه التيار الوحيد الذي يملك مشروعًا مضادًا للمشروع الإيراني، الأمر الذي يؤدي إلى تأخر الإنجاز في العديد من القضايا والأزمات التي تشهدها المنطقة.
وتأتي الأزمة اليمنية على رأس قائمة القضايا التي تشهد خلافًا كبيرًا في وجهات النظر ما بين الشريكين الإماراتي والسعودي، إذ ترفض الإمارات الاعتماد على حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في حسم المعارك ضد جماعة الحوثي في اليمن، وتحاول بدلًا من ذلك الاستعانة بمرتزقة كولومبيين لحسم المعارك على الأرض، وهو ما ترفضه السعودية التي تدفع مبالغ طائلة من أجل حسم تلك الحرب لصالح الشرعية في اليمن، ولا تجد مشكلة في الاستعانة بحزب الإصلاح طالما أن ذلك سيساعد في حسم المعركة، ولا يزال الخلاف بين الدولتين قائمًا، الأمر الذي من شأنه أن يطيل أمد الحرب في اليمن، خاصة وأن تلك الخلافات تستغلها جماعة الحوثي في إعادة التموضع وتكبيد قوات التحالف والثوار والشعب اليمني المسالم خسائر فادحة في الأرواح.
الأمر نفسه بالنسبة للأزمة السورية، فبالرغم من تركيز السعودية على التخلص من النظام السوري بقيادة بشار الأسد، من خلال العمل على دعم المقاومة المسلحة المعتدلة، تقف الإمارات بالمرصاد أمام أي محاولة لدعم القوات الموالية للجماعات السياسية المعارضة، خوفًا من انتمائها السياسي، بل ويصل الأمر بها في بعض الأحيان لدعم النظام السوري، والموافقة على بقائه فترة انتقالية لحين ترتيب الأوضاع واختيار نظام جديد، وهو ما ترفضه السعودية التي ترى أن ذلك هو ما تريده إيران، التي تسعى للإبقاء على نظام بشار الأسد ودعمه مهما كلفها ذلك من تضحيات.
وتعتقد الإمارات أن جماعات الإسلام السياسي، سواء في مصر أو سوريا أو ليبيا خطر يهدد وجودها، فحسب تقرير "لهافنغتون بوست"، تعتبر الإمارات صعود جماعات الإسلام السياسي بل ووجودها أساسًا، خطرًا يتهدد وجود الإمارات، وهذا ما يفسر دعمها ودورها الكبير في القضاء على ثورات الربيع العربي، بالرغم من أن ذلك قد قوى ودعم من إيران وحلفائها في الجوار الخليجي، بل وداخل الدول الخليجية نفسها.
وفي مساعيها تلك تحاول الإمارات أن تقنع الغرب بأنها أقوى حليف لهم في الشرق الأوسط، خاصة في الحرب على الإرهاب وعلى داعش، وأنه لولا الدور الإماراتي لوقعت دول الربيع العربي في أيدي جماعات الإسلام السياسي.
ويعني ذلك أن الإمارات تبذل جهودًا مضنية من أجل جنى ثمار جهودها خلال الفترة الماضية، وبحيث تكون اللاعب الأول والأكبر، ليس فقط في منطقة الخليج، وإنما كذلك خارجها، حتى ولو كان ذلك على حساب مصالح شركائها الاستراتيجية في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يعرضها لمخاطر عظيمة، بل وقد يعجل بسرعة سقوطها دون أن تتمكن حتى من أن تضع قدميها على طريق الريادة، كما سبق وأن فعلت قطر، التي نجحت في أن تختار طريقة مثالية للعب دور على الساحتين الإقليمية والدولية، وأن تنسحب في الوقت المناسب قبل أن يؤدي دورها إلى الإضرار بأمن واستقرار نظامها ومجتمعها المحلي، إذ من الواضح أن الإمارات تسير بلا هوادة ولا رؤية، الأمر الذي قد يجعلها تخسر ليس فقط شركاءها ولكن أيضًا حلفاءها في المنطقة وخارجها، والحملة التي تشنها الصحف الغربية عليها هي البداية فقط.