الرياض السعودية-
لم يعد خافياً على أحد حجم الخطر الذي تشكله قوى الإرهاب والتطرف على المجتمعات وما تحمله من أفكار عدوانية على الأمن والاستقرار، وأمام هذا الواقع الذي أصبح ظاهراً للجميع فإن التحذير من خطره مسؤولية تقع في المقام الأول على كافة المنابر الدعوية والتوعوية والتربوية والإعلامية على مختلف تخصصاتها ووسائلها، إذ لم يعد اليوم أمام هذه المنابر والشخصيات الاعتبارية والاجتماعية إلا أن تمارس واجبها في المزيد من التوعية والتحذير بمخاطر هذه الجماعات الإرهابية وفكرها التكفيري المتطرف الذي يريد أن يجعل من الشباب أدوات محروقة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية من سفك للدماء البريئة والتخريب وتدمير كافة مظاهر الحياة الحضارية والتنموية في بلادنا وغيرها، وزرع بذور الفتنة الطائفية بين مكونات مجتمعنا لإحداث خلخلة في وحدته وزعزعة أمنه وتعكير لصفو حياته.
إن بناء سياسة المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني تجاه التفاعل مع واجبات الوقوف في وجه خطر الإرهاب والتطرف يجب ألا يرتبط برغبات وأهواء ومزاج من يديرونها بل ينبغي أن تكون وفق سياسة مقرّة ومعلومة توجه منسوبي تلك الجهات للعمل بموجبها وليس العكس، اذ يلاحظ أن هناك تفاوتاً في مدى تفاعل بعض الجهات ومنها التعليم العام والتعليم الجامعي، والمنابر الدعوية والإعلامية على مختلف مناشطها، في مدى الالتزام بمسؤولية التوعية والتحذير من الإرهاب والتطرف، وهذا ما يعزز ضرورة أن تكون هناك سياسات مقرّة ومعلومة توجه منسوبي تلك الجهات للعمل بها، ومراقبة مستوى تطبيقها وتنفيذها لتكون مقياساً حقيقياً لمدى تفاعل وانضباط الجهة ومدى العمل بموجبها، ومن ثم محاسبة المقصرين، أو من يتضح أنهم يحملون فكراً لا ينسجم مع تلك الأهداف والسياسات، ومن جانب آخر مكافأة المتميزين والإشادة بهم.
إن قضية محاربة الإرهاب، وتعزيز الإنتماء لهذا الوطن أصبح أمراً حتمياً لا يتحمل التهاون أو التكاسل لحماية الوطن والمواطن من هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تعمل جاهدة من أجل تحقيق أهدافها وطموحاتها الإجرامية عبر استخدام كافة الوسائل التقنية للوصول إلى المستهدفين والتغرير بهم، ومحاولة خلق صورة ذهنية لدى العامة تبرر لهم ارتكاب مثل تلك الجرائم بحق الإنسانية، ومن جهة أخرى تبرز للجميع صوراً من بشاعة العنف في حق من يتعارض مع أهدافها العدوانية، وفي هذا الإطار ينبغي التأكيد مرة أخرى على أن المسؤولية في الرقابة على تلك الجهات لا ينبغي أن تترك لرقابة ذاتية من محيط تلك الجهات، بل يجب أن تكون هناك رقابة من جهة مركزية تشرف وتتابع عمل جميع مؤسسات المجتمع لقياس مدى التفاعل مع هذا الواجب.
لقد أثبتت جهات وشخصيات رسمية كفاءة مشكورة في هذا الجانب ينبغي هنا الإشادة بها وبما قدمته من جهود حثيثة وصادقة في مواجهة الإرهاب والتطرف وتعزيز الانتماء لهذا الوطن ونتطلع للمزيد لمواجهة هذا الخطر..
مؤشر خطير
في البداية قال د. محمد الحصيني - رئيس التربية الوطنية والاجتماعية بوزارة التعليم - أنه يجب علينا أكثر من أي وقت مضى استشعار أهمية الوحدة الوطنية وتعزيز الولاء والانتماء للوطن والقيادة من أجل مكافحة الإرهاب، وأن ما نشاهده من تأثير للفكر الضال أعطانا مؤشراً خطيراً في تنامي الإرهاب وتغلغل هذا الفكر الضال لدى بعض الناشئة من صغار السن على الرغم من جهود محاربة الإرهاب، واحتلالها الريادة في مكافحته حتى أصبحت محل ثقة العالم وتقديره بشهادة الأمم المتحدة، مؤكداً بأن هذه الجهود ستظل مبتورة إن لم تجد الدعم والمشاركة المجتمعية وبعض جهات الاختصاص لمحاربته من جذوره، ولفت د.الحصيني لبعض الجهود التي تقوم بها وزارة التعليم من أجل مكافحة الغلو والتطرف لدى المجتمع التعليمي، مشيراً إلى تصريح وزير التعليم الذي قال فيه: بأن الوحدة الوطنية الصادقة تتبين بوقوفنا ضد تغلغل الارهاب والتطرف بين أبنائنا، ونرفض اختراقنا ومعاً ضد العابثين ، فالإرهاب لا دين له.
لقاءات فكرية
وأضاف د. الحصيني قائلاً: لعل رعاية وزير التعليم لملتقى الوحدة الوطنية التعليمي الذي عقد في جازان خلال الشهر الماضي الذي تفضل بافتتاحه سمو أمير منطقة جازان أكبر دليل على توجه الوزارة لمحاربة الفكر الضال وتعزيز المواطنة بالميدان التعليمي، ولفت إلى ما قام به قسم التربية الوطنية والاجتماعية بالوزارة خلال هذا العام بعقد عدة ملتقيات تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية ومنها لقاء التربية الوطنية بالقصيم في الفصل الدراسي الأول والمعنون (بدور الميدان التربوي لتعزيز الولاء والأنتماء للوطن والقيادة) شارك فيه أكثر من 200 مشرف تربوي ومشرفة من الميدان التربوي، وبمشاركة عدد من مثقفي الوطن ورجال الفكر المهتمين بالشأن الوطني من وزارة الداخلية ومجلس الشورى ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وبعض رؤساء تحرير الصحف السعودية وخرج المجتمعون بتوصيات تعزز اللحمة الوطنية، كما أشار إلى عقد لقاء مماثل بالمنطقة الشرقية في الفصل الدراسي الثاني والذي تناول سبل تطوير التربية الوطنية والتاريخ الوطني وشارك فيه عدد من رؤساء ورئيسات التربية الوطنية بالمملكة وشارك في اللقاء عدد من أصحاب المعالي والسعادة ومفكري الوطن والمهتمين بالتربية الوطنية والشأن الوطني، وقد قام قسم التربية الوطنية والاجتماعية بأعداد مذكرة تعاون بين الوزارة ودارة الملك عبدالعزيز هدفها تعزيز الهوية والوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن لدى الوزارة خطة عمل مبرمجة من أجل ترسيخ مفهوم المواطنة لدى عقول الناشئة كي لا يكونوا أدوات لأصحاب الفكر الضال، لافتاً إلى أن أبرز ملامح الخطة هو إعداد معلم التربية الوطنية إعداداً يمكنه من العطاء وتأصيل الحس الوطني في نفوس التلاميذ، كما لفت إلى أن قسم التربية الوطنية بالوزارة يعكف حالياً على وضع الإطار العام لمنظومة العمل المشترك لتفعيل مذكرة التعاون مع دارة الملك عبدالعزيز لإعادة صياغة منهج التاريخ الوطني وتجسيد الوحدة الوطنية للطلاب بحيث تكون قيماً وسلوكيات تمارس لتعزيز المواطنة والتعايش، ويقدم بصياغة جديدة للخروج من القراءة التقليدية والسطحية للتاريخ الوطني والنظر من زوايا مختلفة للخروج بطريقة أكثر تعمق لتدريس التاريخ الوطني بأسلوب يتوافق مع معطيات العصر المعزز لمفهوم المواطنة.
جهود ضعيفة
من جانبه قال الشيخ عبدالعزيز الخليفة- إمام وخطيب جامع العساف-: من المؤسف حقاً وأقولها والألم يعتصرني أن بعض جامعاتنا ومدارسنا ومنابرنا وإعلامنا لم يقوموا بواجبهم بحجم ما نحن مستهدفون، وتساءل قائلاً: هل نظمت الجامعات ندوات دورية لشحذ همم الشباب وإشعارهم بواجبهم تجاه دينهم وعقيدتهم ووطنهم وولاة أمرهم، وهل قامت المدارس بتوعية أبنائنا بخطورة ما يراد بهم من وراء تلك الهجمات الشرسة، وهل قام الخطباء ببسط المنهج السليم وكشف تلك الشبهات التي ينخدع بها بعض من قلّ علمهم أو صغر سنهم هل بسطوا ما يتعلق بالجهاد وضوابطه والتكفير وخطورته وما يتعلق بالولاية وحقوقها، أقول: إن وجد ذلك فهو قليل لا يؤدي الغرض المنشود، مؤكداً إننا بحاجة ماسة إلى إصلاح مؤسساتنا ومنابرنا والبحث عن الكوادر ذات الغيرة والتفاني للقيام بما يوجبه علينا ديننا ووطنيتنا حماية للوطن وقياماً بالأمانة حفظ الله علينا أمننا وقيادتنا وكفانا الله شر الأشرار وكيد الكائدين.
محاربة الفكر بالفكر
وقال د.خالد المشعان - رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة حائل-، إن هذه الدولة المباركة نشأت على الإسلام، وشريعتها الإسلام، بقيادة حكيمة رشيدة – حفظها الله ورعاها - ولا شك أنَّ من أوجب الواجبات الحفاظ على هذا البناء المتماسك من الأعداء، و دور المؤسسات التربوية في محاربة الفكر الضال المنحرف دورٌ كبير، والواجب على الأكاديميين والتربويين من أساتذة الجامعات عظيم، مؤكداً بأن من أنجع وأنجح ما يحُارَب به الفكر الضال هو الفكر الصالح البَنَّاء، وأن محاربة الهدم تأتي من خلال أن نبْنِي، متمنياً أن يكون الأستاذ الجامعي والمعلم في الصف أكثر وعيا وحِذْقا، وأن يكون قريباً من طلابه، وأن يكون قدوة لهم في المنهج الوسط الذي لا غلو فيه ولا إجحاف، ولا إفراط ولا تفريط، مرشداً لهم، وموجِّهاً لهم لسلوك منهج النبي وأصحابه، وقال: لا شك ولا ريب أنَّ هذه البلاد مستهدفة من أعدائها، وأن سبب الاستهداف هو تمسكها بالإسلام، وأسهل طريق لاستهدافها هو تسليط أبنائها عليها.
أسباب الانحراف الفكري
وقال: إذا أردنا أن نعالج أي مشكلة فلا بُدَّ من معرفة أسبابها، لافتاً إلى أن من أسباب هذا الانحراف والفكر الضال قِلَّة العلم، ولو نظرنا إلى الغالبية العظمى من أهل الانحراف لوجدنا قلة العلم فيهم ظاهرة، فيجب علينا أن نوجّه الشباب إلى أنواع العلوم التي تنفعهم، دينية أو دنيوية، كما أشار إلى أن عدم الارتباط بأهل العلم من العلماء والمربين يعتبر من أسباب الانحراف الفكري، ولذا تجد أنَّ هؤلاء ليس لهم قدوات إلا مَنْ هم في مثل حكمهم، فاتخذوا رؤوساً جهالاً فضلوا وأضلوا، داعياً العلماء والمربين للقيام بواجبهم في توجيه هؤلاء الشباب، مذكراً بأن النبي يقول: "المؤْمِنُ الذي يخَالِطُ الناس ويَصْبرُ على أَذَاهمْ أَعظَمُ أَجراً منَ الذي لاَ يخَالِطُ الناس ولاَ يَصْبرُ على أَذَاهمْ"، كما أشار د.المشعان إلى خطورة الأجهزة الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي وأنها سلاحٌ ذو حَدَّين، فإن استُخدمت في الخير، وإلا فإنها ستكون مفتاحاً للشر، مؤكداً أن على ربِّ الأسرة، ومعلم الصف، وأستاذ الجامعة أن يتكاتفوا في التوعية من هذا الخطر، بالتوجيه والتربية والحذر والاحتياط.
أسباب الانحراف الفكري
كما أشار إلى أن من أعظم أسباب انحراف الفكر يتمثل في الفراغ، وأنه من أشد ما يؤثّر على النفوس، ويضيّع الشباب، وأن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، لافتاً إلى أن من الأسباب التي أثَّرت على سلوك الشباب هو الفهم الخاطئ لمفهوم الجهاد، فالجهاد لا شك أنَّه ذروة سنام الإسلام، وهو من أفضل ما يتقرب به إلى الله، ولكن له شروطاً يصعب تحققها في هذا العصر، ومن هذه الشروط أن يأذن فيه ولي الأمر، وأن تكون الراية إسلامية، وأن تتحقق المصالح في الجهاد، وتقل المفاسد أو تنعدم.
وأشار د.المشعان أن ما يحدث اليوم مما تفعله الجماعات الإرهابية التي لا تمت للإسلام بصلة من القتل والذبح، والتحريق، وتكفير المسلمين، والغدر بالآمنين، فليس من الجهاد في شيء، بل هم أحقُّ بأن يُجَاهَدوا، وأخيراً يجب على المجتمع أن يتكاتف في محاربة هذا الفكر، ابتداء من الأسرة أبا وأمَّا، ومروراً بالمعلم والمدرسة، وانتهاء بأستاذ الجامعة، لافتاً إلى أنه يجب على الجميع أن يساهم بالبناء، ورقع التصدعات والتشققات، وأنَّ الشَّابَّ والطالب هو محور العملية التربوية، وهو كالكأس إن لم يُملأ بالماء العذب الزلال، وإلا مُلِيء بالسم الزعاف.
توحيد المواجهة
وقال نبيل البدير - مدير عام التوعية الإسلامية بوزارة التعليم - لا يجدي البكاء والنحيب والشعر ولا بلاغة الخطيب حينما نقول العدو أفسد هنا أو دمر هناك، وإنما المجدي أن تعمل مكونات المجتمع خصوصاً رجال التعليم العام والتعليم العالي والدعاة والخطباء والمثقفين ونحوهم على مواجهة موحدة لهذه المنظمات المتطرفة بما تملكه من وحدة في الدين وانتماء وطني صادق، داعياً إلى الالتفاف حول قيادة بلادنا وتوحيد الصف معها والتوعية بأهمية الانتماء الوطني، وترك التفرق في حزبيات دعوية أو سياسية أو التعاطف معها، والعمل على توجيه الشباب ونصحهم بأن بلادنا ولله الحمد مجتمع مسلم متكامل بمؤسساته الدينية والعلمية والاقتصادية والسياسية وغيرها فلا داعي لتنظيم خفي ينظمه ولا متطرف يسيره بل بكامله يجب أن يتآلف ويتحد عملاً بأمر الله تعالى حيث قال: "ولا تفرقوا" فإن ذلك سيجعل زرع المتطرفين خائباً فالأرض الطيبة ليست منبتاً للخبيث.
استثمار التقنية
وقال زايد الطليحي - قائد ثانوية الشورى بالرياض- إن المنظمات الارهابية تستغل وسائل التقنية الحديثة للترويج لأفكارها المتطرفة وتركز علي إنتاج مقاطع الفيديو ذات الجودة العالية الذي يسهل ترويجها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، داعياً إلى مواجهة أفكارهم المتطرفة ونقضها بنفس آلياتهم وجودة انتاجهم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما دعا إلى بث روح الوطنية والحماس ودعم وإبراز ما يقوم به جنودنا البواسل في دفاعهم عن بلادنا، وإبراز ما يقوم به رجال أمننا البواسل من الحفاظ على الأمن وردع المفسدين، أيضاً ابراز المنهج الصحيح والعقيدة الصافية التي قامت عليها هذه الدولة وغرس محبة ملوكها وأمرائها وعلمائها ومنهجهم في نفوس الأجيال، وكذا الحرص على بث روح الوحدة وحماية اللحمة الوطنية وتكذيب الإشاعات المغرضة والرد عليها وبيان الحقيقة عبر نفس الوسائل التي تنشر بها وبنفس جودتها الإنتاجية.
موجة الانحراف الفكري تجتاح العالم
أكد الشيخ عبدالعزيز الخليفة بأن هنالك موجة عاتية من الانحراف الفكري التي تجتاح العالم اليوم، نتج عنها أعمال تهلك الحرث والنسل، والمملكة جزء من هذا العالم نالها ما نالها من هذه الموجة الخبيثة، والمصيبة أن جزءا من ذلك جاء على يد بني جلدتنا ومن يتكلمون بألسنتنا، مؤكداً أنه يتوجب على الجميع أن يقوم بدوره ويؤدي الأمانة المنوطة على عاتقه، لافتاً إلى أننا جميعاً في سفينة واحدة وأن أي خلل يقع لا قدر الله فالضرر سيقع على الجميع، والمسؤولية تتضاعف على المؤسسات التعليمية من المراحل الدنيا حتى أعلى مستوى وكذا منابر الجمعة ومن يقوم بالمحاضرات والدروس من الدعاة والمصلحين وذلك لتحصين شبابنا ومجتمعنا، محذراً من أن الأمة مستهدفة في عقيدتها وفكرها وأمنها وأوطانها، وأن هذا مكمن الخطر، مستشهداً بما قاله الأمير نايف رحمه الله حينما قال: (إن سلامة الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة مرهونة بسلامة فكره ومعتقده، ذلك أن الشخص الذي تزعزعت عقيدته وانحرف فكره سيكون عرضة للتيارات الفكرية الضالة التي تقوده إلى الهلاك والضياع، وتعرض حياته وحياة مجتمعه لمخاطر عديدة، ليست من الإسلام في شيء حينما تؤثر فئة ممن ينتسبون لهذا الدين ولهذه الأمة من أفكار ووجهات منحرفة تخالف سماحة الإسلام وعدله ووسطيته التي نص عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسار عليها السلف الصالح رضوان الله عليهم والتزمت بها المملكة قيادة وشعبا ورفضت ما يخالفها من تلك التكتلات الحزبية وهي التي يكون فيها ولاؤه للحزب أكثر مما يكون للعقيدة الإيمانية التي لاتفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى)،انتهى كلام الأمير نايف.
وقال الخليفة: المصيبة أن وسائل الاستهداف تنوعت وتعددت ومن أشرّها اليوم وسائل التواصل التي غزت الصغير والكبير وتحمل من الغث والشُبه والبلاء الشيء الكبير سواء على شكل مقاطع مهيجة أو إشاعات مغرضة أوسلبيات مفتعلة أو مضخمة أونصوص شرعية يتم تأويلها لصالح أصحاب تلك الأفكار المنحرفة، فإذا صادف ذلك عدم وعي وغفلة من المؤسسات المدنية ومن المربين والمصلحين والمنابر تحول غالب أولئك إلى قنابل موقوتة يصطلي المجتمع بنارها والمستهدف في الغالب هم شريحة الشباب ولا يستبعد أن يكون وراء هذا الاستهداف أيدٍ وقوى خارجية معادية حبكت خططها بشكل خبيث يكون لها جاذبية ومغناطيسية مما يتوجب علينا أن نهتم بحربهم بمثل سلاحهم أو أقوى، مؤكداً بأننا ولله الحمد نمتلك طاقات وإمكانيات وعزيمة يجب تسخيرها ضد هذه الهجمات.
التحصين وحماية العقول
من جانبه قال د. فهد المثيب -وكيل كلية التربية للدراسات العليا والبحث العلمي وعضو إدارة الأمن الفكري بجامعة حائل- من الملاحظ أن الفكر المتطرف يستهدف في الغالب فئة الشباب عبر وسائله المتنوعة، وهذا ما يجعل الحاجة ماسة لحماية عقول الشباب من الانحراف الذي يولد التطرف وذلك عبر البرامج التوعوية المتنوعة التي تستهدف هذه الفئة بالتوجيه والإرشاد بهدف التحصين، مؤكداً بأن التحصين يأتي في المرتبة الأولى وذلك لأهميته قبل أن يقع الشاب في هذا الفكر الضال حيث إن التحصين أهم وأسهل من العلاج، لافتاً إلى أنه متى ما تم تحصين الفكر لدى الشباب عرفوا مخططات تلك التنظيمات الضالة فكريا وعقائديا، كما دعا إلى عدم إغفال الجانب الحواري، وكشف الشبهات التي ربما تعلق في أذهان البعض من الشباب، وأن هذا ما يجب القيام به من قبل العلماء وأهل الاختصاص وذلك بتفكيك الخطابات المضللة وتعريتها وبيان مخالفتها لمنهج الإسلام الحقيقي، وقال: ينبغي على وسائل الإعلام بشتى أنواعها أن تقوم بدورها تجاه فئة الشباب، كما ينبغي أن يضطلع الإعلاميون والمرشدون والمربون بدور فاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في توعية الشباب وتحصين أفكارهم، لافتاً إلى أن ما يتلقاه الشباب عبر تلك الوسائل ربما يكون أكثر تأثيرا مما يتلقونه من والديهم ومعلميهم، وهذا ما يحتم على المؤسسات الحكومية والأهلية القيام بدور فاعل في مواجهة هذا الفكر المتطرف وتقديم البرامج المتنوعة والهادفة في التوعية والتحصين للوصول لمجتمع آمن فكريا وإيجاد مواطن صالح يحافظ على قيمه ويحمي وطنه ويدافع عنه.