تواصل » صحف ومجلات

كلنا ضد الإرهاب.. ولكن..

في 2015/12/05

د. هيا عبد العزيز المنيع- الرياض السعودية-

لو سألت أي إنسان في أي بلد من العالم هل انت مع او ضد الارهاب لقال لك وبدون تفكير ضد الارهاب.. بل وسيضيف من عنده أنه ضد العنف.. ضد الكراهية.. ضد الاقصاء.. بمعنى أن الانسان بطبيعته في الظاهر ضد الاساءة للآخرين ولكن حين تأتي لتحليل أفعال هؤلاء تجد حقيقة القناعات في ممارساتهم وسلوكياتهم.. حيث تجد بعض هؤلاء لايقوم بالعمل الارهابي سلوكا دمويا ولكنه يقوم به مغذيا للفكر المتشدد والمتطرف وداعما له من خلال البحث عن مبررات تلك الممارسات وإعادتها لمسببات وكأنه يسعى لمسوغات قبول مجتمعية لهؤلاء الأشرار.

في هذا الاطار نجد أن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات تضررا من الارهاب حيث عانى منه عبر عمليات نالت من اهلنا ومن اخوتنا واصدقائنا المقيمين معنا.. والغريب أن هؤلاء كانوا يزعمون أنهم مجاهدون وواقع عملياتهم يؤكد أنهم مجرمون بكل دلالات هذه الكلمة حيث قتلهم المدنيين ولم يفصل بين ضحاياهم والمسجد الا امتار قليلة هذا قبل أن تتطور اعمالهم الاجرامية وتصبح في عقر بيوت الله حيث الركّع السجّد..

هذا الضرر جعل المواطن السعودي من أكثر المطالبين بمعاقبة هؤلاء اشد العقوبات لإدراكهم يقينا أنهم لا يمثلون الاسلام بشيء وأيضا لوقوع الضرر عليهم ولأنهم يرون أن القائمين بالقتل والارهاب في مجتمعهم هم من كانوا يشاركوننا مدارسنا وجيرتنا وربما طعامنا ولكن تم تحويلهم من مواطنين يشاركون في البناء والتنمية الى قنابل وأحزمة ناسفة تقتل الجار والقريب والمصلي والطفل بنفس الجبروت وبنفس القسوة والاهداف بعد تغذيتهم وبشكل ممنهج ومنظم بفكر التطرف وثقافة العنف وسلبهم إرادتهم وتحويلهم لمجرد قنابل بشرية تروع الآمنين.

مواجهة الارهاب بقبضة أمنية قوية كانت ومازالت هي رهاننا الوطني الدائم ولكن الأمر لا يكفي حيث لابد من اجتثاث جذور الارهاب بردم المستنقعات وتجفيف مصادر التمويل المالي والفكري.. ويمكن اعتبار تنفيذ التوجيه السامي الصادر192 1432 ه هذه الايام بسحب بعض الكتب الممنوعة من المدارس بناء على ملاحظات لوزارة الداخلية عليها لتبني مؤلفي تلك الكتب لفكر مخالف ومحرض ومهيأة للتشويش سواء أكان ذلك بقبول الاهداء ام الاجتهاد الشخصي او التبرع وخلافه من المصادر التي يمكن أن تزود المدرسة بتلك الكتب حسبما جاء في مسوغات التوجيه..

وبهذا القرار نردم احد منابع الوصول لفكر الشباب والتأثير فيهم سلبا.

تلك الخطوة تمثل حراكاً ايجابياً من إحدى مؤسسات المجتمع في مواجهة الارهاب وتتكامل مع جهود رجال الأمن في وزارة الداخلية التي تقوم بجهد مضاعف في مواجهة هذا الطوفان.. المجتمع بكل شرائحه ينتظر من كافة المؤسسات الحكومية القيام بدورها في الاجتثاث.. لن اقف عند تأخر تنفيذ القرار ولكن يهمني كمواطنة وأم أن يتم التنفيذ بقوة ومتابعة دقيقة من المسؤولين ومعاقبة من يخترقه أو يتهاون في تنفيذه أو يتعامل معه بلا مبالاة.. فأمن الوطن وسلامة المواطن يتطلبان مواجهة عامة وأن يصاحب ذلك متابعة اجتثاث المنهج الخفي في مؤسساتنا التعليمية وإحالة من يتبنى فكر التشدد من المعلمين للتقاعد او العمل الاداري حسب عمره وعمق ثقافة التشدد لديه دون مجاملة أو تردد فحجب الكتب وبقاء الرؤوس الحاملة لفكر التشدد لن يحققا الهدف بالمستوى الذي نريده لصالح الوطن وسلامة أمنه ونموه وضرب الارهاب في مراحل تكوينه.