علي سعد الموسى- الوطن السعودية-
وفي مرة نادرة، سأعترف لكم أنني انتظرت لأكثر من نصف ساعة كي أكتب الجملة الرئيسية الأولى لهذا المقال، وهي في العادة لا تأخذ من وقتي بضع ثوان شاردة. الجملة باختصار هي ردة الفعل الجماهيرية عندما نكتب عن شيخ أو عالم أو طالب علم أو حتى زميل حرف أخذته (التحولات) وضرورة المرحلة إلى شيء يشبه (ما يطلبه المستمعون). هنا بعض الأمثلة:
عندما كتبت مقالي مطلع الأسبوع عن (الجني الرافضي) الذي تحدث عنه فضيلة الشيخ الدكتور محمد العريفي، في (نقل) تاريخي عن الإمام عامر بن شراحيل الشعبي، تحول جوالي إلى آلة سب وقذف وشتم. كنت في غاية الدهشة لأن جوهر المقال ورسالته ليسا بأكثر من تنبيه للشيخ العريفي إلى التثبت من حقائق التاريخ لأن الإمام الشعبي، رحمه الله، عاش ومات قبل قرن كامل من ظهور مصطلح (الرافضة) على يد الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين. كنت أريد تنبيه فضيلة الشيخ أن محصول (الرز) دخل هذه الجزيرة مطلع القرن ما قبل الماضي على ظهر بواخر حجاج إندونيسيا، وبالوثائق، فكيف للإمام الشعبي أن يأكله مع جني رافضي في نصف القرن الأول من الهجرة.
في المقال الثاني، أعدت ما قبل البارحة (رتويت) مقال الصديق العزيز، قينان الغامدي، عن الصديق الأثير جمال خاشقجي. وعلى مقولة عادل إمام (وهات يا شتيمة). وكل الغرابة وذروة الدهشة أن الأخ العزيز، أبا صلاح، قد تحول في وجهة نظر هؤلاء إلى ما يشبه (صاحب الفضيلة) لأنه في مقالاته الأخيرة يدغدغ مشاعر حركة الإخوان، وأيضا رجب طيب إردوغان. هو نفسه، جمال خاشقجي، الذي كان يتلقى من هذه (الجوقة) أقذع الشتائم والتهم يوم كان رأس تحرير هذه (الوطن) ويوم كانوا يكتبون ضده أشد البيانات، ويوم أن قال عنه أحد رموزهم (إنه رأس حركة التغريب في هذا البلد). ولن أسمح لأحد ما أن يدخل في العلاقة الشخصية فيما بين (أبي صلاح) وبيني، وهنا سأدلف للمثال الثالث:
عندما ظهر أستاذنا الكبير، فهد العرابي الحارثي في الحلقة التلفزيونية مع (عبدالله المديفر) وأعلن انحيازه لحركة الإخوان المسلمين كتبت مقالي عن توبة خاطئة لنهايات المرحلة. ومرة أخرى (هات يا شتم) حين تدافع كل هؤلاء لمباركة (أبي محمد) وكأنه أصبح مستشار المرشد العام للجماعة ثم نسوا كل تاريخهم معه يوم كانوا يتدافعون زرافات ووحدانا بصفته العقل المؤسس لمنهج صحيفة (الوثن) ورأس هرم الليبرالية والعلمانية في هذا الوطن.
أختم بسطر أرجو ألا يقرأه سوى الأخ جمال خاشقجي: لقد اخترت اسمك ولقبك الجديد في العنوان بعاليه كي يدخل للمقال أكبر قدر ممكن من القراء. أنت تعرف أيضا أنك، وبفضلهم، تركت "الوطن" لمرتين.