شؤون خليجية -
المملكة السعودية هي السوق الأولى بالنسبة للسلاح الفرنسي، وغالبية الأسطول البحري يأتي من فرنسا، إضافة إلى العديد من أسلحة المدفعية والصواريخ التي يمتلكها الحرس الوطني للدفاع الجوي، وهو ما قد يجبر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، على تغيير رؤساء شركات الأسلحة لإرضاء المملكة والحفاظ عليها كمشتر أول ومصدر دخل بارز لها.
ضغوط سعودية على فرنسا
كشف المغرد السعودي "مجتهد" في تغريدات له أمس، عن احتمالية خضوع فرانسوا هولاند لضغوط الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع وولي ولي العهد، وإقالة رئيس شركة أوداس التي تدير صادرات السلاح.
وذكر بما قاله في تغريدات سابقه له بأن فرنسا أجرت تعديلات في نظام شركة أوداس، التي تدير صادرات السلاح نزولًا عند رغبة "بن سلمان"، لأن نظامها السابق يحد من الفساد.
وقال "مجتهد": إن "بن سلمان" لم يكتف بهذا التعديل، بل أبدى امتعاضه من عدم أريحية رئيس الشركة إدوارد غوليد، الذي يرفض ترتيب الصفقات على أساس علاقات شخصية.
وتوقع أن يخضع الرئيس الفرنسي للضغط ويقيل إدوارد غيلود، ويعين رئيس جهاز المخابرات العسكرية السابق مارن غيليه، الذي يتقن إرضاء أمراء الخليج.
صفقات تسليح فرنسية بـ50 مليار دولار
وكان رئيس الوزراء الفرنسي "مانويل فالس" قد زار المملكة السعودية في أكتوبر الماضي، بصحبة وزير دفاعه، وشمل برنامجه على إتمام صفقات بلغت التكلفة الكلية للصفقات ٥٠ مليار دولار.
وأوضح "مجتهد" في تغريدات له في 12 أكتوبر الماضي، أن الصفقة اشتملت على فرقاطات وزوارق سريعة وأقمار استطلاع وطائرات بدون طيار وغيرها، مشيرًا إلى أن فرنسا وافقت على التقسيط "مراعاة" لوضع المملكة الاقتصادي بعد هبوط أسعار النفط، ومددت الاستحقاق إلى ٣ سنوات بعد إضافة فائدة ربوية كبيرة.
وأشار إلى أن "بن سلمان" اختار فرنسا بدلًا من أمريكا وبريطانيا وألمانيا، لأن نظامها يسمح بالعمولات الضخمة دون تدقيق، وما يغطيها من السرية والمناعة من المحاسبة، قائلًا: "ومن عجائب الزمن أن فرنسا أعادت هيكلة شركة الصادرات العسكرية الفرنسية (أوداس) إكرامًا لعيون بن سلمان، لأن نظامها يطيل إجراءات البيع ويعقدها".
تهديد سعودي ترضخ له فرنسا
وبين "المغرد السعودي" أن شركة "أوداس" مؤسسة لا يمكن أن تعقد صفقة عسكرية للخارج إلا من خلالها، وذلك منعًا للاحتكار والفوضى والتنافس غير الشريف بين شركات السلاح في فرنسا، موضحًا أن "بن سلمان" لاقى صعوبة في تمرير صفقاته بالسرعة المطلوبة، بسبب إجراءات "أوداس" البطيئة، فهدد بترك فرنسا، فجرى إرضاؤه بإعادة هيكلة الشركة.
وأشار إلى أن "بن سلمان" مستمر في النهب بصفقات فلكية بلغت ١٧٥ مليار ريال، في الوقت الذي يوجه الملك سلمان بن عبدالعزيز، رسالة للمالية بإجراءات تقشفية قاسية، لافتًا إلى أن نصيب حرب اليمن من هذه الصفقات ٥ % فقط، أما الباقي فليس إلا مظلة للسرقة، حيث إن التكلفة الحقيقية لا تزيد على ربع هذا المبلغ.
وقال "مجتهد" إن مصادره في وزارة الدفاع أكدت أن من ١٠٠- ٢٠٠ مليار ريال أخرى ستضاف إلى صفقة، وهي تكلفة التخزين والتشغيل والصيانة والتدريب وقطع الغيار والخدمات المساندة.
التسليح إحدى وسائل نهب المملكة
وسبق أن أوضح "مجتهد" أن سياسة "بن سلمان" الاقتصادية تتمثل في استخدام كل الوسائل لنهب مقدرات البلد له شخصيًا، واستعادة ذلك من جيب المواطن، موضحًا وسائل النهب بـ"حساب الديوان اليومي (١٨ مليار سنويًا) حساب الديوان الخاص (مفتوح بلا حدود) وصفقات السلاح، وتوسعة الحرمين، والمرصود للإسكان، وغيرها".
وفي 21 نوفمبر الماضي، أشار "مجتهد" إلى أن اختراعات مستشاري محمد بن سلمان لا تتوقف، وآخر اختراع صفقات أقمار صناعية، لأن فيها برستيج واستعراض يبرر المبالغ الطائلة التي ستنهب من خلالها، لافتًا إلى وجود مفاوضات مع الفرنسيين في مراحلها الأخيرة، لبيع منظومة أقمار صناعية يكون السعر كما لو تم بيع كامل المنظومة، وفي حقيقتها بيع جزء من الخدمات فقط.
وأشار إلى أن "بن سلمان" نجح بإقناع الفرنسيين باستثناء السعودية من شروط مؤسسة أوداس، التي تنظم صفقات السلاح والتقنية حتى يسترخي في الفساد، موضحًا أن الفرنسيين وضعوا هذه المؤسسة لتنظيم الصادرات الفرنسية حتى تمنع الاحتكار والفساد، فاحتج بن سلمان عليها عند هولاند فوافق على استثناء السعودية.
وبين أن فريق "بن سلمان" التجاري يقوم حاليًا بإنشاء شركة يملكها بن سلمان لتنسيق المهمة بين عدة جهات حكومية، ثم تتعاقد مع الفرنسيين باسم هذه الجهات.
أسرار صفقات التسليح
وعن أسرار صفقات التسليح الفرنسية للسعودية، التي توالت عقب زيارة "بن سلمان" إلى باريس في بداية سبتمبر الماضي، كشفت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن الزيارة لها أهمية خاصة لمُصنّعِي السلاح الفرنسيين، مثل شركتي (DCNS) و(MBDA) وهي مجموعة صناعية عالمية تغطي نشاطاتها قطاعي الفضاء والدفاع، وشركة (THALES) المتخصصة في صناعة الطائرات الحربية والمدنية، وهي شريك رئيسي في صنع الطائرات العالمية مثل (Airbus ،ATR ،Boeing)، إضافة إلى "الشركة الاستشارية للدفاع الدولية" (DCI) المتخصصة في تكنولوجيا معلومات الدفاع.
السعودية تسترضي روسيا وأمريكا
ويبدو أن "بن سلمان" يتبع سياسة شراء القرارات بمزيد من صفقات التسليح مع الغرب، حيث كشف "مجتهد" مطلع ديسمبر الجاري، أن "بن سلمان" يواصل السعي لإرضاء روسيا، ولم يتوقف ذلك عند صندوق الاستثمار المشترك بـ ٤ مليارات دولار، بل تجري مفاوضات مستعجلة لتنفيع روسيا بصفقة سلاح ضخمة.
وأشار إلى أن "بن سلمان" يظن أن إرضاء الروس سيمكنه من تعاونهم في سيطرته على الجماعات المقاتلة في سوريا، التي يعقد لها مؤتمرًا في الرياض الآن.
فيما كان مراقبون قد وصفوا صفقات السلاح التي تتم بين المملكة العربية السعودية وأمريكا، بأنها رشوة يدفعها آل سعود بين الحين والآخر للإبقاء على الود الأمريكي تجاههم، خصوصًا بعد حركة الشعوب العربية ضد الطغاة الدكتاتوريين، ويخشى آل سعود من تقارب أمريكي - إيراني محتمل، ويعتقدون أن إرضاء المصالح الأمريكية سيعزز من بقائهم أطول فترة ممكنة.